قالت صحيفة "الفايننشال تايمز" البريطانية, إن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب كشف بوضوح عنصريته ضد المسلمين عندما استثنى المسيحيين السوريين من قراره حول منع دخول رعايا سبع دول مسلمة إلى الولاياتالمتحدة, وأضافت الصحيفة في افتتاحيتها في 30 يناير, أن خطوة استثناء المسيحيين السوريين ستزيد من المشاعر المعادية للولايات المتحدة في العالم الإسلامي, واستفاد منها أيضا تنظيم الدولة "داعش" في تحقيق "انتصار دعائي". وتابعت "التوجهات المعادية لليبرالية, التي يتبعها ترامب بزعم محاربة التطرف, هي في الأساس محاولة للتمييز على أساس الدين، وهذا ما ظهر بوضوح عندما اعترف الرئيس الأمريكي بأنه يعطي أولوية لتوطين اللاجئين السوريين المسيحيين في الولاياتالمتحدة". وأشارت الصحيفة إلى أن قرار ترامب يؤدي إلى تداعيات كارثية وينشر الكراهية والعنصرية في العالم, كما ينتهك الهويات الثلاث, التي عرفت بها الولاياتالمتحدةو وهي أنها دولة القوانين والمهاجرين والحريات. وكان ترامب وقع الجمعة الموافق 27 يناير قرارا تنفيذيا يحظر دخول اللاجئين السوريين إلى الأراضي الأمريكية، ويمنع إصدار تأشيرات دخول لمواطني ست دول إسلامية أخرى، وهو ما عدّه حقوقيون تمييزا ضد المسلمين ومخالفا للدستور الأمريكي. وقال ترامب عقب التوقيع، إن القرار يمنع دخول من وصفهم ب"إرهابيي الإسلام المتطرف"، وأضاف "نريد فقط أن نقبل في بلادنا هؤلاء الذين يدعمون بلادنا ويحبون شعبنا بعمق". وينص القرار, الذي جاء تحت عنوان "حماية الأمة من دخول إرهابيين أجانب إلى الولاياتالمتحدة", على تعليق برنامج دخول اللاجئين بالكامل أربعة أشهر على الأقل، حتى يتم اتخاذ إجراءات تدقيق جديدة أكثر صرامة. كما يمنع القرار اللاجئين السوريين تحديدا من دخول الولاياتالمتحدة إلى أجل غير مسمى، أو إلى أن يقرر الرئيس أنهم لم يعودوا يشكلون أي خطر، مستثنيا بذلك "الأقليات الدينية"، في إشارة إلى المسيحيين السوريين. وتضمن البند السادس من القرار تقديم وزيري الدفاع والخارجية بعد تسعين يوما من توقيع القرار خطة لإقامة مناطق آمنة للسوريين داخل سوريا وفي مناطق حدودية، إلى أن تتم إعادة توطينهم أو ترحيلهم إلى دولة ثالثة. ويحظر القرار التنفيذي دخول الزوار من سبع دول إسلامية لمدة ثلاثة أشهر على الأقل، وأعلن البيت الأبيض أن الدول هي سوريا وإيران والعراق وليبيا والصومال والسودان واليمن. ونددت جماعات حقوقية بإجراءات ترامب التي تصنف ضحايا النزاعات في الخانة نفسها مع من يوصفون بالمتطرفين. وفي 29 يناير, قررت محكمة اتحادية في مدينة نيويورك، تعليق الأمر التنفيذي الصادر عن ترامب، والقاضي بحظر دخول مواطني سبع دول ذات أغلبية مسلمة إلى الولاياتالمتحدة. وكانت السلطات الأمريكية أوقفت لاجئين عراقيين اثنين بمطار "جون كينيدي الدولي" في نيويورك، في أول تطبيق لقرار ترامب، منع استقبال لاجئين لمدة 120 يوماً. وعلى إثر ذلك، رفع محامون من الاتحاد الأمريكي للحريات المدنية دعوى قضائية لإطلاق سراح اللاجئين العراقيين، ووقف تنفيذ قرار ترامب. وحكمت القاضية "آن دونلي" من محكمة بروكلين الاتحادية في نيويورك بمنح الإقامة المؤقتة في البلاد لمواطني دول يشملهم الأمر التنفيذي، معتبرة أن قرار الترحيل من شأنه أن يُلحق ضررًا يستحيل إصلاحه. وتتواصل في الولاياتالمتحدة المظاهرات المنددة بقرارات ترامب بشأن الهجرة، ويزداد انضمام حكام الولايات والنواب والمسئولين إلى دائرة الاحتجاج ضد تلك القرارات. وشهدت مدينة لوس أنجلوس تجمعا لمئات الناشطين والحقوقيين للتنديد بقرار ترامب، الذي أسفر عن توقيف سبعة أشخاص في مطار المدينة، وطالبوا بإطلاق سراحهم فورا، كما أطلقوا هتافات مرحبة باللاجئين. وفي مدينة سان فرانسيسكو, تجمع نحو مائة ناشط وحقوقي في مظاهرة مماثلة، وعرض الحقوقيون على أسر الموقوفين المساعدة القانونية لتخليص أقاربهم، كما قالت مديرة مكتب حقوق اللاجئين في كاليفورنيا جيني باسكواريلا إنهم يعملون على "إلغاء قرار منع مواطني بعض الدول الإسلامية من دخول الأراضي الأميركية". ومن المقرر خروج مظاهرات عديدة في أنحاء الولاياتالمتحدة بعد ليلة من المظاهرات في المطارات في 28 يناير دعما للاجئين والمهاجرين، فيما يتزايد التلاحم الشعبي من غير المسلمين مع المتضررين من قرارات ترامب، وشهدت المظاهرات حضورا لافتا لحكام ولايات ومشرعين ومسئولين منددين بالقرارات. ونظم ناشطون مظاهرة أمام مطار جون كنيدي الدولي في نيويورك في 28 يناير احتجاجا على توقيف 12 عراقيا، وأشرف على المظاهرة أعضاء في الكونجرس من الحزب الديمقراطي وحقوقيون، حيث رددوا هتافات ترحب باللاجئين، وتطالب "بإقالة ترامب وترحيل عقيلته" ميلانيا ترامب خارج البلاد. بالتزامن مع تصاعد وتيرة الاحتجاجات داخل الولاياتالمتحدة إزاء قرار الرئيس دونالد ترامب منع دخول رعايا سبع دول مسلمة، تعهد نائبان ديمقراطيان في الكونجرس الأمريكي بمواجهة هذا القرار في المحاكم والشوارع. ونقلت "الجزيرة" عن النائبة نيديا فيلاسكيز قولها في مؤتمر صحفي بمدينة نيويورك في 29 يناير, إن قرار ترامب يتناقض مع القيم الأمريكية. كما انتقد حاكم ولاية فيرجينيا تيري مكالف قرار ترامب بشأن الهجرة، وقال :"إنه لا يمكن السماح بالإجراءات العنصرية التي تتخذها إدارة ترامب وتغذي الكراهية". ومن جانبهم, أعلن ممثلو الادعاء في 16 ولاية أمريكية بينها كاليفورنيا ونيويورك وبنسلفينيا , في بيان مشترك في 29 يناير, تنديدهم بقرار ترامب, الذي يفرض قيودا على الهجرة من سبع دول عربية ومسلمة. وجاء في البيان المشترك "تعهدنا بالعمل لضمان عدم معاناة الكثير من الأشخاص من الموقف الفوضوي الذي تسبب فيه (الأمر التنفيذي)". كما تدرس مجموعة من ممثلي الادعاء في ثلاث ولايات أمريكية, هي بنسلفانيا وواشنطن وهاواي, رفع دعاوى قضائية لإبطال قرار ترامب التنفيذي. وحسب "رويترز", عارض معظم الأعضاء الديمقراطيين بمجلسي الشيوخ والنواب قرار ترامب بشأن حظر الهجرة والسفر على مواطني سبع دول مسلمة، هي العراق وإيران وليبيا والصومال والسودان وسوريا واليمن، وانضم خمسة جمهوريين إليهم في معارضة القرار.