ينبغي أن أؤكد بداية أنه ليس من المروءة أن تفرح بمصاب أحد مهما اختلفت معه في الرأي خصوصا إن كان صاحب المصيبة لا يملك من أمره شيئا. لفت انتباهي الخبر الذي تناقلته المصادر عن نقل وزير الإسكان الأسبق د.محمد ابراهيم سليمان لمستشفى السجن المحبوس فيه حاليا على خلفية إدانته في تهم فساد واستيلاء على أملاك الدولة بسبب إصابته بحالة نفسية أثرت في قدرته على الكلام . وبحسب الخبر فقدلاحظت إدارة سجن المزرعة المودع به السجين أنه يعاني توترًا وقلقًا شديدًا، وأن زملاءه بغرفة محبسه أخطروا إدارة السجن بأن تصرفاته غير طبيعية. وبعد عرض السجين على الأخصائي النفسي بمستشفى السجن، أفاد في تقريره أنه يعاني قلقًا شديدًا وبطئًا في الكلام، كما أنه مصاب باكتئاب من الدرجة الأولى، وانتابه مرض الخوف العصبي من الأماكن المغلقة. وأوصت اللجنة الطبية بأنه يجب أن يتم ملاحظة السجين على مدار اليوم الكامل خوفًا من تدهور حالته، أو تعريض حياته للخطر، وتنفيذًا لتلك التوصية تمَّ نقل الوزير لأحد عنابر مستشفى السجن لملاحظة حالته. يحدث هذا للوزير الأسبق في نفس الوقت الذي يجوب فيه الدكتور محمد مرسي النائب بمجلس الشعب ورئيس حزب الحرية والعدالة ومرشحه في انتخابات الرئاسة محافظات مصر ملتقيا بأنصاره ومؤيديه في مؤتمرات حاشدة يؤمها أعداد غفيرة قدرت بعشرات الآلاف – أحدها كان في استاد المنصورة حضره ما يزيد على خمسين ألف - ولأننا حديثو عهد بثورة ، فإن مشاهد الماضي القريب لا زالت تطل علينا برأسها بين الحين والآخر لتضعنا أمام مفارقات عجيبة لم نكن نحلم بها فضلا عن أن نتوقع معايشتها ، إلا أننا يجب علينا أن نقف أمامها متأملين لنخلص منها بما يفيدنا من دروس وعبر لعلها تنفعنا في قادم الأيام. أقول هذا وأنا أستحضر المناظرة الشهيرة التي جرت بين الرجلين في مجلس الشعب في الفترة من عام 2000 إلى 2005 والتي كان سببها المباشر انهيار أحد العقارات على ساكنيه مما تسبب في وفاة وإصابة الكثيرين. تقدم النائب- آنذاك - بالبرلمان د.محمد مرسي بطلب إحاطة لمناقشة الوزير المختص محمد ابراهيم سليمان حول هذه الحادثة ومثيلاتها ، واشتدت حدة النقاشحول الموضوع لتخرج لنا هذه المناظرة التي كاشفة عن حالة غريبة من البلادة واللامبالاة كان عليها النظام البائد بأجهزته التنفيذية والتشريعية. لم يرق هذا البيان لعدد من أعضاء البرلمان ومنهم د. محمد مرسي لأنهم كانوا يرجعون انهيار العقار إلى الفساد المستشري في أجهزة الدولة المانحة لتراخيص المباني والذي يقابله تقاعس متعمد من الحكومة. يستطيع القارئ الكريم عن طريق الشبكة العنكبوتية أن يبحث عن هذه المناظرة ليلاحظ مقدار القوة والثقة التي كان يتحدث بها الوزير الأسبق عن نفسه ، وكيف أن الحظ خدم د. مرسي لكون الوزير مهندسا وبالتالي فعليه أن يستعد ليتعلم منه – أي من الوزير –" شوية حاجات" ، يحدث هذا مع علم الوزير بأن الدكتور مرسي يعمل رئيسا وأستاذا لقسم المواد في كلية الهندسة جامعة الزقازيق. من يشاهد هذا المقطعويتأمل طريقة حديث الوزير السابق ومداخلات زبانية الحزب الوطني – بما فيهم رئيس البرلمان – يجد مثالا حيا للباطل الذي غره انتصاره في جولة وظنها دائمة له ،فاستعلى على الحق الذي لا يجد له معينا إلا الله والقليل من المخلصين. لقد وعد الله عز وجل عباده الصابرين بأجزل العطاء في الآخرة ، فقال تعالى " إنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب " إلا أن الكريم سبحانه يأبى إلا أن يزيدنا مع هذا الجزاء الآجل منحة عاجلة في الدنيا ليربط على قلوب المؤمنين ويزدادوا إيمانا مع إيمانهم و" يشفي صدور قوم مؤمنين". [email protected]