لم تكد تمر أيام على الزيارة الاستفزازية التي قام بها الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد لجزيرة أبو موسى الإماراتية التي تحتلها إيران منذ عام 1971 ، إلا وفوجئ الجميع بخطوات تصعيدية جديدة من جانب طهران. ففي 15 إبريل، أعلن رئيس لجنة الأمن القومي والسياسة الخارجية بمجلس الشورى الإيراني علاء الدين بروجردي أن ما سماها مزاعم الإمارات بشأن جزيرة أبو موسى "واهية" لأن هذه الجزيرة هي جزء من التراب الإيراني. ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية "إرنا" عن بروجردي القول على هامش جلسة برلمانية:" هذه ليست المرة الأولى التي تطرح فيها الإمارات مثل هذه المزاعم"، مؤكدا أن نواب مجلس الشورى بدأوا بجمع التوقيعات لإصدار بيان حول تلك المزاعم . ولم يقف الأمر عند تصريحات بروجردي السابقة، حيث أعلنت شركة سياحية إيرانية أيضا عن تنظيم رحلات بحرية إلى الجزر الإماراتية الثلاث المحتلة، أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى، الأمر الذي يهدد بتصعيد أكبر للأزمة بين إيرانوالإمارات. ونقلت وكالة الأنباء الإيرانية عن المدير العام لفنادق بارس للاستثمارات جشميد حمزة زاده القول إن شركته قررت تنظيم رحلات سياحية إلى جزر أبو موسى وطنب الكبرى وطنب الصغرى، وأنها بصدد تنظيم رحلات بحرية منتظمة لهذه الجزر. وبالنظر إلى أن تلك الاستفزازات الإيرانيةالجديدة جاءت قبل ساعات من الاجتماع الاستثنائي الذي قررت دول مجلس التعاون الخليجي عقده في الدوحة في 17 إبريل لبحث انتهاك نجاد الصارخ لسيادة الإمارات على جزيرة أبو موسى، فقد رجح كثيرون أن يسفر الاجتماع الخليجي عن عقوبات دبلوماسية واقتصادية ضد طهران. ولعل الإجراءات التي اتخذتها الإمارات في أعقاب زيارة نجاد الاستفزازية لجزيرة أبو موسى ترجح صحة ما سبق، حيث استدعت على الفور سفيرها لدى طهران للتشاور، وألغت مباراة ودية في كرة القدم مع إيران كان من المقرر إقامتها في 17 إبريل في أبو ظبي، كما تقدمت برسالة احتجاج إلى الأممالمتحدة تدين فيها انتهاك إيران لسيادتها على الجزيرة المحتلة. وكان وزير الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد أكد في وقت سابق أن زيارة نجاد لجزيرة أبو موسى في 11 إبريل تشكل انتهاكا صارخا لسيادة الإمارات على أراضيها، ونقضا لكل الجهود والمحاولات التي تبذل لإيجاد تسوية سلمية لإنهاء الاحتلال الإيراني للجزر الإماراتية الثلاث، طنب الكبرى والصغرى وأبو موسى، عبر المفاوضات المباشرة أو اللجوء لمحكمة العدل الدولية. واعتبر عبد الله بن زايد أن هذه الزيارة تكشف زيف ادعاءات طهران بشأن حرصها على إقامة علاقات حسن جوار وصداقة مع الإمارات ودول المنطقة. وترجع أهمية الجزر الثلاث التي احتلتها إيران في عام 1971 غداة الانسحاب البريطاني منها وقبل وقت قصير من إعلان استقلال الإمارات عن بريطانيا إلى وضعها الاستراتيجي في مدخل الخليج العربي، حيث تقع قرب ممرات الملاحة في مضيق هرمز، كما أنها غنية باحتياطيات الغاز. وكانت الإمارات دعت مرارا إلى حل مسألة الجزر عبر المفاوضات المباشرة مع إيران أو اللجوء إلى محكمة العدل الدولية، وهو ما ترفضه طهران. وبصفة عامة، يجمع كثيرون أن توقيت الزيارة الاستفزازية التي قام بها نجاد لجزيرة أبو موسى غير بعيد عن محاولة طهران استعراض عضلاتها من ناحية والتغطية على جرائم النظام السوري من ناحية أخرى. ولعل ما يدعم صحة ما سبق أن زيارة نجاد لجزيرة أبو موسى جاءت متزامنة مع عدم التزام الرئيس السوري بشار الأسد بالمهلة الأولى لوقف العنف في 10 إبريل ومواصلته انتهاك المهلة الثانية التي بدأ سريانها في 12 من الشهر ذاته، ما اعتبر محاولة مقصودة من قبل طهران لخطف الأضواء من الأزمة السورية وإعادة خلط الأوراق في المنطقة، بل والسعي أيضا لابتزاز دول مجلس التعاون الخليجي للتراجع عن موقفها المطالب بتنحي الأسد.