قال محمد بن سالم الوزير السابق والنائب عن حركة «النهضة» التونسية، إن الرئيس عبد الفتاح السيسي لا يمكن أن يقوم بدور إيجابي لحل الأزمة الليبية، مشيرا إلى أن السيسي يسعى لإفشال كل محاولات الربيع العربي، و«لن يكون سعيدا بوجود ليبيا ديمقراطية مجاورة لمصر »، على حد قوله. كما أكد أن الحركة لم تفرض نفسها على الملف الليبي، مشيرا إلى أن جهود رئيس الحركة الشيخ راشد الغنوشي فيما يتعلق بالمصالحة، جاءت بطلب من أطراف ليبية عدة، وفقا ل"القدس العربي". واعتبر، من جهة أخرى، أن الحملة التي يتعرض لها الرئيس السابق د. منصف المرزوقي تقودها أطراف، من بينها حزب «نداء تونس»، وتأتي في إطار «قطع الطريق» على المرزوقي للترشح مجددا للانتخابات الرئاسية، كما حذر من احتمال استهداف الآمنين خلال مشاركتهم في الانتخابات البلدية المُقبلة. وأكد "بن سالم" في حوار خاص مع «القدس العربي» أن المصالحة في ليبيا هي «مصلحة وطنية ليبية ومصلحة وطنية تونسية وجزائرية بالضرورة، ودخول مصر على الخط لا يحمل أي فائدة لأنها لا تملك مواصفات الوسيط المحايد، فمن المعروف أنها منحازة لجهة حفتر انحيازا كبيرا وتقوم بتسليح قواته وربما بعض طائراتها تشارك في قصف الطرف الآخر (إلى جانب حفتر)، ولذلك لا أعتقد أن وجود مصر هو عامل إيجابي في هذه المفاوضات، وتابع لا أتصور أن السيسي الذي يقوم بدور لإفشال كل محاولات الربيع العربي ومحاولات الوئام في الدول التي قامت بها الثورات، يستطيع أن يقول إن «الحل» الذي عمله في مصر والدوس على حقوق الإنسان وآلاف القتلى وعشرات الآلاف في السجون قد يكون هو الحل الأمثل بالنسبة لليبيا، لذلك لا أظن أنه في قرارة نفسه سيكون سعيدا بأن تكون ليبيا مزدهرة وفيها ديمقراطية وتعطي صورة أحسن بكثير مما هي عليه مصر ». وحول احتمال زيارة الرئيس السيسى إلى تونس، قال بن سالم «أنا شخصيا لا أرحب بوجود السيسي في تونس، ولكن نحن في دولة ديمقراطية ومن حق رئيس الجمهورية، وهو المسئول الأول عن العلاقات الخارجية، أن يستدعي من يراه صالحا، وأنا لا أعترض على ذلك". وأضاف: هناك من دعا إلى مظاهرات ضد مجيء السيسي إلى تونس وحركة النهضة لم تدع إلى ذلك ولكن أنا شخصيا أعتبر أن وجوده ليس فيه فائدة لتونس لا اقتصاديا (ونحن نعرف الحالة الاقتصادية لمصر) ولا سياسيا ولا حتى في الملف الليبي لأنه منحاز لطرف دون آخر ووجوده يمكن أن يعكّر صفو المفاوضات». وأكد، في السياق، أن حركة «النهضة» لديها علاقات جيدة مع مختلف الأطراف في ليبيا ف»نحن ليس لدينا عِداء مع أي طرف، بل لدينا اتصالات قائمة مع كل الأطراف وهم يعبرون عن احترامهم لحركة النهضة . وأردف أن الشيخ راشد الغنوشي مؤهل لأن يقوم بدور إيجابي في مسألة المصالحة في ليبيا، وهذا الأمر تم بطلب من الأخوة الليبيين أنفسهم، أي أننا لم نفرض أنفسنا في الملف الليبي بل الأخوة الليبيون يأتون ويقولون أنتم بالمثال الذي أعطيتموه في الوفاق الموجود في تونس مؤهلون أن تعاونونا في هذا الاتجاه، وثمة مصلحة ليبية وتونسية وعربية أن يكون هناك وئام في ليبيا، كما أسلفت». ويتعرض الرئيس التونسي السابق منصف المرزوقي منذ أيام إلى حملة انتقادات كبيرة تطالب بترحيله من تونس بتهمة «تشويه سمعة التونسيين» إثر تصريحات «مجتزأة» منسوبة لها اتهم فيها المجتمع التونسي ب»المحسوبية والرشوة والعمل السيئ والكذب والنفاق». ووصف بن سالم هذه الحملة بأنها «استباقية خوفا من ترشّح المرزوقي للرئاسة فهناك مصلحة من أكثر من جهة لاستبعاده أو قطع الطريق أمامه رغم أنه لم يصرح أن لديه رغبة للترشح ثانية، ولكنها كذلك محاولة يائسة، ففي الأمس (الأحد) عملوا تظاهرة لكنها كانت بمثابة فضيحة بكل المقاييس حيث حضر عشرون شخصا فقط (أمام منزل المرزوقي) رغم أن عددا كبيرا من وسائل الإعلام سوّقت لهذه الحملة، ولذلك لا أظن أن هذه الحملة ستؤثر على معنويات الدكتور المرزوقي أو أنصاره». وأضاف «من الطبيعي أن يكون لنداء تونس وتفرعاته علاقة بهذه الحملة وخاصة أن المرزوقي كان المنافس الرئيسي للباجي قائد السبسي في الانتخابات الرئاسية الأخيرة، لذلك من الطبيعي أن يكونوا سعداء بحملة تحاول تشويه المرزوقي ولا يُستبعد أن يحركوها من قريب أن بعيد، فالأشخاص الذين فتحت لها وسائل الإعلام أبواقها للحديث عن الحملة، يعرف أهل سوسة انتماءاتهم السياسية جيدا». وكان البرلمان التونسي صادق مؤخرا على تعديل القانون الانتخابي والذي يمكّن العسكريين والأمنيين من المشاركة في الانتخابات البلدية الأخيرة، وهو أثار ردود فعل متفاوتة في البلاد، حيث اعتبر البعض أنه من حق القوات الحاملة للسلاح بالمشاركة في التصويت، فيما اعتبر البعض أن هذا الأمر يتعارض مع مبدأ الحياد الذي ينص عليه الدستور بالنسبة للمؤسستين الأمنية والعسكرية. وعلّق بن سالم على ذلك بقوله «من يشارك في الانتخابات يجب أن يكون مسجلا في القوائم الانتخابية وهذا أمر ضروري في العالم أجمع، كما أن أحد شروط صحة الانتخابات هو نشر القوائم الانتخابية، واليوم نحن نعاني من الإرهاب في بلادنا ونرغب بوضع أسماء وعناوين وأرقام بطاقات التعريف (الهويات الشخصية) لكل الضباط وعناصر الأمن. وأدعو الناس المتحمسين لهذا الموضوع (مشاركة الأمنيين في التصويت بالانتخابات) للتفكير قليلا في هذا الموضوع، كما أنه على النقابات الأمنية وأيضا الناس الذين يقومون بمزايدات سياسية في هذا الموضوع تحمل مسؤوليتهم، في حال كان هنا استهداف – لا سمح الله – للأمنيين المشاركين في الانتخابات، وعليهم أن يعرفوا بأنهم كانوا على خطأ حول هذا الأمر».