يبدو أن معركة "الأمعاء الخاوية" التي بدأها الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال الإسرائيلي منذ 17 إبريل الماضي لفتت انتباه العالم أخيرا إلى انتهاكات تل أبيب الصارخة لاتفاقيات جنيف حول أسرى الحرب. ففي 9 مايو ، عبر الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن قلقه العميق إزاء حالة الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام في السجون الإسرائيلية، وطالب بالإفراج عنهم فورا، أو إحالتهم إلى محاكمة عادلة. وشدد بان كي مون في بيان له على ضرورة القيام بكل ما من شأنه تفادي تدهور الحالة الصحية للأسرى المضربين، وأن يكون ذلك بأسرع وقت ممكن ودون تأخير. وأضاف أنه يواصل متابعة هذا الإضراب عن الطعام بقلق وخصوصا فيما يتعلق بالمعتقلين إداريا، كما أنه يتابع أيضا جهود منسقه الخاص لعملية السلام في الشرق الأوسط روبرت سيري المنخرط بقوة في هذه القضية. وجاءت تصريحات بان كي مون السابقة في أعقاب قيام عشرات المتظاهرين الفلسطينيين بمنع موظفي الأممالمتحدة من دخول مكاتب المنظمة الدولية في رام الله، مطالبين بتدخل الأمين العام للأمم المتحدة في موضوع الأسرى المضربين. وحمل المتظاهرون لافتات تندد بالأممالمتحدة وتدعو للتضامن مع الأسرى، وطالبوا المنظمة الدولية بالتحرك لتشكيل لجنة دولية توقف جرائم الحرب التي يرتكبها الاحتلال في السجون بحق الأسرى. وبدوره، كشف وزير شئون الأسرى في السلطة الفلسطينية عيسى قراقع أن عدة جهات عربية ودولية، وفي مقدمتها مصر والأردن واللجنة الرباعية والولايات المتحدة، تمارس ضغطا هائلا على حكومة الاحتلال الإسرائيلي. وفي تصريحات أدلى بها لقناة "الجزيرة"، قال قراقع :"نحن في سباق مع الزمن، وهناك اقتراحات إسرائيلية مرحب بها مثل وضع قيود على سياسة الاعتقال الإداري الذي عانى منه نحو ثلاثمائة أسير فلسطيني بعضهم محتجز منذ سنوات دون تهمة ووفق ما يسمى بملف سري". وبالتزامن مع ما سبق، واصل أبناء الجالية الفلسطينية والعربية والإسلامية في بريطانيا فعالياتهم التضامنية مع الأسرى الفلسطينيين المضربين عن الطعام، في حين نفذ نشطاء بريطانيون اعتصاما أمام السفارة الإسرائيلية في لندن للمطالبة بالاستجابة لمطالب الأسرى الشرعية بوقف المعاملة القاسية واللاإنسانية بحقهم. ودعا المعتصمون إسرائيل لتوضيح موقفها القانوني بشأن وضع الأسرى الفلسطينيين واعتبارهم أسرى حرب، ورفعوا الأعلام الفلسطينية وصور الأسرى ولافتات منددة بسياسة الاحتلال التي ينتهجها بحق الأسرى في سجونه، كما رددوا هتافات تمجد الأسرى ودعت إلى الوقوف إلى جانبهم. كما أعلنت منظمات التضامن البريطانية مع الفلسطينيين وحركات وأحزاب سياسية وأعضاء بمجلس العموم البريطاني "البرلمان" عن تنظيم مظاهرة كبرى في 12 مايو أمام مقر رئاسة الوزراء في 10 دواننج ستريت بمناسبة ذكرى النكبة وللتضامن مع الأسرى المضربين عن الطعام. وفي السياق ذاته، كشفت الأمينة العامة لحملة التضامن البريطانية سارة كولبرين أن النائب العمالي جيرمي كوربن بصدد طرح قضية الأسرى الفلسطينيين في البرلمان البريطاني. ومن جهته، قال مدير مركز العودة الفلسطيني في بريطانيا ماجد الزير في تصريحات لقناة "الجزيرة" أيضا إن الأسرى يواصلون إضرابهم بشموخ وكبرياء وفرضوا قضيتهم العادلة وطنيا وعربيا ودوليا . وأضاف الزير أن الفعاليات والتحركات والحملات التضامنية في العواصمالغربية مع الأسرى المضربين دخلت مراحل جديدة بانضمام الاتحاد الأوروبي للضغط السياسي على إسرائيل، فضلا عن حملات توقيع المذكرات البرلمانية الداعمة لقضية الأسرى. وأشار إلى أن هذه الفعاليات والتحركات تقودها الحملة الأوروبية للدفاع عن الأسرى، وهي لجنة انبثقت عن أمانة مؤتمر فلسطينيي أوروبا، موضحا أن مطالب الأسرى الفلسطينيين بسيطة وإنسانية وعادلة وهي الرعاية الطبية ووقف كافة أشكال الاعتداء الجسدي والنفسي وإنهاء الاعتقال الإداري والعزل الانفرادي وإتاحة الزيارات الأسرية. وكان نحو ألف وخمسمائة أسير فلسطيني بدأوا إضرابا عن الطعام منذ 17 إبريل الماضي تحت شعار "معركة الأمعاء الخاوية"، احتجاجا على جرائم الاحتلال بحقهم. ودعا مجلس جامعة الدول العربية في ختام اجتماع طارئ له على مستوى المندوبين الدائمين في 6 مايو المجموعة العربية لدى الأممالمتحدة في نيويورك إلى تقديم طلب للجمعية العامة لعقد جلسة طارئة لها تخصص لبحث قضية الأسرى في السجون الإسرائيلية. وبصفة عامة، يجمع كثيرون أن "معركة الأمعاء الخاوية" جاءت في توقيت مناسب جدا لتسليط الضوء مجددا على جرائم الاحتلال وإحباط المخطط الصهيوني الهادف لاستغلال أحداث سوريا لإخراج إسرائيل من عزلتها وتجميل صورتها أمام العالم.