انتخبتُ الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح.. وقد حصد أكبر عدد من أصوات الجالية المصرية بقطر. وجاء تاليًا له الدكتور محمد مرسى مرشح حزب الحرية والعدالة "الإخوان"، لكن الفارق لم يكن كبيرًا، فقط 159 صوتًا.. مرسى حقق نتائج ممتازة فى الخارج وضعته فى المرتبة الأولى، وأبو الفتوح تاليًا له، ربما يكون ذلك مؤشرًا على النتيجة العامة بعد انتخابات الداخل - ما لم يتم تزوير مباشر أو غير مباشر- تحمل مفاجآت لصالح مرسى رغم الحملة الشرسة على الإخوان التى يقودها إعلام فلول مبارك، ويبدو أنها منظمة لتحميلهم أوزار المرحلة الانتقالية، وتبييض صفحة المجلس العسكرى رغم أنهم لا يحكمون، بينما العسكرى هو الحاكم، لكنهم يتحملون جانبًا من مسئولية الهجوم عليهم، فهم فى الطريق القصير من الثورة وحتى الرئاسة ارتكبوا أخطاء مكنت خصومهم التقليديين من الاستفادة منها وتضخيمها والمتاجرة بها، خصوم لن يرضوا عنهم حتى لو خلعوا رداء المرجعية الإسلامية وارتدوا رداء العلمانية، فهى خصومة قائمة على الإمعان فى الكراهية لأى صوت له مسحة إسلامية، فحتى أبو الفتوح الذى يوصف بأنه نموذج للإسلامى المنفتح المستنير المتوافق عليه من كل التيارات من اليمين لليسار، لم يرحموه خلال فترة الدعاية الانتخابية، حيث قلبوا ونقبوا فى تاريخه ورقة ورقة، وسطرًا سطرًا، للبحث عما يدينه، وعمرو موسى نفسه الذى يريد الرئاسة جاء بكتاب قديم، وقرأ منه عبارة بجهل جهول تحض على العنف، لكن أبو الفتوح أفحمه بأنها ليست له، إنما هى من ضمن كلام دعاة العنف الذين حاججهم الرجل العقلانى مفندًا دعاواهم ورافضًا للعنف، وعلى الفيس بوك يتبادل مغرضون صورة لأبو الفتوح وهو فى أفغانستان خلال الجهاد ضد المحتل السوفييتى فى محاولة خبيثة لربطه بالإرهاب، وفات هؤلاء أنه كان جهادًا وليس إرهابًا، ومصطلح إرهاب لم يكن قد تم صكه، حتى كلمة التشدد أو الأصولية لم يكن الأمريكان يتحدثان عنهما آنذاك، ثم إن المصريين والعرب كانوا موجودين هناك بمباركة ودفع من النظم العربية وعلى رأسها نظام السادات ثم مبارك، كما أنه لم يكن هناك فى هذا الوقت شىء اسمه طالبان، بمنطق المحاسبة ذاته، فإن جيفارا ولومومبا والليندى سيعتبرون إرهابيين كبارًا وكذلك عبد الناصر وتيتو ونهرو وسوهارتو وبن بيلا وكل قادة وزعماء التحرر، وأبو الفتوح كان هناك كطبيب يعالج الجرحى كأى طبيب يلبى نداء الإغاثة الإنسانية فى أى زمان ومكان وتحت أى نظام. الحملات الضارية لا تفرق بين الإخوانى مرسى، والإخوانى السابق المنفتح على الجميع ونموذج التوافق بين كل التيارات أبو الفتوح، فالهجوم على مرسى ظاهر وفاحش، والهجوم على أبو الفتوح مبطن وبقفازات من حرير، المدهش أن الاثنين يكتسحان أصوات الخارج، وأبو الفتوح يتصدر استطلاعات الرأى، ومرسى يقفز بقوة مثل العدائين على الحواجز المرتفعة محققًا نتائج لم تكن متوقعة مع حملة "الشيطنة" ضد جماعته، وأنا أقول دومًا إن الإخوان سحرة سياسة، وإن الجماعة ضد الكسر والانشطار، فمثلاً عقب ترشح الشاطر جرى كمال الهلباوى لاستوديو دريم معلنًا استقالته على الهواء وهلل بها الخصوم وتوقعوا انشقاقات واستقالات فلم يخرج طفل رضيع، وما فعله عبد الناصر مع الإخوان كان كفيلاً بالقضاء ليس على جماعة إنما على دولة صغيرة، لكنهم خرجوا فى السبعينيات ونظموا صفوفهم وعادوا فى الثمانينيات أكثر قوة، وفى عهد مبارك، ورغم الاعتقالات والتضييق الممنهج والمحاكمات العسكرية والحملات الإعلامية المنظمة المنحطة، إلا أن الإخوان كانوا القوة الوحيدة القادرة على مواجهة النظام فى ساحة الانتخابات. الآن وكما توقعت، يمتص الإخوان بهدوء الغضبة المفتعلة ضدهم والتى لعب فيها الإعلام على وتر بؤس فكرى ومعيشى للمواطن الذى كان ينتظر من الثورة الخير العميم، فإذ به لا يجد غير الكدر والفزع بخطة جهنمية شوهت الثورة وخدمت أهداف أعدائها بدليل صعود شفيق وموسى، ونفذها أذناب النظام الذين ما زالوا متحكمين فى السلطة تحكمًا كاملاً، وقام إعلام الفلول بالتضليل العام بأن الإسلاميين والإخوان خصوصًا سبب الخراب والضنك وأنهم لا يريدون غير الاستحواذ على السلطة، وهم ليس فى يديهم سلطة ولا استحواذ إلا بالصندوق الشفاف. ارتفاع أسهم مرسى وملاحقته لأبو الفتوح، سيؤكد مرة أخرى أن الواقع على الأرض مختلف تمامًا عن الحاصل فى الفضائيات. فهل تصدق بعض التوقعات ويفوز بالرئاسة إسلامى من الجولة الأولى، أو تحصل إعادة بين الإسلاميين أبو الفتوح ومرسى؟! [email protected]