قالت مجلة "فورين أفيرز" الأمريكية, إن إزاحة الرئيس السوري بشار الأسد من منصبه, لم يعد أمرا سهلا, حتى إن كانت هناك رغبة لدى إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في حدوث هذا الأمر. وأضافت المجلة في تقرير لها في 25 يونيو, أن الضربة الجوية السريعة والمحدودة التي وجهتها إدارة ترامب في إبريل الماضي ضد نظام الأسد ردا على استخدامه الأسلحة الكيميائية في مدينة خان شيخون, بدت أنها محاولة من جانب الرئيس الأمريكي الجديد لتعزيز موقفه, إلا أنها لم تكن مقدمة لاستراتيجية جديدة تتضمن إزاحة الأسد من المشهد السوري تماما. وتابعت: "العقبات أمام تغيير نظام الأسد أصبحت كثيرة, لأنه من غير المرجح أن يأتي هذا التغيير من الداخل في أي وقت قريب، كما أن تغيير النظام السوري من الخارج سيكون صعبا ومكلفا، وذلك بالإضافة إلى أن الولاياتالمتحدة تخشى تداعيات ما بعد تغيير نظام الأسد, وأن يخلفه نظام جديد غير مرغوب فيه". واستطردت المجلة "أمام ما سبق, فإن إدارة ترامب تركز فقط على مهاجمة تنظيم الدولة، وإضعاف سيطرته على الأراضي في سورياوالعراق, دون الانشغال بمصير نظام الأسد". وكانت صحيفة "الجارديان" البريطانية, قالت إن المؤشرات ترجح أن سوريا مقبلة على مرحلة جديدة من حمامات الدم, بعد طرد تنظيم الدولة من مدينة الرقة. وأضافت الصحيفة في تقرير لها في 21 يونيو, أن السباق للسيطرة على الأراضي بدأ قبل أن يتم دحر تنظيم الدولة, ويسابق كافة الفاعلين في الساحة السورية الزمن للحصول على المغانم, وقد يدفع أي حادث عرضي لمواجهات عسكرية واسعة النطاق. وتابعت " تحركات نظام الأسد ومؤيديه الإيرانيين والروس للسيطرة على أكبر قدر من الأراضي, هي أكبر دليل على أن القادم هو الأسوأ على الإطلاق بسوريا". وتساءلت الصحيفة " ما يزيد الأمور تعقيدا هو غياب الإجابات عن تساؤلات مصيرية مثل: كيف ستبدو سوريا بعد تنظيم الدولة؟ ومن سيسيطر عليها". وخلصت "الجارديان" إلى القول :" الخناق يشتد على تنظيم الدولة والاضطربات تتسع في الشرق الأوسط، ولذا فإن أي حسابات خاطئة أو حوادث عرضية يمكن أن تشعل بسهولة حرب عالمية لا يمكن لأحد أن يتحكم فيها". وكانت "الجارديان", قالت أيضا إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يتحمل المسئولية كاملة عن الازدياد غير المسبوق في عدد القتلى من المدنيين في الموصل العراقية والرقة السورية. وأضافت الصحيفة في تقرير لها في 19 يونيو, أن الارتفاع المخيف في عدد القتلى المدنيين بالموصل والرقة تزامن مع وصول ترامب لسدة الحكم في الولاياتالمتحدة، وإطلاقه يد الجيش الأمريكي ليفعل ما يشاء بزعم محاربة الإرهاب. وتابعت " الأمر المثير للسخرية, أن الغرب ينتقد القتل الوحشي للمدنيين من قبل القوات الروسية والسورية، ويقوم في الوقت ذاته بارتكاب جرائم مماثلة ضد المدنيين في الموصل والرقة". ونقلت الصحيفة عن كبير المحققين في جرائم الحرب ببعثة تقصي الحقائق الأممية المستقلة بشأن سوريا باولو سيرغيو بنهيرو، قوله :" إن تكثيف غارات التحالف الذي تقوده الولاياتالمتحدة في الرقة تسببت في خسائر تفوق الوصف، ليس بالأعداد الكبيرة للقتلى فقط, بل بهروب 160 ألفا من منازلهم". وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية نقلت كذلك في مطلع يونيو عن تحقيق أجرته منظمة "إيروارز" غير الحكومية التي تتخذ من لندن مركزا، أن عدد القتلى المدنيين هو ثمانية أضعاف ما تؤكده الولاياتالمتحدة. وقالت المنظمة, التي تجمع المعلومات المنشورة حول عدد الضحايا المدنيين, إن 3100 مدني على الأقل لقوا مصرعهم إثر الغارات الجوية الأمريكية على العراقوسوريا منذ بدء الحرب على تنظيم الدولة. وأوضحت الصحيفة أن العمليات العسكرية للسيطرة على معاقل تنظيم الدولة كالموصل والرقة لعبت دورا مهما في ارتفاع عدد القتلى. ولفتت الصحيفة إلى أن القادة العسكريين حصلوا على حرية أكبر في اتخاذ قرارات بشأن الغارات الجوية على سورياوالعراق في الأيام الأخيرة من إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما، وهو اتجاه تعزز هذا العام تحت إدارة الرئيس دونالد ترامب. وكشفت منظمة "إيروارز" في تقريرها أيضا أن الولاياتالمتحدة ساعدت حلفاءها في التستر على أعداد القتلى المدنيين جراء هذه الغارات، وأن الحلفاء ضغطوا على واشنطن والتحالف الدولي لمنع نشر تفاصيل الضربات. وتعليقا على التقرير، قال وزير الدفاع الأمريكي جيمس ماتيس إنه لا مفر من سقوط ضحايا مدنيين في الحرب على تنظيم الدولة في سورياوالعراق، مضيفا أن بلاده "تبذل كل ما في وسعها إنسانيا" لتفادي ذلك، على حد قوله. كما أعلن الجيش الأمريكي في 3 يونيو أن الخسائر بين المدنيين في سورياوالعراق بلغت 484 قتيلا منذ بدء الحملة العسكرية ضد تنظيم الدولة عام 2014، نافيا اتهامات بتخفيف المعايير الخاصة بحماية المدنيين. وحسب "رويترز", قالت القيادة العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط في بيان لها, إنه "استنادا إلى المعلومات المتوافرة، يقدر التحالف الدولي أن 484 مدنيا على الأقل قتلوا في شكل غير متعمد" منذ 2014، موضحا أن ارتفاع العدد يعود في جانب منه إلى زيادة في وتيرة العمليات في مناطق حضرية كثيفة السكان.