منْ كانَ يتخيل أنَّ جداول الدم لن تجفَّ فيك يا وطني حتى اليوم؟!. هل كُتِبَ عليك يا وطني الحبيب أن يَسيلَ الدم من شرايينك، فلا يَكادُ يندمل لك جرحٌ حتى تُطْعَنَ من جديد، ليتجدد جُرحُك، ويستمرَّ نزفك، كي لا تنهضَ من الوهن، ولا تتخلص من الضعف، إهمالاً وأنانية ممن يبحثون لأنفسهم وفرقهم عن نصيب من فوق دمائك الطاهرة المنثورة في الدروب!. أنا الآنَ يا وطني تأكدتُ أنكَ لست موجوداً في قلب بعض من يدَّعونَ مَحبتك، وقد رأوا دمك العزيز يسيل كل يوم من عروقك، دون أن يرتجف لهم جفن أو تدمع لهم عين، وجلهم يا وطني لا يبحثون عن حل ليتوقف الدم، ولكن يبحثون عن براءة لجانبهم مما حلَّ بك، فلا زالت غايتهم القصوى هي التجمل أمام الناس، لا أن يراقبوا ربَّ الناس فيك.. أنت يا وطني لست على «رادار» كثير ممن أبكوا عيوننا قديماً ببكائهم ورقة عباراتهم!. وهناكَ يا وطني منْ انشغل عنك بجمع الغنائم من أركانك، من بين الجروح النازفة ينتزعون عرضاً من الحياة زائل، باحثين - بغباء - عن قوة لهم وسلطان فيما تبقى من عنفوانك، وكأنك يا وطني قد صِرت غنيمة للشراذم وقد كانون يتغنون بمحبتك يوم أن كانوا من قاطني الجحور و ساكني الشقوق، ويوم خرجوا للشمس أعماهم الضوء فتخبطوا في دروبك بين إقدام وإحجام، مقدمين شأنهم على شأنك وأمرهم على أمرك، وكأنهم قد فقدوا مع نور البصر نور البصيرة. أرأيت يا وطني كم تفرق الناس فيك.. نصرة لفرقهم على وحدتك والتحامك.. فرفعوا الرايات والشعارات في ميدانك ونَحَّوا شعارك.. إخواني، سلفي، ثوري.. مصريون ضاقت عليهم جنسيتهم فاشتقوا لأنفسهم أوطاناً في رحابك.. في ربوع الأرض كلها كان الاختلاف دعماً للأوطان إلا في جنابك.. العيب في الذين تمرغوا في النفاق حتى نفذ النفاق من جلودهم إلى مستقرهم ولا يعرفون ذلك!. يا وطني العزيز، رغم حزني عليك، فإني واثق في قوتك ومن نهوضك، وسوف تهتز قوة لتسقط كل المتسلقين من فوق أكتافك، فالنهوض يا وطني قدرك الحتمي، والقوة يا وطني مصيرك القدري، ويومئذٍ سنبكي فرحاً وتيهاً، كما نبكي اليوم حُزناً وكمدا. معلم ثانوي - عضو نقابة الصحفيين الالكترونيين [email protected]