نعرف أن هناك تصريحات صدرت على لسان رئيس مجلس الشعب على فضائية الجزيرة تشير إلى تهديدات رئيس الحكومة بحل البرلمان, وهى التصريحات التى نفاها الجنزورى جملة وتفصيلا, ثم زادت حدة الصراع بين الرجلين فأعلن الكتاتنى أن مسئولاً بالمجلس العسكرى أبلغه بقرب إجراء تعديل وزارى خلال ساعات ثم أعلن تعطيل عمل البرلمان لمدة أسبوع لحين تغيير الحكومة. كنا نعتقد أن معركة إقالة الحكومة محصورة بين الإخوان المسلمين ويمثلها د.سعد الكتاتنى من جهة وبين الحكومة ويمثلها د.كمال الجنزورى من جهة أخرى لكن دخل المجلس العسكرى بقوة إلى حلبة الصراع السياسى بين السلطتين التشريعية والتنفيذية بعد تصريح الكتاتنى عن تغيير الوزارة حيث نفى اللواء محسن الفنجرى إجراء أى اتصالات بين المجلس العسكرى ورئيس الوزراء كما نفى وجود نية لتغيير الحكومة، مؤكدًا بقاء حكومة الجنزورى حتى نهاية يونيه القادم. لم ينته الأمر عند هذا الحد، حيث دخلت الوزيرة فايزة أبو النجا إلى حلبة التصريحات، وأكدت أن الحكومة مستمرة ولن يتم إجراء أى تعديل فى حقائبها الوزارية, يعنى يبقى الحال كما هو عليه وعلى المتضرر اللجوء إلى......؟! عندما تتابع تلك التصريحات الصادرة عن قيادات السلطات الثلاث الرئيسية بالدولة (التشريعية والتنفيذية والرئاسية)، والتى تكشف عن غياب الانسجام والتفاهم بين الجميع، كما تؤكد على وجود حالة من التربص من كل سلطة تجاه الأخرى, فالبرلمان يريد إقصاء الحكومة حتى يرأسها حزب الحرية والعدالة، رغم أن الإعلان الدستورى منح المجلس العسكرى حق تشكيل وإقالة الحكومات, والحكومة ترى أن البرلمان لا يعاونها ولم يوافق على قرض صندوق النقد الدولى, وبعض الوزراء لا يحبذون الذهاب إلى البرلمان (كل شوية)، كما أن البرلمان لديه قناعة أن هناك حكمًا سيصدر بحل مجلس الشعب قريبًا عن المحكمة الدستورية العليا وأن هذا الحكم يلقى ترحيبًا - إذا صدر- من المجلس العسكرى والحكومة وغالبية القوى السياسية. المشهد كما نراه يكشف عن حالة من الارتباك السياسى, وبات الصراع بين كل الأطراف الفاعلة فى المشهد هو العنوان الحاكم وضاعت مصالح الجماهير، بل تراجعت كلية إلى الخلف, فغابت هموم يومية للمواطنين مثل أزمات البنزين والسولار والبوتاجاز ورغيف العيش. فى ظل تلك الأجواء المحتقنة تبرز مسألتين مهمتين، وهما تشكيل اللجنة التأسيسية لإعداد دستور جديد للبلاد, ثم الاستحقاق الرئاسى فى 24مايو الجارى, وفيما يتعلق بالقضية الأولى فإن الخلاف الشديد بين مختلف القوى السياسية حول معايير تأسيسية الدستور، لا يزال قائمًا، مما دعى المشير طنطاوى للقول صراحة إنه يمكنه تعديل المادة 60 من الإعلان الدستورى ويضع ضوابط التأسيسية لكنه يرغب فى حدوث توافق بين القوى السياسية بعيدًا عن النص الدستورى, بينما المشهد يزداد سخونة فى الاستحقاق الرئاسى وحجم الاستقطاب الحاد بين الفصائل السياسية يزداد يومًا بعد آخر. السؤال: هل يمكن أن يسير قطار الوطن بعد الثورة فى أمان، بينما كل الركاب فى حالة صراع شبه دائم؟, كما أن سائق القطار يترك دفة القيادة كل فترة لفض نزاعات الركاب, نفهم أن الجدل السياسى وكسب الأوراق هو من طبيعة الحياة السياسية فى أى دولة، لكن نفهم أيضًا أن إعلاء مصلحة الوطن مقدم على مصلحة الحزب, وتلك الحقيقة غائبة عن الجميع الآن فى مصر. مصر تسير إلى الأسوأ. [email protected]