أقسمت علينا أمى ألا نحضر هدايا فى عيد الأم، قائلة أنتم هديتى. فالأم لا تحتاج إلى أعياد على قدر حاجتها لنا. فما فائدة أن يزورها أولادها ليعطوها هدية وينصرفوا. فهى تشتاق إليهم أكثر من هدياهم. فنجد ابنًا يترك أمه فى دار مسنين، ويزورها يوم عيد الأم ليعطيها هدية وينصرف، أو ابنة تترك أمها وحيدة فى منزلها وتذهب إليها فى هذا اليوم.. أى بر هذا!!!!!!! فاحتفالنا بعيد الأم لدليل قاطع على عدم برنا بأمهاتنا، فعيد الأم كان بسبب رسالة من أم إلى على أمين تشكو له جفاء أولادها وسوء معاملتهم لها، حيث ترمَّلت وأولادها صغار، فلم تتزوج، وأوقفت حياتها على أولادها، تقوم بدور الأب والأم، وظلت ترعى أولادها بكل طاقتها، حتى تخرجوا فى الجامعة، وتزوجوا، واستقل كل منهم بحياته، ولم يعودوا يزورونها إلا على فترات متباعدة للغاية، فكتب مصطفى أمين وعلى أمين فى عمودهما الشهير "فكرة" يقترحان تخصيص يوم للأم يكون بمثابة تذكرة بفضلها. والسؤال الآن هل اقتراحهما حل مشكلة الأمهات ،أم زادهم حسرة بسب جفاء أولادهم؟؟؟ فالأم فى حاجة إلى يد حانية تعطف عليها، وتقول لها نحن بجوارك، نحترمك، ونقدرك.. ففى مجتمعاتنا هناك أمهات تتعرض للقمع، والتهميش.. طوال العام.. ويتم تذكرها فى يوم واحد.. لذلك علينا ترك الاحتفال بعيد الأم. ونجعل كل يوم لها عيدا. بكلمة طيبة.. بابتسامة صادقة.. بلمسة حانية. فهى المرأة التى تحملتنا فى الصغر، بل ومازالت تتحملنا إلى الآن. تقوينا فى لحظات ضعفنا، وتجبرنا فى لحظات انكسارنا. ولانجد غيرها لنرتمى فى حضنها. ولذلك أوصنا الرسول بها فى حديثه، عندما قال: أمك، قال: ثم أمك، قال: ثم أمك. فلا تنس وصية الرسول، واجعل كل يوم فى حياة أمك عيد. وعندما فكرت أن أكتب مقالا فى عيد الأم.. ترددت، فماذا أكتب؟ وكيف أكتب؟ ولمن أكتب؟ فأمى لن تقرأ هذا الكلام.. نعم أنا أحب أمى، وأدرك قيمتها، ولكننا تعودنا ألا نظهر هذه المشاعر، هكذا تربينا!!! ولكن رغم كل هذا قررت أن أكتب. أكتب هذه الكلمات التى لن تقرأها .. (أ.. م.. ى) أول حروف نطقت بها، أول كلمة جمعتها، ظللت إلى جوارك، أشعر بحضنك، أشعر بالأمان وأنا معك، إن غبتِ غابت الدنيا عنى. ولكنى كبرت وقررت أن أنفك من القيود التى تحاصرنى بها، فاعتقدت أن حضنك سجن وحبك ألم.. فانطلقت بعيدة عنك.. شاردة فى حلمى.. لكنى لم أستطع لأن المجتمع كان أقسى مما تصورت.. الآن فقط فهمت لماذا كنتِ تحاصريننى بحنانك؟؟ الآن فقط فهمت أنك كنت تحميننى.. الآن فقط فهمت أنك كنتِ تساعديننى.. الآن فقط عرفت أنك ضحيتِ كثيراً لتسعديننى.. فرجعت إلى حضنك مسرعة، أبحث عن الأمان الذى فقدته.. أمى مهما كتبت من كلمات لن أوفيك حقك.. لذلك سامحينى وارضِ عنى. مروة رسلان [email protected]