ضمن رؤية مصر 2030.. تفاصيل مشاركة جامعة العريش بالندوة التثقيفية المجمعة لجامعات أقليم القناة وسيناء (صور)    بينها عيد الأضحى 2025.. 13 يوما إجازة تنتظر الموظفين الشهر المقبل (تفاصيل)    وزير الاستثمار يبحث مع شركة مدن العقارية تطورات مشروع رأس الحكمة    سعر الذهب اليوم الجمعة 23 مايو 2025.. وفقا لآخر التحديثات    الكيلو ب 225 جنيها.. طرح خراف حية قبل عيد الأضحى بالأقصر    البريد المصري يحذر المواطنين من حملات احتيال إلكترونية جديدة    إزالة 13 حالة مخالفة وتنفيذ 11 حالة تعد على أراضى زراعية فى الأقصر    مسئول لبناني: الدولة لن تتوانى عن استرداد حقها وتحرير أراضيها المحتلة    جرائم طعن تهز أوروبا.. خلاف ينتهى بوفاة أب.. وذعر السلاح الأبيض ينتشر بالمدارس    قبل بيراميدز.. ماذا قدمت الفرق المصرية في أول نهائي لدوري أبطال إفريقيا    الأهلي يجهّز ملف شامل للرد على شكوى بيراميدز بالمحكمة الرياضية    تفاصيل مخطط 5 عناصر إجرامية لغسل 60 مليون جنيه    وفاة موظفة بديوان عام محافظة المنيا صدمتها سيارة    ضبط مدير مسئول عن شركة إنتاج فنى "بدون ترخيص" بالجيزة    ننشر مواصفات امتحان العلوم للصف السادس الابتدائي الترم الثاني    "نجوم الساحل" يتذيل شباك التذاكر    "طلعت من التورتة".. 25 صورة من حفل عيد ميلاد اسماء جلال    قصور الثقافة تعرض مسرحية تك تك بوم على مسرح الأنفوشي    خطيب المسجد النبوى يوجه رسالة مؤثرة لحجاج بيت الله    التأمين الصحى: نسبة تسجيل المواطنين بالمنظومة بلغت 65% حتى الآن    أخبار الطقس في السعودية اليوم الجمعة 23 مايو 2025    منها «استقبال القبلة وإخفاء آلة الذبح».. «الإفتاء» توضح آداب ذبح الأضحية    القاهرة الإخبارية: الاحتلال استهدف أهالي حاولوا الوصول إلى شاحنات المساعدات    محافظ الجيزة: الانتهاء من إعداد المخططات الاستراتيجية العامة ل11 مدينة و160 قرية    "فيفا" يعلن استمرار إيقاف القيد عن 7 أندية مصرية.. ورفع العقوبة عن الزمالك بعد تسوية النزاعات    «الإسكان» تتعاون مع «الثقافة» لتحويل المدن الجديدة إلى متاحف مفتوحة    غدًا.. جلسة عامة لمناقشة مشروع قانون تعديل بعض أحكام "الشيوخ"    استمرار تدفق الأقماح المحلية لشون وصوامع الشرقية    أرني سلوت ينتقد ألكسندر أرنولد بسبب تراجع مستواه في التدريبات    شرطة الاحتلال تعتقل 4 متظاهرين ضد الحكومة بسبب فشل إتمام صفقة المحتجزين    انطلاق قافلة الواعظات للسيدات بمساجد مدينة طلخا في الدقهلية    أسعار الحديد والأسمنت اليوم فى مصر 23-5-2025    وفد الصحة العالمية يزور معهد تيودور بلهارس لتعزيز التعاون    تنفيذاً لقرار مجلس الوزراء.. تحرير 137 مخالفة لمحلات لم تلتزم بقرار الغلق خلال 24 ساعة    رئيس "التنظيم والإدارة" يبحث مع "القومي للطفولة" تعزيز التعاون    "بئر غرس" بالمدينة المنورة.. ماء أحبه الرسول الكريم وأوصى أن يُغسَّل منه    الحوثيون يعلنون استهداف مطار بن جوريون بصاروخ باليستي    صلاح يتوج بجائزة أفضل لاعب في البريميرليج من «بي بي سي»    غلق كلي لطريق الواحات بسبب أعمال كوبري زويل.. وتحويلات مرورية لمدة يومين    رئيس بعثة الحج الرسمية: وصول 9360 حاجا من بعثة القرعة إلى مكة المكرمة وسط استعدادات مكثفة (صور)    الدوري الإيطالي.. كونتي يقترب من تحقيق إنجاز تاريخي مع نابولي    الخارجية: الاتحاد الأفريقى يعتمد ترشيح خالد العنانى لمنصب مدير عام يونسكو    ضبط 379 قضية مخدرات وتنفيذ 88 ألف حكم قضائى فى 24 ساعة    الهلال يفاوض أوسيمين    الأمين العام للأمم المُتحدة يعلن تعيين ياسمين فؤاد أمينة تنفيذية لاتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر    يدخل دخول رحمة.. عضو ب«الأزهر للفتوى»: يُستحب للإنسان البدء بالبسملة في كل أمر    رئيس الأركان الإسرائيلي يستدعي رئيس «الشاباك» الجديد    عمر مرموش يهدد رقم فودين فى قائمة هدافى مانشستر سيتى    بسمة وهبة ل مها الصغير: أفتكري أيامك الحلوة مع السقا عشان ولادك    رمضان يدفع الملايين.. تسوية قضائية بين الفنان وMBC    جامعة القاهرة تعلن عن النشر الدولى لأول دراسة بحثية مصرية كاملة بالطب الدقيق    زلزال بقوة 6.3 درجة يهز جزيرة سومطرة الإندونيسية    دينا فؤاد تبكي على الهواء.. ما السبب؟ (فيديو)    موعد نهائي كأس أفريقيا لليد بين الأهلي والزمالك    نموذج امتحان مادة الmath للصف الثالث الإعدادي الترم الثاني بالقاهرة    أدعية مستحبة في صيام العشر الأوائل من ذي الحجة    خدمات عالمية.. أغلى مدارس انترناشيونال في مصر 2025    جانتس: نتنياهو تجاوز خطًا أحمر بتجاهله توجيهات المستشارة القضائية في تعيين رئيس الشاباك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إثبات الأجر لمن إحتاط لوقت طلوع الفجر(2)


ثانيا : الصيام :-
الأصل في الصيام وجوب الإمساك عن المفطرات بعد طلوع الفجر الصادق ، وحرمة الأكل والشرب والجماع ، حتى غروب الشمس ، قال تعالى : { أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى? نِسَائِكُمْ ? هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ ? عَلِمَ اللَّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتَانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ ? فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ ? وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى? يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ? ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ? وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ ? تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَقْرَبُوهَا ? كَذَ?لِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } ( البقرة 187)
ومن ثم فعلى المسلم أن يحتاط لدينه فيمسك عن المفطرات عند الأذان الثانى ، الوارد بالتقاويم ، فلا يأكل ولا يشرب ، ولا يجامع زوجته بدعوى أنه مشكوك في صحته ، والعلة في ذلك أن المسلم أمام أحد خيارين :
الخيار الأول : أن يأكل ويشرب ، ويجامع بعد أذان الفجر ، الموجود بالتقاويم ، إعتمادا على ما انتهت إليه نتيجة الأبحاث الفلكية ، وهذه الحالة لها حكمان :
الأول : إذا ثبت صحة التقاويم وإتفاقها مع الوقت الحقيقى لطلوع الفجر : فقد فسد صومه ، وعليه القضاء ، لقوله تعالى : { وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى? يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ? } ولقوله صلى الله عليه وسلم : { إِنَّ بلالًا يؤذِنُ بليلٍ . فكلُوا واشربوا حتى يؤذِّنَ ابنُ أمِّ مكتومٍ . قال : ولم يكنْ بينهما إلَّا أنْ ينزِلَ هذا ويَرْقَي هذا .} ( رواه مسلم )
الثانى : إذا ثبت خطأ التقاويم وأن وقت الفجر فيها قبل الوقت الحقيقى لطلوع الفجر : فصيامه صحيح ، ولا حرج عليه في الأكل والشرب والجماع ، لأنه تم قبل طلوع الفجر الحقيقى .
الخيار الثانى : أن يتوقف عن المفطرات من الأكل والشرب والجماع بحسب التقويم ، ولا يؤخرها ، وأيضا هذه الحالة لها حكمان :
الأول : إذا ثبت صحة التقاويم وإتفاقها مع الوقت الحقيقى لطلوع الفجر ، فصيامه صحيح ، ولا حرج عليه ، لأنه توقف عن المفطرات قبل طلوع الفجر .
الثانى : إذا ثبت خطأ التقاويم وأن وقت الفجر فيها قبل الوقت الحقيقى لطلوع الفجر : فصيامه أيضا صحيح ، لأنه توقف عن المفطرات أيضا قبل دخول الوقت بوقت كاف .
ومن ثم يتضح مما سبق أن المسلم إذا توقف عن المفطرات قبل أذان الفجر الوارد بالتقاويم ، فصيامه صحيح في الحالتين ، ثبوت صحة التقاويم أو خطئها ، بينما لو تناول المفطرات بعد أذان الفجر الوارد في التقاويم ، إعتمادا على ما انتهت إليه نتيجة الأبحاث الفلكية ، فصيامه باطل ، إذا ثبت صحة التقاويم ، وصحيح إذا ثبت خطؤها .
ومن ثم فالإحتياط في الصيام أن يتوقف المسلم عن تناول المفطرات عند أذان الفجر الوارد بالتقاويم لصحة صيامة في الحالتين ، وليتجنب بطلانه في حالة تناول المفطرات بعد أذان الفجر الوارد بالتقاويم وثبوت صحتها . فإذا لم يفعل ذلك ، وتناول المفطرات بعد الأذان فقد فسد صيامه ، وعليه القضاء ، ولاسيما أنه لا يمكن ضبط وقت الفجر الحقيقى بدقة لمن لا يستطيع أن يتبين طلوعه بالرؤية ، فهذا سيتناول المفطرات لدقيقتين بعد الأذان ، وآخر لخمس ، وثالث لربع الساعة ، ورابع لنصف الساعة ، وهكذا ، فما هو الصواب بالنسبة للجميع ؟!!
وجاء في موقع الإسلام سؤال وجواب بالشبكة العنكبوتية – ردا على سؤال " حكم من أكل بعد أذان المؤذن لكونه يشك أنه يؤذن قبل دخول الفجر " : { لا قضاء على من شرب متيقناً عدم طلوع الفجر ولو بعد سماع الأذان ، لأن الأصل جواز الأكل والشرب حتى يتحقق المرء من طلوع الفجر الصادق ، هذا إن كان يقينه مبنياً على أساس كأن يكون منتبهاً للوقت ، عارفاً بعلامات طلوع الفجر الصادق الذي هو وقت أذان الفجر ، فإن لم يكن كذلك فالظاهر أن عليه القضاء ، لأن الأصل أن المؤذنين هم رعاة الوقت باستمرار وهم الأمناء عليه كما وصفهم النبي صلى الله عليه وسلم بذلك ، ( أُمناءُ المسلمينَ على صلاتِهِمْ وُسحورِهمْ المؤَذِّنُونَ – رواه السيوطى في الجامع الصغير وحسنه الألبانى ) وما دام أحدهم غير معروف بالأذان قبل الوقت فهو محل ثقة ، ولا يجوز تناول المفطرات بعد أذانه للفجر من غير دليل يدل على أنه أذن قبل الوقت . } أه .
وليعلم المسلم أنه لو أذن للفجر الثانى ، وفى فمه طعام أو ماء ، وجب عليه أن يلقيه خارج فمه ، ولا يبلعه ، فإن لم يفعل فقد فسد صيامه ، وعليه القضاء ، وذلك للآتى :
أولا : لقوله تعالى : { وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى? يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ? } ولقوله صلى الله عليه وسلم : { إِنَّ بلالًا يؤذِنُ بليلٍ . فكلُوا واشربوا حتى يؤذِّنَ ابنُ أمِّ مكتومٍ . قال : ولم يكنْ بينهما إلَّا أنْ ينزِلَ هذا ويَرْقَي هذا .} ( رواه مسلم )
ثانيا : لأنه بمجرد سماعه للأذان فقد تبين له طلوع الفجر ، ويصير الأكل والشرب عليه حراما ، فإذا بلعهما ، فقد أكل أو شرب بعد طلوع الفجر متعمدا ، ومن ثم فقد فسد صومه .
قال النووي رحمه الله في المجموع : { ذكرنا أن من طلع الفجر وفي فيه ( فمه ) طعام فليلفظه ويتم صومه ، فإن ابتلعه بعد علمه بالفجر بطل صومه ، وهذا لا خلاف فيه ، ودليله حديث ابن عمر وعائشة رضي الله عنهم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( إِنَّ بِلالا يُؤَذِّنُ بِلَيْلٍ ، فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّنَ ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ ) رواه البخاري ومسلم ، وفي الصحيح أحاديث بمعناه . وأما حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : ( إِذَا سَمِعَ أَحَدُكُمْ النِّدَاءَ وَالإِنَاءُ عَلَى يَدِهِ فَلا يَضَعْهُ حَتَّى يَقْضِيَ حَاجَتَهُ مِنْهُ ) وفي رواية : ( وكان المؤذن يؤذن إذا بزغ الفجر ) فروى الحاكم أبو عبد الله الرواية الأولى ، وقال : هذا صحيح على شرط مسلم ، ورواهما البيهقي ، ثم قال : وهذا إن صح محمول عند عوام أهل العلم على أنه صلى الله عليه وسلم علم أنه ينادي قبل طلوع الفجر بحيث يقع شربه قبيل طلوع الفجر . قال : وقوله : ( إذا بزغ ) يحتمل أن يكون من كلام من دون أبي هريرة ، أو يكون خبراً عن الأذان الثاني ، ويكون قول النبي صلى الله عليه وسلم : ( إِذَا سَمِعَ أَحَدُكُمْ النِّدَاءَ وَالإِنَاءُ عَلَى يَدِهِ ) خبراً عن النداء الأول ، ليكون موافقا لحديث ابن عمر وعائشة رضي الله عنهم . قال : وعلى هذا تتفق الأخبار . وبالله التوفيق ، والله أعلم } اه .
وذكر ابن القيم رحمه الله في تهذيب السنن أن بعض السلف أخذ بظاهر حديث أبى هريرة ، وأجازوا الأكل والشرب بعد سماع أذان الفجر ، ثم قال : { وَذَهَبَ الْجُمْهُور إِلَى اِمْتِنَاع السُّحُور بِطُلُوعِ الْفَجْر ، وَهُوَ قَوْل الأَئِمَّة الأَرْبَعَة ، وَعَامَّة فُقَهَاء الأَمْصَار ، وَرَوَى مَعْنَاهُ عَنْ عُمَر وَابْن عَبَّاس . وَاحْتَجَّ الأَوَّلُونَ بِقَوْلِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( فَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّن اِبْن أُمّ مَكْتُوم , وَلَمْ يَكُنْ يُؤَذِّن إِلا بَعْد طُلُوع الْفَجْر ) كَذَا فِي الْبُخَارِيِّ ، وَفِي بَعْض الرِّوَايَات : ( وَكَانَ رَجُلا أَعْمَى لا يُؤَذِّن حَتَّى يُقَال لَهُ : أَصْبَحْت أَصْبَحْت ) . . . وَاحْتَجَّ الْجُمْهُور بِقَوْلِهِ تَعَالَى ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّن لَكُمْ الْخَيْط الأَبْيَض مِنْ الْخَيْط الأَسْوَد مِنْ الْفَجْر ) ، وَبِقَوْلِ النَّبِيّ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( كُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يُؤَذِّن اِبْن أُمّ مَكْتُوم ) ، وَبِقَوْلِهِ : ( الْفَجْر فَجْرَانِ ، فَأَمَّا الأَوَّل فَإِنَّهُ لا يُحَرِّم الطَّعَام ، وَلا يُحِلّ الصَّلاة ، وَأَمَّا الثَّانِي فَإِنَّهُ يُحَرِّم الطَّعَام ، وَيُحِلّ الصَّلاة ) رَوَاهُ الْبَيْهَقِيّ فِي سُنَنه } اه .
وهذا ما أيدته اللجنة الدائمة للإفتاء حيث قالت : { الأصل في الإمساك للصائم وإفطاره قوله تعالى : ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ ) ( البقرة 187 ) .
فالأكل والشرب مباح إلى طلوع الفجر وهو الخيط الأبيض الذي جعله الله غاية لإباحة الأكل والشرب ، فإذا تبين الفجر الثاني حرم الأكل والشرب وغيرها من المفطرات ، ومن شرب وهو يسمع أذان الفجر ، فإن كان الأذان بعد طلوع الفجر الثاني فعليه القضاء وإن كان قبل الطلوع فلا قضاء عليه } اه .
ثالثا : الحج :-
اتفق أهل العلم على أنّ الوقوف بعرفة ركن من أركان الحج ، وأن وقت الوقوف ينتهي بطلوع فجر يوم النحر، فعن عروة بن المضرس رضي الله عنه قال : { أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمزدلفة حين خرج إلى الصلاة فقلت يا رسول الله إني جئت من جبل طيء أكللت راحلتي وأتعبت نفسي ، والله ما تركت من جبل إلاَّ وقفت عليه فهل لي من حج ؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( من شهد صلاتنا هذه ووقف معنا حتى ندفع وقد وقف قبل ذلك بعرفة ليلاً أو نهاراً فقد تم حجه وقضى تفثه } ( رواه الأربعة و الألبانى )
ومن ثم فعلى المسلم أن يحتاط لدينه فيقف بعرفة – إن لم يتمكن من الوقوف بها نهارا – قبل طلوع الفجر الوارد بالتقاويم ، ولايؤخره عنه ، بدعوى الشك في صحته ، والعلة في ذلك أن المسلم أمام أحد خيارين :
الخيار الأول : أن يقف بعرفة قبل طلوع الفجر الوارد بالتقاويم ، وهذه الحالة لها حكمان :
الأول : إذا ثبت صحة التقاويم ، فحجه صحيح للوقوف بعرفة قبل طلوع الفجر .
الثانى : إذا ثبت خطأ التقاويم ، فحجه أيضا صحيح للوقوف بعرفة قبل طلوع الفجر الحقيقى المتأخر عن الوارد بالتقاويم
الخيار الثانى : أن يؤخر الوقوف بعرفة بعد أذان الفجر الوارد بالتقاويم ، إعتمادا على ما انتهت إليه نتيجة الأبحاث الفلكية ، ولهذه الحالة أيضا حكمان :
الأول : إذا ثبت صحة التقاويم ، فحجه باطل ، لوقوفه بعرفة بعد طلوع فجر يوم النحر ، وعليه الحج من العام القادم .
الثانى : إذا ثبت خطأ التقاويم ، فحجه صحيح لوقوفه بعرفة قبل طلوع الفجر الحقيقى .
ومن ثم فالإحتياط في الحج ، أن يقف المسلم بعرفة قبل أذان فجر يوم النحر الوارد بالتقاويم ، لصحة وقوفه في الحالتين ، ثبوت صحة التقاويم ، وخطئها ، ولا يجوز له تأخير الوقوف لما بعد أذان الفجر الوارد في التقاويم ، لإحتمال بطلان حجه في حالة ثبوت صحة التقاويم .
وما ذهبنا إليه ، هو عين ما أفتى به العلامة إبن العثيمين رحمه الله – في " فتاوى نور على الدرب " حيث سئل – رحمه الله - سؤالا : { يقول في شهر رمضان يتم الاختلاف بين أئمة المساجد في بيان طلوع الفجر مع العلم بأنه يوجد بهذه المساجد تقويم للأذان من قبل علماء فلكيين ومعتمدين من قبل وزارة الأوقاف والإرشاد ولكن بعض الأئمة لا يتبعون هذا التقويم وخاصة في صلاة الفجر فقط حيث يؤخرون الأذان بمعدل ما يزيد على ربع ساعة عن وقت التقويم مع العلم بأنه لا يشاهد طلوع الفجر للأسباب التالية وهي أنوار الكهرباء فما نصيحتكم لمثل هؤلاء وما هي وجهة نظركم عن علماء الفلك مأجورين ؟
فأجاب رحمه الله تعالى : لا شك أن علماء الفلك عندهم علم في الفلك ولكن الله عز وجل قال ( وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمْ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنْ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنْ الْفَجْرِ ) فمادام الفجر لم يتبين فإن للإنسان أن يأكل ويشرب ولكن المشكلة الآن أن من كان في المدن أو القرى التي فيها الكهرباء لا يمكن أن يدرك طلوع الفجر من أول ما يطلع لوجود الأضواء فالاحتياط أن الإنسان إذا حل وقت الفجر حسب التوقيت أن يمتنع عن الأكل والشرب أما الصلاة فيحتاط لها بمعنى أنه لا يبادر بالصلاة ينتظر والحمد لله فانتظاره للصلاة من أجل أن يتحقق دخول الوقت لا يعد تأخيرا للصلاة عن أول وقتها فيكون الاحتياط هنا من جهة الصوم أن تمسك حسب التقويم ومن جهة الصلاة نقول الاحتياط أن تؤخر حتى يتبين لك الفجر .} أه .
وعين ما أفتى به العلامة الألبانى – رحمه الله – حيث قال في " السلسلة الصحيحة حديث رقم 2031 " : { وقد رأيت ذلك بنفسي مراراً من داري في جبل هملان -جنوب شرق عمان - ومكنني ذلك من التأكد من صحة ما ذكره بعض الغيورين على تصحيح عبادة المسلمين ، أن أذان الفجر في بعض البلاد العربية يرفع قبل الفجر الصادق بزمن يتراوح بين العشرين والثلاثين دقيقة ، أي قبل الفجر الكاذب أيضاً ، وكثيراً ما سمعت إقامة صلاة الفجر من بعض المساجد مع طلوع الفجر الصادق ، وهم يؤذنون قبلها بنحو نصف ساعة ، وعلى ذلك فقد صلوا سنة الفجر قبل وقتها ، وقد يستعجلون بأداء الفريضة قبل وقتها في شهر رمضان... وفي ذلك تضييق على الناس بالتعجيل بالإمساك عن الطعام ، وتعريض لصلاة الفجر للبطلان ، وما ذلك إلا بسبب اعتمادهم على التوقيت الفلكي ، وإعراضهم عن التوقيت الشرعي ، كما جاء في قوله سبحانه وتعالى : ((وكلوا واشربوا حتى يتبين لكم الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر)) وحديث : ((فكلوا واشربوا حتى يعترض لكم الأحمر)) ، وهذه ذكرى والذكرى تنفع المؤمنين } أه
وقال ردا على سؤال الشيخ أبى اسحاق الحويني ، عن صلاة الفجر ، وهو تفريغ لسؤال الشيخ أبي إسحاق الحويني الشيخ الألباني عن صلاة الفجر ، من سلسة الهدي والنور الشريط رقم 43 بداية من الدقيقة 16.47 . حيث سأل الشيخ الحوينى – حفظه الله – فقال : { لنا أخوة من الإسكندرية يؤذنون للفجر أذانين والأذان المعترف بعد ثلث ساعة من الأذان العادي و يقولون بالفجر الصادق والكاذب ، هذا طبعا له خطورة من ناحية الصيام فماذا ترون في هذة المسألة ، وما موقف بقية الجمهورية كلها من أنه إذا ثبت أن الفجر يؤخر ثلث ساعة فهم يصلون قبل الوقت علي هذا الاعتبار . }
فأجاب الشيخ الألباني – رحمه الله – فقال : { هذة مصيبة ألمت بالكثير من الأقاليم الإسلامية مع الأسف حيث أنهم يحرمون الطعام قبل مجئ وقت التحريم ويصلون صلاة الفجر قبل دخول وقت الصلاة وهذا نحن لمسناه في هذة البلاد.... وبخاصة أن داري – وهذا من فضل الله علي - مشرقة فأنا اري في كل صباح و مساء طلوع الشمس وغروبها , طلوع الفجر الصادق , فأجد أنهم فعلا يصلون قبل الوقت – أي صلاة الفجر - وهذا من الأسباب التي تحملني أن أتي إلي هذا المسجد وأصلي الفجر لأني لا أجد في المساجد التي حولي إلا أنهم يبكرون بالصلاة علي الأقل لا يصلون السنة إلا قبل الفجر الصادق ، ولم يقف الأمر فقط في هذة البلاد فقد علمت أن احد إخواننا السلفيين في الكويت ألف رسالة وهو يذكر فيها تماما كما اذكر أنا هنا . كذلك .. لعلك تسمع به إن كنت لا تعرفه شخصيا الدكتور تقي الدين الهلالي له رسالة يقول نفس الكلام في المغرب ، هو أنهم يؤذنون لصلاة الفجر قبل الوقت بنحو ثلث ساعة او 25 دقيقة ، كذلك علمت مثله بواسطة الهاتف عن الطائف فقد ورد إلي سؤال من أحدهم يقول عندنا الشيخ سعد بن فلان يقول بان القوم هنا يصلون صلاة الفجر علي التوقيت الفلكي ، وان ذلك يخالف الوقت الشرعي تماما كما نتحدث عن هنا وهناك ، أعود للإجابة عن سؤال إخواننا في الإسكندرية فهم من حيث أنهم يؤذنون أذانين فقد أصابوا السنة لكن ما ادري إذا كانوا دقيقين في أذانهم الثاني هل هم يؤذنون حينما يبرق الفجر ، ويسطع وينفجر النور ، فإن كانوا يفعلون ذلك فقد احيوا سنة أماتها جماهير المسلمين أما إن كانوا يؤذنون علي الرزناماتو التقاويم ، فهذة لا تعطي الوقت الشرعي أبدا فيكونوا قد خلطوا عملا صالحا وأخر سيئا أي جمعوا بين الأذانين وهذا سنة لكن ما حددوا الوقت الشرعي بالأذان الثاني .} أه .
وفتوى العلامة العثيمين ، أضبط من فتوى العلامة الألبانى ، لأن تحريم الطعام قبل مجىء وقت التحريم ، هو من باب الإحتياط المأمور به شرعا ، عند من لا يستطيع أن يتبين طلوع الفجر الحقيقى بالرؤية .
وما أفتى به الشيخ د. سعد بن تركي الخثلان – حفظه الله تعالى - .فى رده على سؤال : { كثر الحديث عن تقويم أم القرى والحديث عن وقت صلاة الفجر بالخصوص ووجود خطأ في ذلك حيث يقول البعض أنه يجب الصلاة بعد الأذان حسب تقويم أم القرى من 20 إلى 30 دقيقة . فما الجواب عن ذلك ؟؟
الجواب :
معظم التقاويم في العالم الإسلامي ومنها تقويم أم القرى يوجد لديها إشكالية في تحديد دخول وقت صلاة الفجر إذ أنها تعتبر الشفق الفلكي ، ( Astron omeca Twil Ight ) بداية لوقت الفجر والشفق الفلكي .هو الفجر الكاذب الذي حذر النبي صلى الله عليه وسلم من الاغترار به ، كما جاء عند مسلم عن سمرة بن جندب رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا يغرنكم نداء بلال ولا هذا البياض حتى يبدو الفجر " أو قال: " حتى يتفجر الفجر " .
وفي حديث قيس بن طلق عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " لا يهيدنكم( أي : لا يمنعنكم ) الساطع المصعد حتى يعترض لكم الأحمر" أخرجه أبوداود والترمذي وابن خزيمة (وهو حديث حسن) .
وهذا الساطع هو الفجر الكاذب عند الفلكيين المعاصرين ، ويكون له سطوع في بعض أيام السنة خاصة مع صفاء الجو بحيث يغر من لا يعرفه ولذلك قال عليه الصلاة والسلام " لايغرنكم الساطع " .
وهذا الشفق الفلكي يكون على درجة (18) وقد وضع عليه تقويم رابطة العالم الإسلامي وتقويم العجيري , أما تقويم أم القرى فقد وضع على درجة (19) أي مع تقديم أربع إلى خمس دقائق ، وقد وجدت دراسات فلكية حديثة لتحديد الدرجة الصحيحة لبداية الفجر الصادق .
والذي استقرت عليه الدراسات أنه مابين ( 5 ,14 إلى 15) ( أي أن الفارق بينها وبين تقويم أم القرى مابين 15 إلى 23 دقيقة بحسب فصول السنة ) وهناك جهود قائمة لتعديل تقويم أم القرى فيما يتعلق بوقت صلاة الفجر .
ومادام السائل قد سأل عن الإحتياط في ذلك فأقول : الإحتياط للعبادة بالنسبة للصلاة ألا تقام قبل (25) دقيقة في فصل الصيف خاصة ، وبالنسبة للصيام الإمساك مع التقويم وبهذ يكون المسلم قد احتاط لدينه .
ويمكن الأخ السائل أن يستعين بتقويم جمعية مسلمي أمريكا الشمالية ( الإسنا ) الذي وضع على درجة (15) بحيث لا يقيم الصلاة ولا يأتي بالسنة الراتبة قبله ، وهو موجود في ساعة العصر وساعة الفجر ، أوفي موقع الباحث الإسلامي على شبكة الإنترنت. } أه .
وقال الباحث أبو بكر أحمدى العدوى في بحثه السابق : { وبعد هذا العرض السريع والمختصر جداً لأقوال أهل العلم فيما يتعلق بأهمية الوقت بالنسبة للصلاة ، وكيف يكون الاحتياط في العبادات ، يمكن أن نخلص من الرسالة بالآتي :

- من قالوا بصحة التقاويم ليس عندهم دليل على ما قالوا سوى إحسان الظن بواضعي التقاويم بفرض أنهم أهل علم ومعرفة وتخصص وبالتالي فلابد أن تكون التقاويم صحيحة .
- بينما من قالوا بخطأ التقاويم – خاصة الفجر تقديماً ، والعشاء تأخيراً – فإن عندهم الأدلة الواقعية من المشاهدة والمراقبة بالنظر وبالدراسات العلمية المتخصصة .
- على فرض تساوي القولين – المتعارضين - في الأدلة فإن المسألة تدخل في مرحلة الشبهة والشك لعدم القطع بصحة أحد القولين ، وهنا يكون الواجب على المسلم - الحريص على تصحيح صلاته - الأخذ بقول المتأخر منهما – كما قال بذلك ابن عثيمين وغيره – حتى يحصل له اليقين في دخول الوقت ، ولئلا يعرض صلاته للبطلان بوقوعها في غير وقتها ، فإن دخول الوقت شرط في صحة الصلاة ، ولو كبر تكبيرة الإحرام فقط قبل دخول الوقت – ولو بدقيقة واحدة – لم تصح صلاته.
- الاحتياط للصائم أن يُمسك عن الطعام والشراب قبل وقت الشك ، والاحتياط للمصلي أن يؤخر الصلاة عن وقت الشك ، فمن أمسك عن الطعام والشراب قبل دخول الوقت فصيامه صحيح ، ومن صلى قبل دخول الوقت فصلاته باطلة
- الأخذ بقول من قال بخطأ التقاويم لا يلزم منه الطعن فيمن قال بصحة التقاويم ولا فيمن وضعها ، لأنها مسألة اجتهادية ، وقد يكون المخالف فيها مغفور له خطؤه – إن شاء الله – إذا اجتهد ولم يتعمد المخالفة ، حيث أنه أراد التيسير على المسلمين أو الاحتياط للصيام مثلاً . ولكن لا ينبغي الأخذ بقوله بعدما عُلِم خطؤه .
- لا يجب على من صلى حسب التقاويم إعادة الصلوات الفائتة قبل علمه بخطأ وقت التقاويم ، ولكن عليه إعادة ما صلى بعد علمه بخطئها أو حتى مجرد شكه في صحتها .
- الشيخ الدكتور/ سعد الخثلان - أحد المشاركين في بحث مدينة الملك عبد العزيز - يعمل الآن بالنتيجة التي تم التوصل إليها ، وهو يُنبِّه تكراراً ومراراً على ذلك ، وخاصة في أيام رمضان ، حيث اعتاد الناس على السهر ، ومن ثمَّ يُصلُّون الفجر عند سماع الأذان مباشرة – وخاصة النساء في البيوت - ، كما أن بعض المساجد تُقيم بعد 10- 15 دقيقة من الأذان في رمضان ، حتى أنه يرى التريث 20 دقيقة بعد أذان الفجر – حسب توقيت أم القرى - قبل أداء سنة الفجر .
وحينما سُئل فضيلته عن صلاة الفجر في الحرمين وأنها تقام بعد (10 دقائق ) من الأذان ، ذكر بأنه - وبحمد الله - قد نبَّه أئمة الحرم إلى ذلك ووجد قبولاً منهم ، والمُلاحِظ لذلك يجد أن صلاة الفجر في الحرمين - ومنذ زمن ليس بالقليل- تقام بعد 20 دقيقة من الأذان .
ومع أن البحث وجد دعماً من أكثر من جهة وعلى رأسهم رئاسة إدارة البحوث العلمية والإفتاء إلا أن ما توصل له البحث لم يُوضع حيز التنفيذ ، وليس هذا فحسب بل إننا نجد - بين الفترة والأخرى - من يقلل من النتيجة ويقدح فيها ، ولا أعلم السبب في ذلك رغم أنها تمس فريضة من الفرائض. ( شبكة أنا المسلم للحوار الإسلامي ). } أه .

الوقفة الثامنة
الإحتياط المذموم
سبق وأن ذكرنا أن الإحتياط حجة عند جمهور العلماء ، يجب الأخذ به ، إلا أن منه ما هو مذموم ، وهو ما كان مفضيا إلى محظور شرعى ، أو كان من قبيل الوساوس ، قال إبن القيم – رحمه الله – في " كتابه الروح " : { وليس كل احتياط يشرع ويستحب من باب الورع والتنزه عن الشبهات ! ذلك أن منه ضرباً مذموماً لا يلتفت إليه ، وهو ما كان مفضياً إلى محظور شرعي ، أو كان من قبيل الوساوس التي تتخذ ديناً وهي إملاء من الشيطان الرجيم ، ومن صوره الشائعة : سد الذرائع التي تفضي نادراً إلى المفسدة ، والتنزّه عن الرخص المشروعة ، والزيادة في المشروع على سبيل الوسوسة. } أه .
ومن أمثلة الإحتياط المذموم ، ما يفعله بعض المؤذنين ، من رفع الأذان قبل وقته بخمس دقائق أو عشر دقائق ، وما يعرف باسم مدفع الإمساك ، أو وقت الإمساك الموجود بالنتائج ، فهذا لا يجوز لما بينه العلامة إبن العثيمين – رحمه الله في " مجموع فتاوى و رسائل الشيخ محمد صالح العثيمين " ردا على سؤال : { ما حكم الأكل والشرب والمؤذن يؤذن ، أو بعد الأذان بوقت يسير، ولاسيما إذا لم يعلم طلوع الفجر تحديداً ؟
الإجابة : الحد الفاصل الذي يمنع الصائم من الأكل والشرب هو طلوع الفجر، لقول الله تعالى : { فَالنَ بَ?شِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى? يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّيْلِ وَلاَ تُبَ?شِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَ?كِفُونَ فِي الْمَسَ?جِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذ?لِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ } ، ولقول النبي صلى الله عليه وسلم : " كلوا واشربوا حتى يؤذن ابن أم مكتوم ، فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر". فالعبرة بطلوع الفجر، فإذا كان المؤذن ثقة ويقول : إنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر، فإنه إذا أذن وجب الإمساك بمجرد سماع أذانه ، وأما إذا كان المؤذن يؤذن على التحري فإن الأحوط للإنسان أن يُمسك عند سماع أذان المؤذن ، إلا أن يكون في برية ويشاهد الفجر، فإنه لا يُلزمه الإمساك ولو سمع الأذان حتى يرى الفجر طالعاً ، إذا لم يكن هناك مانع من رؤيته ، لأن الله تعالى علق الحكم على تبين الخيط الأبيض من الخيط الأسود من الفجر، والنبي صلى الله عليه وسلم قال في أذان ابن أم مكتوم رضي الله عنه " فإنه لا يؤذن حتى يطلع الفجر".
وإنني أنبه هنا على مسألة يفعلها بعض المؤذنين ، وهي أنهم يؤذنون قبل الفجر بخمس دقائق ، أو أربع دقائق زعماً منهم أن هذا من باب الاحتياط للصوم ، وهذا احتياط نصفه بأنه تنطع ، وليس احتياطاً شرعيًّا ، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : " هلك المتنطعون " وهو احتياط غير صحيح ، لأنهم إن احتاطوا للصوم أساؤوا في الصلاة ، فإن كثيراً من الناس إذا سمع المؤذن قام فصلى الفجر، وحينئذ يكون هذا الذي قام على سماع أذان المؤذن الذي أذن قبل صلاة الفجر ، يكون قد صلى الصلاة قبل وقتها ، والصلاة قبل وقتها لا تصح ، وفي هذا إساءة للمصلين .
ثم إن فيه أيضاً إساءة إلى الصائمين ، لأنه يمنع من أراد الصيام من تناول الأكل والشرب مع إباحة الله له ذلك ، فيكون جانياً على الصائمين حيث منعهم ما أحل الله لهم ، وعلى المصلين حيث صلوا قبل دخول الوقت ، وذلك مبطل لصلاتهم فعلى المؤذن أن يتقي الله عز وجل ، وأن يمشي في تحريه للصواب على ما دل عليه الكتاب والسنة . والله الموفق } أه


الوقفة التاسعة
نداء إلى أهل العلم الكونى والشرعى
أتوجه بندائى هذا إلى علماء الفلك ، وكذا علماء الشريعة ، لسرعة إتخاذ الإجراءات التي تكفل للمسلمين أداء عبادتهم على وجهها الصحيح ، وأن يجنبوهم بطلانها ، وذلك عن طريق وضع تقاويم صحيحة تتفق مع الفجر الصادق ، فلا تتقدم عليه ولا تتأخر عنه ، تعلن على الملأ ، في وسائل الإعلام المختلفة ، وتوزعها وزارة الأوقاف على المساجد للعمل بمقتضاها ، والله أسأل أن يوفق المسلمين إلى الصواب ، وأن يجنبهم الخطأ والذلل ، آمين .
* نائب رئيس هيئة قضايا الدولة والكاتب بمجلة التوحيد


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.