نشرت وسائل الإعلام فى يوم 26 إبريل الجارى (منها جريدتا الأهرام والمصرى اليوم)، أن لجنة الانتخابات الرئاسية برئاسة المستشار فاروق سلطان رئيس المحكمة الدستورية العليا قررت الموافقة على خوض الدكتور أحمد شفيق رئيس الوزراء الأسبق على خوض الانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها يومى 23 و 24 مايو المقبل، وذلك بعد قبول تظلمه، والطعن الذى تقدم به ضد دستورية التعديلات على قانون مباشرة الحقوق السياسية. كما قررت اللجنة إحالة القانون رقم 17 لسنة 2012 الخاص بالتعديلات على قانون تنظيم مباشرة الحقوق السياسية "العزل السياسى" إلى المحكمة الدستورية العليا للنظر فى مدى دستوريته والاستمرار فى إجراءات الانتخابات الرئاسية فى مواعيدها المقررة. كان مجلس الشعب قد أصدر هذا القانون وأرسله للمجلس الأعلى للقوات المسلحة لتوقيعه من السيد المشير رئيس المجلس، ولكنه أحاله للمحكمة الدستورية العليا للإفادة برأيها نحو مدى دستوريته، وقلنا فى مقال سابق إن هذه الإحالة تعتبر خروجًا على مبدأ الفصل بين السلطات، ونقصد هنا السلطة التشريعية والسلطة القضائية، ولكن المحكمة سارعت بالحكم بعدم اختصاصها فلم يكن أمام المشير إلا توقيع القانون ونشره فى الجريدة الرسمية وإبلاغ مجلس الشعب بذلك، فقامت لجنة الانتخابات الرئاسية باستبعاد الفريق أحمد شفيق من خوض الانتخابات الرئاسية، ولكن الأمر تغير فى ساعات على نحو ما سبق ذكره، ورجعت اللجنة فى كلامها، بعد "مرافعة طنّانة" من الدكتور شوقى السيد هاجم فيها القانون ووصفه بعدم الدستورية وإصابته بالعوار الدستورى، وكأنه يترافع أمام محكمة بجد!! كان الدكتور شوقى السيد قد اشترك معى فى برنامج تليفزيونى فى قناة التحرير من حوالى أسبوعين وقال لى بلهجة الشماتة إن مجلس الشعب ( الذى أتشرف بعضويته) سوف ينحل، الفرق بينى وبينه أننى عضو مُنتخب من الشعب الذى أسقط حسنى مبارك وهو أكثر الحكام فسادًا فى تاريخ مصر الحديث، أما الدكتور شوقى السيد فكان عضوًا معينًا فى مجلس الشورى، والذى عينه هو حسنى مبارك، ولذلك من الطبيعى أن يتمنى حل مجلس الشعب المُنتخب من الشعب، وحتى لو تم حل المجلس، فهناك فرق بينى وبينه، سيظل أبد الدهر على النحو سالف الذكر، فهو كان معينًا من حسنى مبارك، وأنا مُنتخب من الشعب الذى أسقط مبارك، وسأظل فخورًا بذلك. إن الذى صاغ المادة رقم 28 من الإعلان الدستورى الصادر فى 30 مارس 2011، ونص على أن لجنة الانتخابات الرئاسية "لجنة قضائية عليا" قد أخطأ خطأ مهنيًا عمديًا، "فهى لجنة إدارية مهما كان تشكيلها". وأيًا ما كان من الأمر، فهل يجوز لهذه اللجنة إحالة قانون "الفلول" سالف الذكر إلى المحكمة الدستورية العليا؟ إن المادة رقم 29 من القانون رقم 48 لسنة 1979 بشأن المحكمة الدستورية العليا تنص على أن: "تتولى المحكمة الرقابة القضائية على دستورية القوانين واللوائح على الوجه التالى: أ) إذا تراءى لإحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى أثناء نظر إحدى الدعاوى عدم دستورية نص فى قانون أو لائحة لازم للفصل فى النزاع، أوقفت الدعوى وأحالت الأوراق بغير رسوم إلى المحكمة الدستورية العليا للفصل فى المسألة. ب) إذا دفع أحد الخصوم أثناء نظر دعوى أمام إحدى المحاكم أو الهيئات ذات الاختصاص القضائى بعدم دستورية نص فى قانون أو لائحة ورأت المحكمة أو الهيئة أن الدفع جدى، أجلت نظر الدعوى وحددت لمن أثار الدفع ميعاداً لا يجاوز ثلاثة أشهر لرفع الدعوى بذلك أمام المحكمة الدستورية العليا، فإذا لم ترفع الدعوى فى الميعاد اعتبر الدفع كأن لم يكن". وهكذا فقد تجاوزت اللجنة اختصاصها وخالفت كل هذه الإجراءات بإحالتها القانون إلى المحكمة الدستورية العليا التى سبق أن حكمت بعدم الاختصاص من عدة أيام قليلة. إنها إحالة باطلة، وحتى لو قضت المحكمة الدستورية العليا (التى يرأسها نفس رئيس لجنة الانتخابات الرئاسية) وهو أمر مستبعد، لأن ما بنى على باطل فهو باطل. إن الصراع حول قانون "العزل السياسى"، "الفلول"، أصبح يشبه الصراع بين القط "توم" والفأر"جيرى"، فى مسلسل "قانونى" يحاول فيه توم "الفلول" أن يمسك بجيرى "وهو قانون الفلول"، كى يعده كوليمة ويأكله، لكن جيرى يهرب دائمًا ويراوغه وينتصر عليه، ويقع توم دائمًا فى مآزق. الحل فى يد الشعب، فإما أن ينتخب رئيسًا من الفلول لا تهمه الشريعة ويحول مصر إلى دولة علمانية ويقضى على معارضيه بالحديد والنار والسجون والمعتقلات، وإما ينتخب رئيسًا يخشى الله ويتقه ويعمل على تطبيق الشريعة. على المرشحين "الإسلاميين" إذا كانوا يريدون وجه الله أن يتفقوا على مرشح واحد فقط يقفوا ونقف جميعًا وراءه، أما إذا دخلوا جميعًا فى الانتخابات فسوف تتفتت الأصوات ولن ينجح أحد، وحينئذ سيركب مصر أحد الفلول ويعود حسنى مبارك باسم آخر، وسيكون المرشحون "الإسلاميون" هم السبب والوسيلة لفشل الحلم الإسلامى وعودة النظام السابق. بصراحة أنا غير متفائل، وأخشى أن النصر سيكون لتوم بأيدى المرشحين الإسلاميين بل والناخبون أنفسهم الذين تأثروا بالدعاية المضادة للإسلاميين. إذا جاء توم فسيأكل الجميع وعليه العوض.. وربنا يستر. كاتب المقال اللواء الدكتور عادل عفيفى رئيس حزب الأصالة وعضو مجلس الشعب