أ ب ت ث ج ح خ ن ABCDEFG دو ري مي فا صول لا سي دو. فعولن فعولن فعولن فعولن. كلامنا لفظ مفيد كاستقم إنها البدايات ، ولكل بداية سلم ، الأبجدية ، النحو الصرف ، الشعر والموسيقى. تصعد السلم درجة وراء أخرى وكلما ارتفعنا اتسعت المساحات الزاهرة داخل عقولنا ونفوسنا ، يمكننا توقع الدرجة التالية قبل أن نصل إليها فهناك الكثيرون ممن وصلوا قبلنا ويمكنهم أن يرشدونا ، ذلك لأن تلك البدايات هي بداية للمعارف المشتركة بين الناس وكل مساراتها مطروقة ومعروفة ، نسير فيها غاليا مع أقراننا يسبقنا البعض ويتخلف عنا البعض لكننا جميعا نسير معا. أما سبل الحياة الخاصة والعلاقات الإنسانية فإنها أرض جديدة وغابات بكر ومجاهل ملغزة عندما تختار فيها طريقا فلا تتوقع أن يكون معبدا مطروقا بل هو طريقك وحدك وعليك بالكامل عبء اكتشافه وكشفه وتمهيده والسير فيه عندما تصعد سلم البدايات في طريقك الخاص فإنك لن تجد من سبقك باستخدامه والصعود من خلاله ولن تعرف على وجه اليقين إلى أين يقودك؟ وأين وجهته؟ وهل يخلو من المطبات والمفاجآت غير المتوقعة؟ هل هو مستقيم أم ملتوي؟ وفي النهاية ما هو مصيرك؟ لذلك فإنك أحوج ما تكون إلى دليل أو مرشد أو علامات تشير عليك بالصواب وتحذرك من الخطأ والخطر فأين تجدها؟ ستجد منها الكثير خارج نفسك كتبا ودراسات ،نصائح وتجارب الآخرين لكن أهمها على الإطلاق يأتي من داخلك ، من ضميرك ومثلك العليا التي تقيس عليها كل سلوك يصدر عنك أو عن غيرك عن بصيرتك التي تضيء لك الطريق وتكشف لك الكثير من معالمه من حاستك الداخلية التي تقول لك هذا الشخص خطر ابتعد أو تقول هنا ستجد الأمان والحب والحنان فاقترب ، من قلب أمك التي ما زال الحبل السري ممتدا بينك وبينها وما زال قادرا علي تغذيتك وتقويتك ونصحك ، من تجربتك الخاصة نحن نتعلم الكثير عن الحياة والبشر بالتجربة والخطأ ، نسعد إذا أثبتت التجربة أننا كنا علي صواب فإذا حدث العكس فمن الصعب جدا أن نعترف بخطأنا ونحاول أن نداري موقفنا بالهروب أو التظاهر أو الكتمان ، ليتنا ندخل الاعتراف بالخطأ ضمن ثقافتنا ، ليتنا ندرك أن تلك الخطوة هي بداية حقيقية للتقدم وتصحيح المسار وهي الدرجة الأولي التي يجب أن نخطوها في سلم النضج. بعد ذلك علينا أن نتخلص من أخطاء المراهقة الفكرية والعاطفية والاجتماعية ونحتفظ فقط بالخطوات الايجابية ونتراجع عن تلك السبل التي سلكناها وتأكدنا أنها لا تفضي إلي شيء إذا فعلنا ذلك فنحن نرتفع في سلم الرقي في اتجاه الاكتمال الإنساني الذي ننشده دوما ، ومن المؤكد أن هذا السبيل يمتلأ بأحلى ثمار المعرفة واصفي وأعمق المشاعر النبيلة وأقوي الروابط والعلاقات الإنسانية. لا يمكن أن نبقي علي صورتنا بتلك الخطوط الأولية التي حددت معالمها الأساسية لأنها مهما كانت جميلة فإنها غير مكتملة ، لابد من الإضافة والحذف ، لأبد من استكمال الرتوش واللمسات النهائية ، لابد من إضافة الألوان وتوزيع الظل والنور ، كل ذلك يحولها من صورة مسطحه بسيطة إلي لوحة ذات عمق وجمال خاص جديرة بالتعامل والإيحاءات بالمعاني والدلالات. في المعارف العامة لا يكتفي المتعلم بسلم البداية والقواعد الأولية التي تلقاها بل يبني عليها ويستخرج منها ويبدع من خلالها الكثير ، كذلك في تجربة الحياة الخاصة لا يمكن أن نكتفي بتلك الأسس التي انطلقنا منها يوما ما بل يجب أن نضع بصمتنا وخلاصة تجربتنا وإبداعاتنا ولا يمكن أن نحجم عن ذلك لأن في ثقافتنا ميلا لرفض التغير وبقاء الحال علي ما هو عليه فلنتخلص من ذلك الميل الذي يؤدي إلي الجمود وإهدار الخبرات والاكتفاء بالتظاهر بأن كل شيء علي ما يرام . لو أعطي كل منا قطرة واحدة مركزة بها أهم خبراته في مجاله لأصبحنا مثل النحل الذي يجمع رحيق الأزهار ويهضمه جيدا ثم يصفي منه قطرة من الشهد والعسل فيها شفاء للناس ولأصبح المجتمع خلية عاملة تأز بأصوات العمل الدءوب وخبرة النضج الحقيقية.