كان ظهور ما قيل إنهم "بلطجية" على سطح الأحداث الأخيرة التي وقعت بالعباسية ومحيط وزارة الدفاع، مثار جدل واسع لم ينته حتى مع عودة الأوضاع إلى طبيعتها، بعد قيام قوات الجيش بفض الاعتصام يوم الجمعة الماضية، بعد أن قتلوا وأصابوا العشرات في واحدة من أكثر الأحداث جدلاً منذ قيام الثورة المصرية في 25 يناير 2011، خاصة وأن الأمر أعاد إلى الأذهان ما حدث إبان الثورة في 2 فبراير 2011، المعروفة إعلاميًا ب "موقعة الجمل". وثارت تساؤلات على نطاق واسع وحول ماهية هؤلاء الذين يلاحقون المتظاهرين والمعتصمين فى كل مكان وآخرها فى اشتباكات العباسية، خاصة بعد أن أظهرت مقاطع مصورة تم تداولها على الإنترنت أشخاصًا بلباس مدني ينزلون من عربات جيش لمهاجمة المتظاهرين يوم الجمعة. فهناك فريق يرى أنهم أفراد يؤيدون سياسات المجلس العسكرى ويخشون انهيار هيبة الدولة والمؤسسة العسكرية ويجمعون أنفسهم لدعمه وملاحقة الثوار، بينما يؤكد آخرون أن هؤلاء مع من يدفع لهم "الثمن" ولا يضعون فى حسابهم وطن أو مواطنين فمصلحتهم تأتى فى المقام الأول. عصام الشريف، رئيس الجبهة الحرة للتغيير السلمى، يرى أن استخدام البلطجية فى الأحداث الأخيرة مثير للشك، وفسر ظهورهم خلال أحداث العباسية إلى احتمالية أن يكون ذلك من أجل مجاملة قوات الجيش، التى فضت الاعتصام وللتحالف معهم ليس بسبب اقتناعهم بضرورة فض التظاهرة لأنها بالقرب من وزارة الدفاع، أو الحفاظ على أمن مصر، لأنهم لا يفكرون فى هذا الأمر إطلاقا وليس فى تخيلهم مثل هذا المبرر. ورأى أن العباسية التي يسكنها ثلاث شرائح هم ضباط الجيش وضباط الشرطة، وبعض فلول الحزب الوطنى، تعتبر بؤرة خصبة وأرض صالحة للإعلامي توفيق عكاشة، والثورة المضادة، لما يكنونه للمتظاهرين والثورة من مشاعر عدائية، مطالبا بتشكيل لجنة من منظمات حقوقية للوقوف على ما أنتجته العباسية من أحداث والكشف عن المتورطين فيها. فيما يؤكد خالد السيد، عضو ائتلاف شباب الثورة، أنه لا يوجد بلطجية يؤيدون المجلس العسكرى أو غيره، وإنما هناك مجموعات مأجورة تعمل من أجل مصلحتها والمال فقط وتعمل مع من يمولها فقط، مشيرا إلى أن القوى الثورية رصدت ما يقرب من 120 بلطجيا يتعاملون مع الشرطة العسكرية، ويظهر نفس الأشخاص فى كل مكان وفى العديد من الأحداث سواء فى أحداث ماسبيرو أو أحداث محمد محمود وانتهاء بأحداث العباسية الأخيرة. وأضاف، أن هؤلاء البلطجية تتم الاستعانة بهم من قبل كل من يحاول إعادة نظام مبارك، وأن البلطجة أصبحت ظاهرة مفضوحة، تلاحقها فيديوهات تعرض لهم فى كل مكان من خلال شباب الثورة، الذين سيلاحقون أفراد المجلس العسكرى والفلول الذين يتعاملون مع البلطجية حتى تتم محاكمتهم ورد حقوق الشهداء والمصابين. في المقابل، نفى حسين الغندور، عضو حركة الأغلبية الصامتة ومؤسس حركة "بركان الغضب" المؤيدة للمجلس العسكرى أن يكون هؤلاء بلطجية، قائلا إن "هناك قوى ثورية وشعبية تؤيد الاستقرار فى مصر وتؤيد سياسات المجلس العسكرى وتنتقد أى حركات تعمل على زعزعة الاستقرار فى مصر، مضيفا أنهم يدينون اعتصام البعض عند وزارة الدفاع. وقال إنه يتم التجهيز حاليا لاجتماع كبير يجمع حركة الأغلبية الصامتة ومؤيدى المجلس العسكرى فى مصطفى محمود وروكسى لعمل مسيرة قوية لدعم المجلس العسكرى، وأشار إلى أنهم يعتمدون على المسيرات والتنديدات ولا يعتمدون على العنف، مضيفا أن مؤيدى المجلس العسكرى سوف يدعمون الفريق أحمد شفيق كمرشح للرئاسة. من جانبه، رأى الدكتور سعيد اللاوندى، المحلل السياسى بمركز الدراسات السياسية والاستراتيجية ب "الأهرام"، أن هؤلاء البلطجية لا أحد يحركهم سوى مصلحتهم، واصفا إياهم ب"خفافيش الظلام"، مضيفا أن المستهدف من أعمال هؤلاء البلطجية الشعب المصرى بأكمله والثورة المصرية . ونفى أن يكون هؤلاء يعملون لصالح المجلس العسكرى، لأنه مجلس مصرى وليس مجلس أى دولة أخرى، معتبرًا أحداث العباسية جاءت بأنها امتداد لأحداث محمد محمود وماسبيرو وغيرهما من الأحداث التى لم يثبت تورط أحد فيها حتى الآن، مستبعدا أن تنتعش حالات البلطجة مرة أخرى خلال الفترة القادمة، مشيرا إلى أن الشعب نفسه سيشكل دروع حماية وحوائط صد لأى هجمات محتملة من البلطجية .