فضت قوات الأمن في العاصمة المغربية الرباط وقفة احتجاجية تضامنا مع معتقلي "حراك الريف"، بالعنف عبر تفريق المتظاهرين بالقوة من طرف رجال الأمن حيث انهالوا عليهم بالضرب واستعملت قوات الشرطة القوة لتفريق المتظاهرين أمام مقر البرلمان. كما نال الحقوقيون نصيبهم من "التدخل العنيف" ورفض المحتجون التدخل الأمني وعبروا عن استنكارهم عبر رفع شعارات من قبيل "واك واك على شوهه سلمية وقمعتوها". وقالت ربيعة البوزيدي عضو الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، التي نالها العنف «بمجرد وصولنا إلى ساحة باب الحد وجدنا الساحة معسكرة لدرجة أن عدد رجال الأمن فاق عدد المحتجين، بدأنا في أخذ مواقعنا وشرع رجال الأمن في ضرب المحتجين الأمر الذي أدى إلى إصابتي في رجلي». وأوضحت البوزيدي «غرضنا كان هو التضامن مع إخواننا في الريف والتعبير عن رفض الاعتقالات الواسعة التي تنتهجها الدولة تجاه الحراك بطريقة سلمية». وأكدت أن «ما يقع اليوم في المغرب يعيدنا إلى سنوات الرصاص ويضرب عرض الحائط خطاب دولة الحق والقانون الذي تتغنى به الدولة في قنواتها الرسمية». القمع لن يوقف الحراك وقال طه الدريدي، فاعل حقوقي وناشط في حزب النهج الديمقراطي إن «القمع الذي يمارسه المخزن لن يوقف الحراك» وانتقد الحقوقي عبد الحميد أمين التدخل الأمني و»العسكرة»، وقال أن «حفدة عبد الكريم الخطابي لن يستسلموا ولن يتراجعوا حتى الإفراج عن معتقلي الحراك». وتبادل نشطاء الفيس بوك على نطاق واسع صور التدخل الأمني وأرفقوا الصور بتعليقات نددت ب «القمع الأمني » الذي تعرض له المتضامنون وكتب أحدهم في تعليق على صور التدخل الأمني «الرباط قبل قليل تعنيف المتظاهرين المتضامنين مع حراك الريف دولة الحق والقانون فقط على الورق… اما الواقع القمع والزرواطة » وفي إحدى التعليقات الغاضبة من التدخل الأمني المذكور: « الزرواطة في كل مكان لي يهضر يفرشخوه ». وخرجت نساء مدينة الحسيمة في وقفة احتجاجية، ثم مسيرة للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين على خلفية حراك الريف، وتحقيق المطالب الاجتماعية، والاقتصادية، إلا أن الأجهزة الأمنية فرقتها دقائق بعد انطلاقها، وعنفت المحتجات، وطاردتهن بين أزقة المدينة. ومباشرة بعد تفريق المسيرة، اعتقلت الأجهزة الأمنية ناشطتين: الأولى ابنة المعتقل محمد جلول، هدى جلول، البالغة من العمر 14 سنة، والثانية نوال المساوي، ذات ال 20 سنة، وقادتهما إلى مقر الشرطة في المدينة ليلا، حيث تم التحقيق معهما قبل إطلاق سراحهما تحت التهديد بمعاودة اعتقالهما إن هما خرجتا في مسيرة، أو وقفة احتجاجية أخرى. والتحق فوج جديد من نشطاء حراك الريف بقائمة المعتقلين، وأبرزهم الناشط في الحراك، إبراهيم ابقوي، من الحسيمة وقال أحد أفراد عائلة المعتقل أنه، إلى حدود الآن، ليست هناك أي معلومات عنه وأن عائلته قصدت مقر مفوضية الشرطة في الحسيمة، غير أن المسئولين الأمنيين امتنعوا على مدها بأي معطيات حول أسباب، وظروف اعتقاله، وأخبروها بأنه نقل في حالة اعتقال إلى الدار البيضاء. ويتداول نشطاء الحراك اسم ناشط آخر، يرجح أن يكون قد تعرض هو الآخر للاعتقال، أول أمس، ويتعلق الأمر بكمال بنعمر، من بني بوعياش. استمرار المحاكمات ومثُل، الاثنين الماضي، أمام قاضي التحقيق للمرة الثانية عدد من النشطاء المتابعين في «حراك الريف»، الموجودين حاليا في السجن في مدينة الدار البيضاء «عكاشة»، وذلك بناء على قرار الوكيل العام للملك (النائب العام) في محكمة الاستئناف. وجرى التحقيق مع ثمانية متهمين في الملف، يتقدمهم محمد جلول، أبرز نشطاء حراك الريف، وإبراهيم بوزيان، وفؤاد السعيدي، وعبد الحق صديق، ويوسف حمديوي، موحمود بهنوش، ثم وسيم البوستاتي، وزكرياء أظهشور. وقال رشيد بلعلي، منسق هيئة الدفاع عن معتقلي الحراك الشعبي في الريف، أن النيابة أحالت 13 معتقلا، من بينهم 10 أشخاص على المحكمة الابتدائية، و3 حالات على محكمة الاستئناف ومن بين المعتقلين المحالين، مدير موقع «ريف.بريس»، و7 آخرين، حيث قرر الوكيل العام للمحكمة رفض طلب متابعتهم في حالة سراح مؤقت. وأوضح بلعلي، أن المحكمة قررت تسليم شخصين قاصرين لأولي أمرهم، والذين اعتقلوا ضمن مجموعة 13، كما أن حملة الاعتقالات ما زالت مستمرة، إذ صار من المؤكد أن ثلاثة أشخاص تم اعتقالهم أول من امس الاثنين وإن المحكمة الابتدائية في الحسيمة أدانت ناشطين بالحراك، أحدهم يتحدر من إمزورن حيث تم الحكم عليه بعامين سجنا نافذة، والآخر ينحدر من الحسيمة، حيث قضت الابتدائية بسجنه لمدة سنة ونصف. وقال: «إن مجموعة من الزملاء في هيئة الدفاع يفكرون بجدية في الانسحاب من مسلسل الجلسات المقبلة لأنه اتضح أن هناك سوء نية واضحة وعدم مراعاة الجانب الإنساني للمعتقلين خصوصا الذي تعرضوا للتعذيب أو بعض الحالات المصابة بأمراض مزمنة كحالة المعتقل المصاب بمرض السرطان». وأضاف: «إن الكثير من المحامين يعتبرون هذه المحاكمات مهزلة بكل ما تعني الكلمة من معنى»، وأن «هناك غياب لشروط المحاكمة العادلة ومن حقنا كدفاع أن نسجل موقفنا من هذه المهزلة بالانسحاب». وجرى تقديم عشرة موقوفين على خلفية مشاركتهم في «حراك الريف»، بينهم قاصران، أمام وكيل الملك لدى المحكمة الابتدائية بالحسيمة، والذي قرر إيداع ثمانية منهم بالسجن المحلي بتهم إهانة القوات العمومية والتجمهر غير المصرح به، في حين تمت إحالة القاصرين على قاضي الأحداث. اعتقال صحفيين ومن بين المحالين على السجن المحلي في الحسيمة المراسل الصحافي محمد الهلالي وجواد الناصري وآخرون، وسيشرع في محاكمتهم ابتداء من الثلاثاء، بالمحكمة الابتدائية بالحسيمة التي ستعرف تقديم المجموعة الثانية من المعتقلين الجدد؛ وهم ستة شباب من منطقة بني بوعياش وآخرون من الحسيمة. وجرى نقل المعتقليْن عماد المحدالي ومحمد البلوطي من السجن المحلي في الحسيمة إلى السجن المحلي في تاوريرت، بعد إصرارهما على مواصلة الإضراب على الطعام احتجاجا على اعتقالهما ومحاكمتهما، في حين علق آخرون إضرابهم بعد زيارة لممثل النيابة العامة لهم وتأكيده على الاستجابة لجميع مطالبهم المتعلقة بشروط الاعتقال. وطالبت لجنة عائلات معتقلي حراك الريف، بتوفير ظروف مناسبة للمعتقلين من داخل السجن، وتسهيل ولوج عائلاتهم لزيارتهم من دون الاضطرار إلى الاصطفاف في طوابير طويلة. وأضافت اللجنة عبر بيان لها وجهته إلى المجلس الوطني لحقوق الإنسان «ان العائلات تضطر إلى الانتظار لأزيد من ساعتين ونصف، لإحضار المعتقل لرؤيته، وهناك من قضى مدة ست ساعات من الانتظار داخل السجن»، مطالبة ب» تقليص هذه المدة إلى نصف ساعة على الأقل مع إطالة مدة الزيارة». كما طالب البيان ذاته ب» السماح بإدخال الكتب والجرائد اليومية للمعتقلين وتمكينهم من كل وسائل الراحة داخل زنازنهم، والسماح لهم بالاستحمام بشكل يومي مرة في اليوم على الأقل، وتمكينهم من مواد التنظيف». كما طالبت العائلات» بتمكين المعتقلين من أدوات الكتابة من أقلام ودفاتر لتدوين معاناتهم وخواطرهم، ولم شمل باقي المعتقلين المتواجدين في السجن الانفرادي، على الأقل معتقلين في كل زنزانة، وتوفير التطبيب والأدوية لهم خصوصا الذين يعانون من أمراض ويحتاجون إلى أدوية وعلاج». اتهامات لوسائل الإعلام بالانحياز للسلطة وأكد عبد الرحيم العلام أستاذ القانون الدستوري بجامعة القاضي عياض، أن أغلب وسائل الإعلام تميزت تغطيتها لحراك الريف بالانحياز للسلطة، وقال أن هذا الأمر ليس بالجديد على اعتبار أن لحظة 20 فبراير كانت أغلب الجرائد المغربية ضد الحركة، بما فيها الصحف الحزبية. وتساءل الباحث، خلال ندوة منظمة ليلة أول من أمس الاثنين بعنوان «حراك الريف ووسائل الإعلام»، نظمتها منظمة «الحرية الآن»، «هل نجحت سياسة الدولة في هذا المسار، هل وقعت اختراقات لهذه المنظومة المتحكم فيها أم العكس، ليشير إلى أن تأثير الجرائد أصبح ضعيفا على المتلقي، ومواقع التواصل الاجتماعي (الفيس بوك وتويتر) أصبحت مؤثرة، ومحتلة من طرف التوجهات المساندة للحراك، «لكن (الواتساب) محتل من طرف توجهات معينة وهذا مرتبط بالوعي والأمية». وأكد العلام تواجد مواقع «سوداء» التي تأخذ الشائعة وتحولها إلى شيء يشبه المعلومة الصحيحة، وتنقلها عنها مواقع أكثر سوداوية، مبرزا أن الإعلام العمومي له دور كبير في صنع الفئوية، «عندما تنقل أحداث شغب وتنسبها لأحداث اجتماعية نضالية، فأنت تساهم في صنع الفئوية». وقال الباحث أن المفروض على وسائل الإعلام العمومية أن تكون محايدة، لأنها ممولة من جيوب المواطنين «في الدول الديمقراطية الإعلام العمومي يكون أكثر مصداقية، لأنه مستقل عن الفاعل الاقتصادي والسياسي»، مبرزاً أن الإعلام الأجنبي، يكون مؤثراً على قرار السلطة أكثر من الإعلام المحلي، مشيراً في سياق مغاير إلى أن بلاغ ولاية الأمن الذي نقل عدد الضحايا المصابين أثناء المواجهات، صور الحسيمة على أنها أكثر من مشتعلة.