أُبدى اعتذارى الشديد لسيادة "اللهو الخفى" الشهير بالطرف الثالث، على سوء تقديرى وعدم وضوحى فى مقالى السابق بعنوان "الأرض المحروقة"، وأعلن أننى لم أقصد أبداً ما يقوم به سيادته فى طول مصر وعرضها، وإنما قصدت التعبير السياسى المجازى، وهو تسليم مصر للحكومة الجديدة والرئيس الجديد وهى مستنزَفة اقتصاديًا.. ومرتبكة اجتماعيًا.. ومشوَّشة على جميع الصُّعُد، ولم أقصد مطلقًا ما فهمه سيادته من تسليم مصر "محروقة حرفيًا"، كما يحدث فى الأَقصر.. وكما سبق وحدث فى السويس وسِيوه وطنطا ودمياط وسوهاج والمنوفية والعاشر.. وقبلهم حريق المجمع العلمى. .. وإذا كان سيادة "اللهو الخفى" مُصراً على مسألة الحرائق، فأرجو أن يتطوع "فاعل خير" ويصف له طريق المركز الطبى العالمى!! .. عمومًا ليس هذا موضوعنا اليوم، وإنما ما يحدث من "أصابع ظاهرة" للصيد فى الماء العكر، وتسميم الأجواء بين القاهرة وشقيقاتها. هل تصدقون أن يصدر - عن دبلوماسى محترف أياً كانت جنسيته، أو الظروف التى تمر بها العلاقة بين بلده ومصر - تصريح كذلك الذى نُسب إلى وزير الخارجية السعودى الأمير سعود الفيصل؟. هل يصدق عاقل هذا التصريح الذى انتشر انتشار النار فى أنحاء مصر هذه الأيام على صفحات التواصل الاجتماعى "فيس بوك" و"تويتر" وغيرهما، زاعماً أن وزير الخارجية قال للجندى السعودى فى السفارة السعودية: "الحق فى ضرب النار على كل مَن يحاول المساس بأمن السفارة، ولن نتهاون فى ذلك، ولكن أنتم تعلمون أن عقوبة تهريب المخدِّرات إلى السعودية هى الإعدام، فإن ثبتت العقوبة على أحمد الجيزاوى فسوف نرسله إلى القاهرة فى تابوت". انتهى التصريح "المكذوب" والمنسوب للأمير السعودى. وطبعاً تلقفت "التصريح" الملتهب.. النارى، مواقع وقنوات يهمها سكب "الزيت على النار"، وإحداث أكبر خسائر ممكنة فى علاقة الدولتين المسلمتين والشعبين الشقيقين مصر والسعودية. ثم كانت المفاجأة المتوقعة فى النفى الحاسم والجازم على لسان رئيس الدائرة الإعلامية فى وزارة الخارجية السعودية والمتحدث الرسمى باسمها السفير أسامة بن أحمد نقلى الذى قال: "نحن ننفى نسبة هذا التصريح لوزير الخارجية "تماماً"، فهذه ليست لغة الدبلوماسية السعودية، وليست من شِيَم المملكة ومبادئها، وتوجد محاولات لتعكير صفو العلاقة.. كانت وراء اختلاق هذه التصريحات". كانت هذه "مفاجأة متوقعة"، أما غير المتوقعة فهى اكتشاف الجهة التى "فبركت" الخبر وبثته: ففى الساعة 15 : 5 دقيقة مساء الأحد الماضى بثت وكالة أنباء "فارس" الإيرانية هذا النبأ بعنوان "سعود الفيصل: المعتقلون المصريون سيعودون إلى بلادهم فى توابيت". وأشارت إلى أن ذلك على خلفية اعتقال المحامى الجيزاوى! .. "الآن حصحص الحق".. وظهرت اليد الخفية التى تشعل النار بين مصر والسعودية فى الوقت الذى تسعى البلدان فيه لاحتواء أزمة عابرة، حتى لا تجد القاهرة مفراً سوى الارتماء فى أحضان طهران، التى تبذل الغالى والنفيس لاقتطاع مصر من منظومتها الطبيعية بين الدول العربية والإسلامية. وإذا بحثنا فربما وجدنا أن "فارس" أيضاً وراء الخبر المختلق عن وجود حُكم بالسجن سنة والجلد 100 جلدة على الجيزاوى، على الرغم من استحالة إصدار القضاء السعودى لحكم غيابى على أحد غير المقيمين على أراضيها؛ بسبب فعل حدث خارج الحدود السعودية، ومن ثم لا يوجد مثل هذا الحكم إلا فى الخيال المريض لمؤلفه! ما رأيكم؟.. كأننا كنا ناقصين إيران كمان!! وحفظ الله مصر وشعبها من كيد الكائدين. [email protected]