في كل يوم تركب ندا حسين حافلة من القدس الى كلية بمستوطنة يهودية في الضفة الغربية التي تحتلها اسرئيل.. ولم تكن الرحلة التي تستغرق ساعتين لتخطر على بال معظم الفلسطينيين. ندا (18 عاما) وهي من عرب القدسالشرقية واحدة من أكثر من 300 طالب عربي كثير منهم مواطنون اسرائيليون التحقوا بكلية يهودا والسامرة في ارئيل وهي مستوطنة يهودية كبرى في قلب الاراضي الفلسطينية في الضفة الغربيةالمحتلة. وتقول ندا في تحقيق أجرته وكالة الانباء البريطانية "كان الأمر صعبا قليلا في البداية. لكن أهم شئ هو أن أتعلم. سألني بعض الأصدقاء - لماذا تذهبين الى هناك؟.. ولكني أريد ذلك وسمح لي والدي." وتقع الكلية على قمة تل وتحيط بحرمها الأشجار وترحب بالاسرائيليين والفلسطينيين بهدف تحقيق تنوع. ويمكن ان يعزز وجود طلبة عرب مكانة الجامعة في الحياة الاكاديمية الاسرائيلية. وتقبل معاهد التعليم العالي العرب الذين يمثلون 20 بالمئة من السكان ولكنهم غالبا ما يشعرون بانهم مهمشون. وقال ميخائيل ستولتز المتحدث باسم الكلية "لا ننظر لأنفسنا كمستوطنة. نرى أنفسنا استمرارا للحلم اليهودي ولكن الحلم اليهودي يضم أقلية عربية." ويقول الطلبة العرب انهم لم يحصلوا على درجات تؤهلهم لكليات أكثر انتقائية في اختيار طلبتها داخل اسرائيل كما لا يريدون الدراسة في معاهد فلسطينية أو في دول عربية خشية إلا تضمن لهم مؤهلاتهم الدراسية وظائف في الدولة اليهودية بعد التخرج. ويقول عادل حميد (20 عاما) وهو طالب من القدسالشرقية التحق ببرنامج تأهيل للدارسة الجامعية في اسرائيل "اذا درست في جامعتي بير زيت أو القدس لن يعترف أحد في اسرائيل بشهادتك." ويمثل 320 عربيا التحقوا بالكلية نسبة ضئيلة من اجمالي عدد الدارسين البالغ 8500 الا ان عددهم يتزايد سريعا حتى وان كان معظمهم يعارض الاحتلال الاسرائيلي للضفة العربية. وقبل عام واحد كان عدد الطلبة العرب في الكلية 235 فقط. ويدرس بالكلية ايضا فلسطينيون من القدسالشرقية التي ضمتها اسرائيل في عام 1967 في خطوة لم تلق اعترافا دوليا ولكن لا يوجد طلبة فلسطينيون من باقي الضفة الغربية وقطاع غزة. وتقول الكلية انها ستقبلهم ولكن لم يتقدم أي منهم بطلبات التحاق في ظل الانتفاضة التي بدأت منذ خمس سنوات والقيود التي تفرضها اسرائيل على السفر في الضفة الغربية. وتقول زينب عليان (18 سنة) من القدسالشرقية انها التحقت بالكلية لعدم استطاعتها الالتحاق بأي كلية أخرى ولا يوجد "أي مكان أفضل". وأعربت زينب عن اعتقادها بضرورة إزالة المستوطنات ومنها ارئيل كشرط لاقرار السلام ولكنها دافعت عن قرارها الدراسة هناك قائلة " البلد كله محتل. جئت هنا لاتعلم." وفي مايو ايار وفي خطوة مثيرة للجدل قبل الانسحاب الاسرائيلي من قطاع غزة بعد 38 عاما من الاحتلال أيدت الحكومة الاسرئيلية منح الكلية وضع الجامعة وبدأت الآن في ادخال دراسات عليا. وقال رئيس الوزراء الاسرائيلي ارييل شارون ان منح الكلية وضع جامعة يساعد على تعزيز التكتلات الاستيطانية في الضفة العربية التي تريد اسرائيل الاحتفاظ بها في أي اتفاق سلام نهائي مع الفلسطينيين. وأثارت هذه الخطوة غضب الفلسطينيين الذين يعتبرون جهود دعم المستوطنات تهديدا لعملية السلام ولهدف اقامة دولة تتوفر لها مقومات الحياة في الضفة الغربية وقطاع غزة. اما ندا فترى انها قضية اكاديمية. وقالت عن تحويل الكلية الى جامعة "انا سعيدة وآمل ان يحدث بالفعل". وفي الكلية حيث تدرس المناهج بالعبرية ترى طالبات عربيات يرتدين الحجاب ويتحدث العرب لغتهم في القاعات ويجلسون بجوار يهود متشددين ومستوطنين يمنيين وعلمانيين اسرائيليين ومهاجرين جدد. ويقيم عشرات العرب في مساكن الجامعة وعادة لا يشاركهم يهود غرفهم. ويواجه كثير من الطلبة التبعات السياسية لاختيار كليتهم ويقولون انهم غالبا ما يشعرون بعدم ارتياح ازاء قرار الدراسة في ارئيل. ووصفت محكمة العدل الدولية المستوطنات بانها غير شرعية ويرى الفلسطينيون انها العقبة الرئيسية امام عملية السلام. ويقول محمود حمش الطالب بالسنة الثالثة بقسم القانون الجنائي وهو من بلدة جسر الزرقا العربية "انا اسرائيلي وبكل تأكيد مسلم وعربي وفلسطيني. انها هوية صعبة. كاسرائيلي لا اجد بأسا في الدراسة هنا ولكن ليس كفلسطيني." ويقول آخرون انهم يشعرون بتوتر مستتر ولكن أحسوا ان بوسعهم الدراسة في ارئيل مع تراجع الانتفاضة الفلسطينية. وقال مجدي حسين "الوضع هاديء الان. لو كان الوضع اكثر توترا لاخترت الدراسة في القدس." لكنه اضاف ان تفجيرات انتحارية في اسرائيل في اكتوبر تشرين الاول زادت من حدة التوتر. وقال "حين استقل الحافلة اجد عددا كبيرا من الجنود واذا تحدثت بالعربية مع الصديق يحملقون في كانهم يريدون قتلي." ويقول رفعت سويدان الذي يقدم النصح للطلبة العرب انه لم يتسلم شكاوي محددة بشأن تحرشات او عنصرية رغم ان البعض يواجه صعوبات اكاديمية. وقال "ربما تحدث مشكلة اذا سار طالب عربي في ارئيل اسفل التل. ولكن الناس اعتادوا سماع اللغة العربية في المعاهد الاكاديمية." ويقول بعض الطلبة اليهود الاسرائيليين في الجامعة انهم يقدرون التفاعل مع العرب ولكن آخرين يقولون ان ترحيب الكلية بهم يثير حيرتهم. وقالت رافيتال صباغ التي تخرجت من قسم القانون الجنائي حديثا وهي تجلس خارج مقصف الجامعة "كان هناك عربيان في فصلي. لم يتحدثا كثيرا. ليس هناك ما نتحدث عنه. لا اعتقد ان الحاق العرب فكرة سديدة. لا اثق بهم." وتقول صديقتها جالي مارك وهي خريجة حديثة ايضا انها ايضا لا تريد ان يلتحق عدد أكبر من الطلب العرب بالجامعة. واضافت "لن يأتي اليهود للدراسة هنا" ان فعلوا.