سيطرت حالة من الانقسام الشديد بين التيارات الإسلامية التى لم تحسم بعد خياراتها لدعم مرشح رئاسى بعينه، وزاد إعلان "الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح" بدعم الدكتور محمد مرسى المرشح "الاحتياطى" لحزب "الحرية والعدالة" من حالة الاستقطاب داخل الحركة الإسلامية، إذ أعلن أكثر من فصيل إسلامى تحفظه على هذا التوجه، وطالب جماعة "الإخوان المسلمين" بسحب مرشحها لعدم تفتيت الأصوات الإسلامية والسماح للفلول بتصدر المشهد. وتحفظ حزب "النور" على إعلان الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح بدعم مرشح "الإخوان"، وخرجت منه إشارات تلمح لإمكانية دعم المرشح المستقل الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح وسط مخاوف من هيمنة الإخوان المسلمين على المشهد السياسى كاملاً . وترك الدكتور عماد عبد الغفور، رئيس حزب "النور" الباب مفتوحًا أمام كل الخيارات بتأكيده، أن الحزب قد يؤيد مرشحًا إسلاميًا "معتدلا" فى انتخابات رئاسة الجمهورية، فى إشارة مباشرة للمرشح الرئاسى عبد المنعم أبو الفتوح، مجددًا موقفه الرافض بدفع مرشح لجماعة "الإخوان المسلمين" لخوض انتخابات الرئاسة . وقال عبد الغفور إن المرشحين المعتدلين من أمثال عبد المنعم أبو الفتوح يتنافسون على الفوز بتأييد حزبه، وشدد على أن "مرشح حزب النور سيكون ذا مرجعية إسلامية، والمفاضلة بين الموجودين لدرجة القبول بالمرجعية الإسلامية وتطبيق الشريعة الإسلامية ولو تدريجيًا". وتمسك رئيس حزب "النور" بموقفه الرافض لقرار "الهيئة الشرعية للحقوق والإصلاح" بدعم الدكتور محمد مرسى فى انتخابات الرئاسة، باعتباره لا يمثل قرار "الدعوة السلفية" وحزب "النور"، لافتا إلى أن قرار الهيئة الشكل يعتبر خروجًا واضحًا من مبادرة التوافق التى دعت إليها "الدعوة السلفية"، واستباقًا للجهود التى تبذلها الأطراف المشاركة فيها للالتفاف حول مرشح واحد. وأضاف: "الدعوة السلفية" وحزب "النور" متمسكان بإعلان رأيهما فى إطار المبادرة التى أطلقتها الدعوة السلفية، مؤكدا أنهما لم يتخذا رأيًًا بعد فى دعم أحد المرشحين لانتخابات الرئاسة. على صعيد آخر، استمرت حالة الجدل داخل الجماعة الإسلامية حول هوية المرشح الرئاسى المفضل لها، حيث لم تحسم المسألة الجمعية العمومية للجماعة التى عقدت أمس الأول بحضور لفيف من قياداتها من بينها أعضاء فى مجلس الشورى السابق المقربين من كرم زهدى، رئيس مجلس شورى الجماعة السابق، فضلا عن حضور شخصيات بارزة تمثل التيارات السياسية المختلفة، ومن بينهم الدكتور محمود حسين، الأمين العام لجماعة "الإخوان"، والدكتور صفوت حجازى وممثل للدكتور عبد المنعم أبو الفتوح المرشح الرئاسى المفضل لعدد كبير من أعضاء عمومية الجماعة . وقال عبود الزمر عضو مجلس شورى الجماعة الإسلامية إن الجمعية العمومية فوضت مجلس الشورى فى اتخاذ القرار المناسب فى ضوء المشاورات الجارية مع القوى الإسلامية للتوافق حول دعم مرشح بعينه لانتخابات الرئاسة . وأشار إلى أن التصويت داخل الجمعية العمومية جرى على مستويين، الأول هو إمكانية تفويض مجلس الشورى فى إجراء مشاورات مع القوى الإسلامية حول المرشح الرئاسى المفضل لدى أعضاء الجمعية، والثانى التصويت على المرشح الأفضل بين الدكتور محمد مرسى والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح لدى الجمعية العمومية، حيث لم يصل كلاهما لنصاب 50% مما فرض على الجمعية العمومية إعادة التصويت على هذا الأمر فى توقيت لاحق. وأشاد الزمر بما أسماه "العرس الديمقراطى" داخل الجمعية العمومية وعلى السلوكيات الراقية التى أبداها أعضاء الجمعية العمومية الذين فضلوا تحقيق التوافق الإسلامى فى دعم مرشح بعينه على آرائهم الشخصية، وهو ما اعتبره حالة من النضج السياسى الذى حققه الجماعة رغم حداثة تجربتها الحزبية . وفى سياق مواز، قال الدكتور خالد سعيد، المتحدث الرسمى للجبهة السلفية، إن الجبهة تدعم حازم صلاح أبو إسماعيل حتى تلك اللحظة، وأضاف "كل ما ذكرناه فى وسائل الإعلام هو معطيات لنقاش قضية انتخابات الرئاسة فى المرحلة القادمة فى حال عدم إلغاء اللجنة الرئاسية وإسقاط المادة 28 من الإعلان الدستورى". وأشار إلى أنه فى حال إجراء هذه الانتخابات فالجبهة ترى عدم جدوى إفساد الأصوات ولزوم التصويت لمرشح ينتمى جملة للتيار الإسلامى وأوفرهم حظاً الدكتور محمد مرسى، مرشح جماعة الإخوان المسلمين، والدكتور عبد المنعم أبو الفتوح، المرشح المنفصل عن جماعة الإخوان المسلمين أيضا"ً. واستدرك قائلا: كل ما جرى هى مناقشة موضوعية للقضية فى هذه الحالة ومحاولة المفاضلة بينهما بما يتوافق والمصلحة الشرعية وفق المعطيات وهى أن الدكتور عبد المنعم أبو الفتوح هو شخصية لها حضور رجل الدولة وله قدر من القبول الشعبى وغير منحاز الآن إلى جماعة، كما أنه منفتح على بقية التيارات السياسية ومنها الليبرالية اقتناعاً لا مواءمة ورغم أن هذا خلاف ما نعتقده وندين الله به إلا أن هذه النقطة تعنى إمكانية نجاحه وسقوط رموز النظام المترشحين للمنصب". وتابع "الدكتور محمد مرسى هو رجل ينتمى لجماعة الإخوان المسلمين وهو أقل حضورًا من وجهة نظرنا على الأقل من الدكتور أبو الفتوح ولكنه ينتمى لجماعة كبيرة متشعبة ولها قدرة كبيرة على الحشد ولها أفراد فى كافة بمعنى كافة مؤسسات الدولة وقبول عالٍ للموازنات والمواءمات وهذا يعطيه قبولاً خارجياً وبعض القبول الداخلى من المؤسسات الحساسة، ولكنه يبقى خياراً فئوياً محدوداً بإطار الجماعة مما يعنى تحيز بقية الفئات السياسية ضده وعدم دعمه مما نخشى معه أن تقل فرصة فوزه وتنقسم الأصوات الإسلامية والقريبة منها بينه وبين الدكتور أبو الفتوح مما قد يوفر فرصة الفوز لأحد فلول النظام المرشحين. وختم بقوله "هذه المناقشة لا تعنى أننا قبلنا بإقصاء الشيخ الأستاذ حازم صلاح أبو إسماعيل ولا تحديداً لمرشح بعينه، كما أن الجبهة ستحاول قدر الإمكان لزوم الجماعة وعدم التفرد والقبول بالأصلح والأوفق، كما لا تعنى قبولنا لكل ما يطرحه الدكتور أبو الفتوح ولا الدكتور مرسى وإنما هى مفاضلة بين المصالح والمفاسد فلم يكن أيهما هو المرشح المفضل لنا قبل الأستاذ أبو إسماعيل".