شهدت الأيام الأخيرة تطورات حادة وخطيرة فى سباق الرئاسة، بدأت بدخول عمر سليمان السباق فى آخر لحظة مما أعطى انطباعًا بأنه كان يخطط منذ البداية لاقتناص الرئاسة والسطو عليها عن طريق الاستخدام غير الشرعى للمادة 28 من الإعلان الدستورى، ثم لم تمض بضعة أيام حتى صدمتنا المفاجأة الثانية باستبعاد أهم وأقوى ثلاثة مرشحين للرئاسة وعلى رأسهم عمر سليمان نفسه، فبرغم أن الرجل لم يبق فى السباق سوى بضعة أيام قلائل، إلا أن ترشحه قد أحدث من الأثر فى الساحة السياسية ما لم يحدثه ترشح أى شخص آخر، لا يوجد رجل على أرض مصر إلا وقد اهتزَّ وجدانُه بشدة إما طربًا وإما فزعًا، فأنصاره من الفلول وجدوا فيه الفارس الرومانى الشهير الذى جاء ليخلصهم برمحه من تنين الثورة، بينما أصاب خصومه من الثوريين حالة من الخوف الهستيرى الممزوج بالترنح والتخبط، مما دعاهم إلى استخدام سلطة التشريع ذاتها فى محاولة يائسة لإيقافه لولا أن تداركهم قرار اللجنة باستبعاده، فهدأت النفوس وارتاحت القلوب. ولكن لم تزل فى حلقنا مرارة الأيام القليلة التى بقى فيها مرشحًا، وهذه المرارة تدعونى إلى التأمل مليًا فى الحالة المتردية التى وصلنا إليها، وكيف أن القوى الثورية قد انشغلت بالصراع التنافسى فيما بينها على السلطة، وتركت الشارع تسيطر على عقله فضائيات الفلول وعلى قلبه أزمات الجنزورى حتى كاد أن يكفر بالثورة، يجب أن تدرك القوى الوطنية أن مرحلة بداية الثورة هى مرحلة مشاركة وليس مغالبة، فالمشاركة هى التى تؤدى إلى توحيد القوى الثورية على قلب رجل واحد فى مواجهة المجلس العسكرى فلا يجد مفر من تسليم السلطة، أما وأن السلطة لم تسلم بعد إلى المدنيين ففيم التنافس وفيم المغالبة وعلى أى شىء تتصارعون ؟! جدير بالتيارات الإسلامية أن تسلك نهجًا مركبًا من شقين: الاتفاق سريعًا على مرشح إسلامى واحد، ثم التوافق مع القوى السياسية الأخرى على دعم هذا المرشح ومعه نائبين وعدد من المستشارين يشكلون فى مجموعهم مجلسًا رئاسيًا معبرًا عن مجموع القوى الوطنية ويحظى بتأييد الجميع، هذا التصور هو ما يجرى السعى إلى تحقيقه فعلاً على أرض الواقع، ولكن ينبغى علينا أن نعترف أننا ما كنَّا لنسلك هذا السبيل لولا ذلك الدرس القاسى الذى تلقيناه عبر ترشح عمر سليمان. بقى أمر أخير، فأنا لا أستطيع أن أصدق أن عمر سليمان قد أهدر فرصته الذهبية فى المنافسة على منصب الرئاسة بإهماله تقديم بضع مئات فقط من التوكيلات الموجودة بالفعل لديه، ولم يدخل عقلى ذلك التعنت غير المفهوم من اللجنة برفض تظلمه رغم تقديم التوكيلات الناقصة، الأمر بلا شك وراءه سر، وهذا يدعونا إلى التساؤل عن الجهة التى تدير الصراع فى مواجهة القوى الوطنية، هل هو المجلس العسكرى أم أنه عمر سليمان نفسه أم هو طرف ثالث خارجى! وفى جميع الحالات ما هى المصلحة فى تقديم عمر سليمان ثم استبعاده بهذه السرعة؟! وهل مازالت هناك مفاجآت سنراها قريبا من عمر سليمان !؟ ربنا يستر . [email protected]