رفضٌ واسع واتهامات ب"التفريط" في الأرض و"العار"، طالت الحكومة عقب إعلانها الموافقة على اتفاقية ترسيم الحدود البحرية مع المملكة السعودية والمعروفة ب"تيران وصنافير"، وإحالتها إلى مجلس النواب. وتصدر هاشتاج (#تيران_وصنافير_مصرية) كافة تدوينات نشطاء موقعي التواصل الاجتماعي "فيس بوك" و"تويتر"، واصفين القرار بأنه مخالفة صحيحة للدستور والقانون وعدم احترم لأحكام القضاء. ونقلت وكالة "الأناضول" أن البعض حمّل الرئيس عبد الفتاح السيسي، المسؤولية عما اعتبروه "تفريط" فى أرض الوطن و"انتهاك" للدستور و"الاستهانة" برأي الشعب، بينما وصف أحد نواب البرلمان شرعية النظام بأكمله وشرعية مؤسسات الدولة السلطة التنفيذية ورأس السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية بأنها "على المحك". كما انتشرت مذكرة تحمل توقيع كل فرد على حدة لرفض التنازل عن الجزيرتين وكذلك إعلان عدم تفويض أحد بهذا الحق. فيما أطلقت منظمة آفاز (حركة عالمية على الإنترنت بهدف تمكين الشعوب من صناعة قرارتها حول العالم) حملة تحمل التوقيع ذاته لرفض تصديق الحكومة على الاتفاقية وتجاوز الموقعين نحو 5 آلاف توقيع مساء اليوم. وأمس الخميس، أقرّت الحكومة الاتفاقية وأحالتها للبرلمان، بينما لا تزال قضية الجزيرتين، متداولة داخل أروقة المحاكم، لحين الفصل في صحتها قضائياً، في 16 يناير المقبل، بعد أن أحدثت جدلاً واسعاً في البلاد خلال الشهور الماضية، مع توصية قضائية برفض الاتفاقية. دعوى وبطلان وفي بيان له اليوم الجمعة، أعلن المحامي اليساري، خالد علي، عضو هيئة الدفاع عن مصرية "تيران وصنافير"، أنه سيقدم غدا السبت دعوى قضائية، ضد القرار الحكومي الأخير، مؤكدا أن "الحكومة تعصف بالقانون والدستور وأحكام القضاء. وأوضح علي، في البيان أن "المحكمة حكمت بمصرية الجزيرتين، ورفضت إشكالات الحكومة، وأمرت بالاستمرار في تنفيذ حكم البطلان، وجاء تقرير المحكمة الإدارية العليا (الشهر الجاري) لصالحنا، وفى انتظار حكمها النهائي يوم 16 يناير". وتابع : "من ناحية الدستور والقانون، فالعرض باطل وكل إجراء سيقوم به البرلمان بشأن تلك الوثيقة باطل أيضا"، داعيا المصريين للدفاع عن مصرية تلك الجزيرتين، دون توضيح سبل ذلك. شرعية على المحك أما الدكتور محمد البرادعي نائب الرئيس السابق، فقال في تغريدة على "تويتر": "ألم يكن من الحكمة ومنعا للمزيد من الاستقطاب واحتراما للشعب والقانون أن ننتظر حكم القضاء فى مدى التزام الاتفاقية بالدستور"، متسائلا "لماذا العجلة ؟" وهو الرفض الذي كرره النائب اليساري المعارض، هيثم الحريري قائلا: "موافقة الحكومة على الاتفاقية وإرسالها الى البرلمان هي مخالفة صحيحة للدستور والقانون ولا تحترم أحكام القضاء المصري". وتساءل الحريري في بيان له: "كيف نقسم باحترام الدستور والقانون واستقلال الوطن ووحدة وسلامة أراضيه ثم ننظر اتفاقية باطلة وتخالف الدستور والقانون وتقبل من حيث المبدأ التنازل عن جزء من تراب الوطن؟" واعتبر أن "شرعية هذا النظام بأكمله وشرعية مؤسسات الدولة السلطة التنفيذية ورأس السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية على المحك". رفض وتحذير أحمد النجار، رئيس مجلس إدارة صحيفة الأهرام، رفض تصديق الحكومة أمس على اتفاقية تعيين الحدود البحرية بين مصر والسعودية، وإرسالها للبرلمان قائلا : "حكم التاريخ والجغرافيا والارتباط الاستراتيجي.. تيران وصنافير مصريتان". وأضاف في تدوينة عبر صفحته في فيسبوك : "تولى إعلام المسوخ محاولة تدمير وعي الأمة بوطنها وبقدسية ترابه وأحدثوا تشوشا لدى البعض، لكن براهين المدافعين عن حصون وتفاصيل الوطن وأحكام القضاء التي أكدت مصرية الجزيرتين استعادت الوعي لهؤلاء وأصبح التنازل عن أرض الوطن عارا، وحدا فاصلا بين صمت الشعب على كل المشاكل الاقتصادية من أجل الاستقرار، وبين لحظة الانفجار". وتابع: "احذروا فمصر قد تنام على خواء البطون لكنها ستنتفض بشراسة النمر من أجل ذرة من ترابها، فما بالكم بجزيرتيها اللتين هما مرتكز الدفاع الاستراتيجي عن قناتها وبحرها وخليجها لو تعلمون". وقال طلعت فهمي، المتحدث الإعلامي باسم الإخوان، في بيان له: " تيران وصنافير أرض مصرية وستظل مصرية، ومهما طال الزمن لن ينسى شعب مصر ذرة تراب من أرضه"، واصفا إرسال الحكومة هذه الاتفاقية للبرلمان في ظل أحكام للقضاء بالرفض ب"الجريمة". بدوره، حمّل حمدين صباحي، المرشح الرئاسي السابق، رأس النظام مسؤولية الإجراء الحكومي الأخير، قائلا : "السيسي يتحمل المسئولية كاملة عن التفريط في أرض الوطن وانتهاك الدستور والخروج على حكم القضاء.. وثوابت الوطنية المصرية والاستهانة برأي الشعب". وأضاف: "تيران وصنافير لا تقبل البيع ولا التنازل لا بقرار رئيس أو حكومته ولا بأغلبية برلمان ولا حتى باستفتاء الشعب لأنها حق أجيال متعاقبة"، معتبرًا أن "تصديق الحكومة على جريمة التفريط في تيران وصنافير باطل". من جانبها،، قالت حركة شباب 6 أبريل المعارضة، في تدوينة بصفحتها الرسمية ب"فيسبوك" إن " تيران وصنافير ستبقيان أراضي مصرية.. تعتقلونا من البيوت و من الشوارع، ستبقيان مصريتين". توقيعات مناهضة وانتشرت صيغة توقيع على مواقع التواصل الاجتماعي ترفض التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير ونصها "أعلن كمواطن مصري "بأنني لم ولن أمنح النظام المصري ولا الحكومة المصرية ولا مجلس النواب تفويضا مني بأني تنازلت عن حقي في جزيرتي تيران وصنافير". وكانت الحكومة المصرية بررت تصديقها، على الاتفاقية، وإحالتها لمجلس النواب، بأنها "طبقاً للإجراءات الدستورية المعمول بها بهذا الشأن "، دون تفاصيل. وأصدرت محكمة القضاء الإداري، في يونيو الماضي، حكمًا غير نهائي ببطلان الاتفاقية، لكن هيئة قضايا الدولة (ممثلة الحكومة) طعنت على الحكم أمام المحكمتين الدستورية والإدارية العليا. وقالت هيئة المفوضين بالمحكمة الإدارية العليا، قبل أسبوع، إنها "رفضت حيثيات طعنين مقدمين من الجهات الرسمية بينها الرئاسة المصرية، على حكم صادر في يونيو الماضي يقر بمصرية الجزيرتين". وأوضحت الهيئة في تقريرها الاستشاري المقدم للمحكمة، أن "هيئة قضايا الدولة، لم تقدم أية أسانيد جديدة أو أدلة توحى للمحكمة بوقف تنفيذ الحكم الصادر". ومن المنتظر أن تحكم المحكمة الإدارية العليا (أعلى جهة للطعون الإدارية)، في طعن هيئة قضايا الدولة على حكم القضاء الإداري، حول بطلان الاتفاقية في جلسة 16 يناير المقبل. وشهدت مصر، مظاهرات يومي 15، 25 أبريل الماضي، احتجاجًا على قرار الحكومة في الشهر ذاته ب"أحقية" السعودية في الجزيرتين بموجب اتفاقية لإعادة ترسيم الحدود، اعتقل خلالها الأمن عشرات الشباب والناشطين. وردت الحكومة على الانتقادات، التي وجهت لها بعد توقيع الاتفاقية، بأن "الجزيرتين تتبعان السعودية وخضعت للإدارة المصرية عام 1967 بعد اتفاق ثنائي" بين القاهرة والرياض بغرض حمايتها لضعف القوات البحرية السعودية آنذاك، وكذلك لتستخدمها مصر في حربها ضد إسرائيل.