السعادة ليست في وفرة المال ولا سيطرة الجاه ولا كثرة الولد ولا نيل المنفعة ولا في العلم المادي , السعادة عند المؤمن شيء معنوي لا يرى بالعين ولا يقاس بالكم ولا تحتويه الخزائن ولا يشترى بالدينار أو الدولار , السعادة شيء يشعر به الإنسان بين جوانحه ، وفي مشاعره وداخل قلبه ..انها صفاء نفس وطمأنينة قلب وانشراح صدر وراحة ضمير , إنها شيء ينبع من داخل الإنسان ولا يستورد من خارجه.. إنه الإيمان بالله انه الصلة بالله انه اليقين في الله بأن النصر آت مهما غاب وان الفرج قريب مهما بعد وان كشف البر بيد الله وحده وان طريق الخير مع الله تعالى كيف؟ .." وَإِن يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ ? وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلَا رَادَّ لِفَضْلِهِ ? يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ? وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ " يونس المؤمن لن يتحقق إيمانه ولن يشعر بالسعادة الا إذا علم تمام العلم أن ما أصابه لم يكن ليخطئه وما أخطأه لم يكن ليصيبه.... كيف؟!! حدثوا أن زوجا غاضب زوجته فقال لها متوعداً لأشقينك قالت الزوجة في هدوء لا تستطيع أن تشقيني , كما لا تملك أن تؤذيني فقال في حنق كيف لا أستطيع فقالت في ثقة: لو كانت السعادة في راتب لقطعته عني أو زينة من الحلي منعتني منها ولكن هي في شيء لا تملكه أنت ولا الناس أجمعون فقال الزوج في دهشة وما هو.؟ قالت الزوجة المؤمنة الواثقة " إني أجد سعادتي فى إيماني وإيماني في قلبي وقلبي لا سلطان عليه غير ربي" .. نعم سعادة لا يملك إنسان أن يعطيها ولا يملك كذلك مهما كان أن يمنعها ممن أوتيها.... هذه رحمة إلهية ونعمة ربانية وسعادة أبدية …. " ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له من بعده وهو العزيز الحكيم " فاطر حينما تؤمن إيماناً قطعياً أن المعطي هو الله ، والمانع هو الله ، والخافض هو الله ، والرافع هو الله ، والمعز هو الله ، والمذل هو الله تكون مؤمناً حقا ، عندئذٍ لا تتوجه إلا إلى الله ، ولا تعبأ بغير الله . " قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ وَتَنْزِعُ الْمُلْكَ مِمَّنْ تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَنْ تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَنْ تَشَاءُ بِيَدِكَ الْخَيْرُ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير " ال عمران ٌ ها هم سحرة فرعون يخاطبون جبار الأرض . " فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا " طه وقالوا : ة لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَات " طه جباراً كبيرا يواجههم ً ولولا اعتقادهم أن الله بيده كل شيء ما قالوا هذا الكلام . لن تذوق طعم الإيمان ولن تقطف ثمار الإحسان إلا إذا كنت موحداً: كيف؟ " قَالُوا لَنْ نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هَذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * إِنَّا آَمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ مِنَ السِّحْرِ وَاللَّهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى " سورة طه عزيزي القارئ : لن تذوق طعم الإيمان إلا إذا كنت موحداً ، ولن تقطف ثماره إلا إذا كنت موحداً ، ولن تكون صادقاً معه إلا إذا كنت موحداً ، ولن تكون من منجاة من النفاق إلا إذا كنت موحداً . " وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير. " كل طموحاتك ، وكل آمالك ، وكل أحلامك الله عز وجل قدير على تحقيقها ، وكل مخاوفك الله عز وجل قدير على أن ينجيك منها . فمن الذي اختار لك هذا الأسلوب من الحياة؟ من الذي اختار لك ما أنت فيه؟ أليس هو الرحمن الرحيم.؟!! أليس هو اللطيف الخبير…. " يخلق مايشاء ويختار " " وكان امر الله قدرا مقدورا " انظر الى القصص في القرآن الكريم تجدها معبرة جداً ساقها الله لتكون دروساً لنا : مثلا: حينما يصبح الأمل صفراً ، فرعون من ورائهم ، والبحر من أمامهم ، فرعون بقوته ، وجبروته ، وجنوده ، وأسلحته ، وحقده ، و شرذمة قليلون مع سيدنا موسى ، البحر أمامهم ، وفرعون وراءهم ، وقالوا : " إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ " الشعراء سيدنا يونس وهو في بطن الحوت: " فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِين " الأنبياء سيدنا رسول الله في الغار ، عَنْ أَنَسٍ عَنْ أَبِي بَكْرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قُلْتُ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا فِي الْغَارِ : لَوْ أَنَّ أَحَدَهُمْ نَظَرَ تَحْتَ قَدَمَيْهِ لَأَبْصَرَنَا ، فَقَالَ : مَا ظَنُّكَ يَا أَبَا بَكْرٍ بِاثْنَيْنِ اللَّهُ ثَالِثُهُمَا ؟ متفق عليه عَنْ أَنَسٍ أهل الكهف في الكهف . إبراهيم في النار . " يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ " الأنبياء سيدنا يوسف في البئر ، في الجب ، هذه القصص ليست لأخذ العلم ، أو المعرفة الماضي ، ولكن هذه القصص إنما ساقها الله في القرآن الكريم لتكون دروساً لنا ، ليس إلا الله المعطي ، هو المانع ، هو الخافض ، هو الرافع ، هو المعز ، هو المذل ، هو الضار ، هو النافع. علما بأن كل ما يساق لنا في الدنيا مسٌ أي حالة مخففة جداً من عذاب الله تعالى يوم القيامة : " وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ " ما معنى. " وَإِنْ يَمْسَسْكَ " ؟ لاحظ نفسك حينما يتم توصيل المكواة بالكهرباء ، ثم تحب أن تمتحن جاهزيتها ، ماذا تفعل ؟ تضع على لسانك شيئاً من لعابك ، وتمس المكواة لأقل وقت ممكن ، وأضيق مساحة ممكنة ، هذا هو المس . هذا الذي يحيط بنا ويحدث من حولنا من اوجاع ، من مكائد وخداع، من الام واحزان، هو في حقيقته مس، و كل ما يساق لنا في الدنيا - من لطف الله - مس ، أي حالة مخففة جداً : " وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرّ " مرض ايوب كم كان؟ كان عظيما لكن القرآن سجل له هذا النداء في سورة الأنبياء : وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى? رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ " لذلك كان الجواب الالهي سريعا وشافيا " فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِن ضُرٍّ ? وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنْ عِندِنَا وَذِكْرَى? لِلْعَابِدِين " ليس له وحده بل لكل من سلك مسلكه…. بل أثنى عليه ربه في قوله تعالى " وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثًا فَاضْرِب بِّهِ وَلَا تَحْنَثْ ? إِنَّا وَجَدْنَاهُ صَابِرًا ? نِّعْمَ الْعَبْدُ ? إِنَّهُ أَوَّابٌَ " سورة ص حينما تضع أملك في زيد أو عبيد ، حينما تعتمد على مالك ، حينما تعتمد على مكانتك ، علي راتبك علي وظيفتك فهذا نوع من الشرك . الإنسان لضعف توحيده وقلة يقينه يبحث عن جهات أرضية يظن انها قوية تعطيه الأمان ، نعم قد تكون جهة آمنة ، لكنها لوقت محدود ثم تخذله ، الشيء الذي اعتمد عليه يزلزله ، الجهة التي وثق بها تخيب ظنه ، أما الجهة القوية، أما الجهة الباقية، أما الركن الشديد، مع الله وعند الله كيف؟ " واليه يرجع الامر كله فاعبده وتوكل عليه " هود اليقين فيما عند الله قمة العبادة، والقناعة بعطاء الله قمة الريادة ، والرضا بقضاء الله قمة السعادة. [email protected]