لم يتغير شىء فى مصر طوال ستين عامًا، وتحديدًا منذ ثورة يوليو، فالقوتان الرئيسيتان الحاكمتان فى المشهد السياسى منذ عام 52 وحتى الآن، هما المؤسسة العسكرية والإخوان المسلمون، وقد فرضا سيطرتهما على الفترة الانتقالية، وكنا نأمل بروز قُوى سياسية جديدة تحاول فك معادلة الثنائية التى تسير عليها حياتنا السياسية، ولكن ربما سيطول الانتظار. أكتب بعد إعلان نتائج الانتخابات الرئاسية وانحسار الإعادة بين الفريق أحمد شفيق (المؤسسة العسكرية) وبين الدكتور محمد مرسى (جماعة الإخوان المسلمين)، مما يؤكد بقاء الحال كما هو عليه، وعندما يذهب الناخبون إلى صناديق الانتخابات الرئاسية خلال شهر من الآن فإنهم سيكونون فى صراع ضاغط وعنيف وتجرِبة مريرة فى الاختيار بين الدولة العسكرية (شفيق) وبين الدولة الدينية (مرسى)، فإلى أيهما سينحاز الناخبون. المؤكد أننا عدنا جميعًا إلى الاستقطاب الحاد مرة أخرى، وكان الظن أننا بدأ نخرج منه عندما ضمت قائمة مرشحى الرئاسة أطياف اللون السياسى كافة، لكن انتهينا إلى حيث بدأنا، حيث سيكون الاستقطاب واقعًا لا محالة فى مرحلة الإعادة بين الدينى والعسكرى، وتلك معادلة صعبة. النتيجة المعلَنة للانتخابات الرئاسية ليست النتيجة التى تمناها الثوار، لكنها أيضًا تعبير عن إرادة الشعب والمطلوب احترامها، بل سأزيد بأن رئيس الجمهورية القادم، سواء كان شفيق أو مرسى سيكون رمزًا للدولة المصرية، كما أنه سيكون قد وصل إلى كرسى الحكم عبر انتخابات حرة نزيهة لا يمكن الطعن على شفافيتها ومصداقيتها، ومن ثم وجب احترام نتائجها. ولكن ذلك لا يمنعنى من القول بأنها معادلة صعبة، تلك التى ينحصر فيها الاختيار بين هذا وذاك، فكلا المرشحين ينتمى إلى مؤسسة يمينية تقليدية ومحافظة، تعتمد على مبدأ السمع والطاعة وعدم الحوار أو الإصغاء إلى الرأى الآخر، فهذه صفات راسخة فى المؤسسة العسكرية بحكم طبيعتها العسكرية، وتلك صفة جماعة الإخوان المسلمين اليمينية التى لا تسمح بالرأى الآخر، لا صوت يعلو فوق صوت المرشد ومكتب الإرشاد، مبروك للفريق شفيق والدكتور مرسى ولا عزاء للثورة والثوار.