كثيرًا ما نرى في مزايدات الأراضي التي ينظمها المصريين وعند سداد مصروفات المدارس والجامعات والنوادي أيضا وفي جميع المعاملات اليومية، يضع المواطنين المصريين النقود في شنط سواء في الصفقات الصغيرة أو الكبيرة، ويتم التحرك بها بصورة طبيعية،فالمصري يفضل وضع نقوده "تحت البلاطة" ولا يحتفظ بها في البنوك، بدليل أنه عندما أطلق الرئيس عبد الفتاح السيسي شهادات قناة السويس تم جمع 63 مليار جنيه نصفها تقريبا من خارج القطاع المصرفي. وتشير أكثر الإحصائيات تفاؤلا إلى أن عدد المصريين الذين يمتلكون حسابات بنكية يصل إلى 13 مليون حساب من إجمالي 92 مليون مصري أي بنسبة لا تتعدى 14 % وهي نسبة ضعيفة جداً علما أنه يوجد في مصر 39 بنكا بعدد فروع 3950 فرعا. وهناك محاولات كثيرة من الدولة لحث المصريين على فتح حسابات بنكية، فقد أعلن البنك المركزي عن تخصيص 27 ابريل الحالي يوما عربيا للشمول المالي العربي، وعرض المركزي عددًا من المقترحات على البنوك لتطبيقها بداية من هذا اليوم ولمدة أسبوع. وشملت المقترحات السماح للبنوك بالتواجد خارج فروعها مثل المناطق النائية والمهمّشة، وعرض المنتجات المصرفية الملائمة لهذه الشريحة، وفتح حسابات للعملاء الجدد دون مصاريف ودون حد أدنى لفتح الحساب تحت شعار" حساب لكل مواطن". وفي فبراير الماضي، قرر الرئيس عبد الفتاح السيسي إنشاء المجلس القومي للمدفوعات بهدف خفض استخدام الأوراق النقدية وتحفيز استخدام الوسائل والقنوات الإلكترونية في الدفع، وتطوير نظم الدفع القومية والحد من المخاطر المرتبطة بها، ودمج أكبر عدد من المواطنين في النظام المصرفي وتخفيض تكلفة انتقال الأموال. وكانت الحكومة قد قامت منذ عام 2009 بتطبيق قرار تحصيل الضرائب والجمارك إلكترونيا، كما بدأت الحكومة منذ نحو عامين مشروعا مع شركة "إي فينانس" لتكنولوجيا تشغيل المنشآت المالية المملوكة لجهات حكومية وشركتي "فيزا" و"ماستر كارد"، إضافة إلى البنوك الحكومية لميكنة مرتبات العاملين بالجهاز الإداري للدولة وعددهم تقريبًا نحو 6 ملايين موظف. ووفقا لبيانات شركة "إي فينانس" المسؤولة عن المشروع فإن عملية ميكنة المرتبات زادت بنسبة 95% لتصل إلى 4 ملايين موظف خلال 2016 ومن المستهدف الوصول لبقية عدد الموظفين بنهاية 2017 نقلا عن موقع العربية نت . وخطت الحكومة بنجاح نحو ميكنة عملية صرف المعاشات لنحو 7 ملايين مستفيد، بجانب برنامج صرف الدعم النقدي "تكافل وكرامة" والذي يستفيد منه 1.2 مليون مستفيد ومستهدف وصولهم لنحو 1.7 مليون بنهاية العام الجاري، لدعم نحو 8 ملايين فرد. ورغم كل هذه القرارات والإجراءات فإن المواطن المصري لا يزال مضربا عن فتح حسابات بنكية، ويرى هشام توفيق، الخبير الاقتصادي، أن الموضوع يتعلق بثقافة شعب تم توارثها عبر الأجيال، مشيرا إلى أن التغيير يكون بالتعليم، ففي الولاياتالمتحدة الأميركية يتم اصطحاب أطفال المدارس إلى البنوك لفتح حسابات، وبالتالي تتحول إلى ثقافة لدى المواطن الأميركي. وأشار توفيق إلى أن البنوك غير مسؤولة عن إحجام المصريين عن فتح حسابات بنكية، لأن عمليات التسويق لا يمكن أن تبدأ إذا كان هناك غياب للثقافة ويمكن أن تكون مسؤولية البنوك في الصعوبات التي يتم وضعها أمام المواطن عند رغبته في فتح حساب، حيث إن هناك طلبات من بعض البنوك تدفع المواطن إلى الخروج من البنوك دون العودة إليها مرة أخرى. ويرى توفيق أن أحد أسباب إحجام المصريين عن فتح حسابات بنكية أن جزءا كبيرا من الاقتصاد المصرا اقتصاد غير رسما أا اقتصاد الظل ولابد أن تحاول الحكومة تحويله إلى اقتصاد رسمي. وقال حازم حجازي، الرئيس التنفيذي للتجزئة المصرفية والمشروعات الصغيرة والمتوسطة بالبنك الأهلي إن البنوك تحاول الوصول لمختلف الفئات عبر منتجات جديدة وأيضا فتح فروع جديدة، مشيراً إلى أن تبني البنك المركزي لمبادرة "حساب لكل مواطن" سيعزز من اتجاه البنوك للتوسع في طرح منتجات جديدة للوصول لعملاء جدد وفتح حسابات بدون مصاريف. وأشار إلى أن هذه المبادرة ستساعد على جذب شريحة كبيرة من القطاع غير الرسمي إلى القطاع الرسمي. وأوضح أن البنوك تتبنى هذا الاتجاه بقوة خلال الفترة الأخيرة، خاصة بعد طرح البنوك شهادات قناة السويس والشهادات ذات العائد ال 20% وهو ما ساهم في جذب عملاء جدد وتدعيم الشمول المالي.