دخول المهندس خيرت الشاطر إلى سباق الرئاسة أعاد تشكيل الخريطة ، خريطة المرشحين ، وحسم مواقف بعض المرشحين الذين كانوا يراهنون حتى اللحظة الأخيرة على موقف الإخوان وإمكانية أن يرموا خلفهم ، وفى مقدمة ضحايا الخطوة الدكتور محمد سليم العوا الذى انعدمت فرصه تقريبًا الآن؛ لأن العوا لا يملك قاعدة شعبية ذات قدرة تصويتية عالية ، على الرغم من جهوده الكبيرة التى بذلها خلال الشهرين الأخيرين فى التواصل مع الكتلتين الكبيرتين : الإخوان والسلفيين ، وكان رِهانه الأكبر على مكانته كمرشح "إنقاذ" للإخوان فى اللحظة الأخيرة إذا أعجزهم إيجاد مخرج من معضلة "أبو الفتوح" ، وكذلك لقطاع من حزب النور الذين ربما فكر بعضهم فيه بديلاً لتحفظهم على حازم أبو إسماعيل ، وحزب الوسط الذى يدعم العوا ويعتبره المنظر الأساس، له ليس لدى كوادره ثقة كافية بقدرته على المنافسة المجدية وسط هذا الزحام ، كما أن القاعدة الأوسع من حزب الوسط تميل بقوة إلى عبد المنعم أبو الفتوح كمرشح أكثر قربًا من الحركة الإسلامية وأكثر قدرة على حصد التصويت فى سباق سيكون صعبًا ، ومن المرجح أن يعلن العوا تنازله عن الترشح لصالح أبو الفتوح بعد أيام قليلة باعتبار أن المشروع الفكرى والسياسى شبه متطابق بين الاثنين ، والدكتور عبد الله الأشعل هو الآ خر أصبح خارج السباق بعد إعلان الشاطر؛ لأن رهانه الوحيد كان على إمكانية أن يفكر فيه الإخوان كبديل ، ولذلك بادر الأشعل بإعلان خروجه من المشهد؛ لأن الصورة أصبحت واضحة وكان لافتًا أنه أعلن تنازله لصالح الشاطر ، وهذا لا ينقص من قدر الأشعل شيئًا؛ لأنه شخصية محترمة ومثقف رفيع ، ولكن حسابات الانتخابات تحتاج لما هو أبعد من الثقافة والعلم . بطبيعة الحال دخول الشاطر لن يؤثر نهائيًّا فى معسكر "عمرو موسى" وهو المرشح غير الإسلامى الأعلى فى فرص الفوز؛ لأن الدائرة الشعبية التى يعلق عليها موسى آماله ليست الدائرة الإخوانية بكل حال وإن غازلهم كثيرًا ، ولكن "قلق" موسى ينبع من خوفه أن تكون هناك "صفقة ما" يكون هو أحد ضحاياها ، وكذلك معسكر "حازم أبو إسماعيل" لن يتأثر كثيرًا بدخول الشاطر؛ لأن دوائر الاثنين مختلفة ، غير أن "كاريزما" أبو إسماعيل تمنحه أفضلية فى الوسط الشعبى العام غير المسيَّس وغير المنتمى للتيارات الإسلامية ، ويبقى أن "عبد المنعم أبو الفتوح" سيحتاج إلى ضبط بوصلة جهده فى المرحلة المقبلة وتكثيف تواصله مع كتل انتخابية جديدة؛ لأن نزول الشاطر يعنى خصم جزء مهم من رهانه، لأن قطاعًا من أبناء جماعة الإخوان سيلتزم حتمًا بقرارها بوازع تنظيمى، وإن كان المؤكد أنه سيحصل على دعم قطاع واسع منها بوازع وطنى وأخلاقى، ويملك أبو الفتوح فرصة تعويض هذا "التجريف" من خلال حصده المزيدَ من أصوات القوى المخاصمة للإخوان، وخاصة التيار الليبرالى الذى يفتقد المرشح الجاد الذى يملك فرصًا فى الفوز ، ولا يُخفِى هذا القطاع تعاطفه مع أبو الفتوح كضحية عملية إقصاء إخوانى متعمَّدة وقد يرى أن يرمى وراءه باعتباره المرشح "المعتدل" الذى يملك فرصة حقيقية فى الفوز ، كما أن قطاعات من الأقباط هى أقرب للتصويت لأبو الفتوح باعتباره المرشح الإسلامى الأكثر ليبراليةً وانفتاحًا على الآخرين . أما الفريق أحمد شفيق ففى تقديرى أنه لا يملك فرصة ولا نصف فرصة فى الفوز أو الدخول فى جولة إعادة ، وتصريحاته الأخيرة تكشف عن عصبيةِ مَن يستشعر تقلص فرص فوزه ، والأمر نفسه فى حالة "عمر سليمان" لو قرر الدخول فى السباق فى اللحظات الأخيرة؛ لأن قدرة "الفلول" على الحشد التصويتى متواضعة شعبيًّا، والانتخابات البرلمانية شديدة الوضوح، حيث عاقب المصريون الفلول عقابًا حاسمًا ، ويبقى تفكير "سليمان" فى حمل لقب "مرشح رئاسى" أقرب إلى البحث عن "ملاذ آمن" من ملاحقات قانونية محتملة له منها إلى إدراكه أنه يملك فرصة حقيقية فى الفوز.