لاشك أن أحلام الشهرة تراود معظم الفتيات ويحلمن بالعمل تحت تسليط الأضواء، ولكن فى مهنة "المراسلة" غالبًا ما تكون الأحلام فيها محفوفة بالكواليس والمخاطر وأن العمل تحت الأضواء يكون أيضًا تحت طلقات الرصاص وتهديد البلطجية وتحطيم الكاميرات والضرب، أصبحت سمة من سمات مراسلات القنوات الفضائية، (المشهد) رصدت بعض الحوادث التى تعرضن إليها وتركتهم يحكين عن تجربتهن والسعادة تغمرهن، بالرغم من مأساة الحديث الذى ينطقن به. رضوى رحيم، مراسلة برنامج مصر الجديدة الذى يقدمه الإعلامى معتز الدمرداش، على قناة الحياة، قالت إن مهنتها شاقة للغاية وإن الضرب وتحطيم الكاميرات أصبح شيئًا عاديًا واستشهدت بواقعة محاكمة رجل الأعمال الشهير هشام طلعت مصطفى على خلفية مقتل المطربة سوزان تميم، وأثناء تغطيتها لوقائع المحاكمة، فوجئت بتعدى البودى جارد الخاص برجل الأعمال وتحطيم الكاميرات وضرب زملائها، حتى لا يتم نقل الحكم الصادر يومها وهو حكم الإعدام، وتقول رضوى أيضا: من المواقف التى تعرضت فيها للضرب ما حدث أثناء تغطيتها لإحدى مليونيات ميدان التحرير ونزل بعض المتشددين إلى الميدان، وكنت أقوم بالتسجيل لأحد شبابهم، وفوجئت بسيدة تأتى مندفعة وتلقى بى على الأرض، فتحطم المايك وتعطلت الكاميرا وأصبت بعدة كدمات، لأنها ظنت أنى أنقل صورة مغلوطة عن الميدان، فما كان منى إلا أن طلبت كاميرا أخرى، واستكملت التصوير فى جانب آخر من الميدان. وتضيف رضوى: ورغم متاعب هذه المهنة الشاقة إلا أنها ممتعة لأنها توثق لتاريخ مصر فى هذه المرحلة المهمة من خلال ما تنقله للناس من أحداث وأخبار، ولاسيما أن الرقابة على ما نقدمه منعدمة تماما إلا من ضمائرنا، فالرقابة ذاتية ونحن نقوم بتغيير المجتمع، لأن البرنامج التليفزيونى يشاهده الملايين، وما نقدمه يؤثر فى الناس، وبالتالى نحن نشبه المحاربين فى الميدان، فمهمتنا أن نكشف الحقائق وسلاحنا الكاميرا، وفى سبيل ذلك نلقى ما نلقاه من سب وضرب وتهديد، وفى هذه الظروف كم تعرضت للتخويف من البلطجية الذين تسللوا إلى ميدان التحرير فى بدايات الثورة، لأنهم كانوا يظنون أن الفتاة ستتراجع عن أول تهديد ولكننا نحن الفتيات تغلبنا على خوفنا وأكملنا عملنا. أسماء البطريق، مراسلة برنامج "حدوته مصرية" على قناة المحور، أكدت أنها خاضت تجربة أشبه بالانتحار، حينما ركبت قطار الصعيد قبل الثورة من القاهرة، مرورًا بمحافظات الصعيد، واستقلّت عربات الدرجة الثالثة فى القطار لتتعرف على عالم المهمشين والبسطاء داخل القطار عن قرب. أسماء استمرت واقفة على قدميها لأكثر من تسع ساعات حتى ترصد ما يدور فى هذا العالم وسط ظروف معيشية سيئة للغاية وكانت حوادث القطارات كثيرة آنذاك، وتحديدًا "قطارات الغلابة"، وما إن وصلت إلى آخر محطة حتى تم احتجازها ومصادرة الكاميرا حتى لا تتمكن عن تصوير الوقائع المؤلمة، وقالت لها السلطات لابد أن تبلغونا بموعد التصوير حتى نستعد. وتضيف أسماء: حكاياتى مع القطارات لا تنتهى، فبسبب جاموسة وقع صدام بين قطارين قبل الثورة فى إحدى محافظات الصعيد، وعندما ذهبت إلى مكان الحادث تعرضت لهجوم شديد من الأهالى، وقالوا لى: إنتى عاوزة تفضحينا، وطردونى أنا وفريق العمل. أما بعد الثورة، فقد قام البعض بإشهار السلاح الأبيض فى وجهى خلال تسجيلى مع ضيف فى حى الهرم أثناء تغطيتى للدعاية الانتخابية لمرشحى البرلمان فى هذه الدائرة، إذ فوجئت ببعض البلطجية يشهرون فى وجهى مطواة، لأقول ما يريدون ولا يتم التسجيل مع أحد إلا من خلالهم فقط، فما كان من أعضاء فريق العمل المصاحب لى إلا أن انتشلونى سريعاً وغادرنا المكان وسط مطاردة البلطجية، ناهيك عن الألفاظ النابية ومحاولة التحرش، والحقيقة أن هذه المهنة مرهقة جدا وصعبة جدا وتشكل خطرا على الفتاة، لأننا لا ننقل الأحداث إلا من قلب أماكنها الساخنة ورغم ذلك فنحن نعشق مهنتنا. نهى حمزة، مراسلة برنامج "90 دقيقة"، على قناة المحور، تقول تعرضت للضرب والسب عندما كنت أغطى أحداث المحاكمة الشعبية للحزب الوطنى المنحل قبل الثورة ونفى جنود الأمن المركزى من أداء مهمتى وقاموا بتحطيم الكاميرا وتعرض لى أحد جنود الأمن بالضرب هذا مجرد مثال بسيط، وهناك أمثلة أخرى كثيرة لا أنساها حيث كنت أقوم بتغطية بعض الاعتصامات الفئوية وبدأت فى التسجيل، فإذا ببعض الناس يتهموننا بالتضليل وبأننا نختار أناسًا معينين للتسجيل معهم، وكادوا يعتدون علىّ بالضرب فغادرت المكان فورّا واحتميت بسيارة القناة، واستكمل التصوير أحد الزملاء، وما هى إلا دقائق حتى فوجئت بالناس يطاردونه حتى وصلوا إلى السيارة التى أحتمى بها وكادوا يفتكون بنا، لولا حسن تصرف السائق الذى لاذ بالفرار. وتضيف نهى: فى احتجاجات ماسبيرو قبل أشهر قليلة كدت أفقد حياتى، حينما حاصرتنى النيران من كل جانب، بسبب تفاقم الأمر بين خارجين على القانون وقوات الأمن، وأصبحت لا أدرى من أى اتجاه تأتى النيران، فهرولت بكل قوة خارج المكان ومعى فريق العمل، بعدما أصيبت بكدمات وجروح ورغم ذلك ما زلت أعشق هذه المهنة. أسماء عبد الرحمن، مراسلة قناة LBC فى برنامج "أحمر بالخط العريض"، تقول تعرضت لموقف لا أحسد عليه عندما كنت أقوم بالتسجيل مع مدمن تائب وبعد فترة من التسجيل، بدأ يتصرف تصرفات غريبة، واتضح بعد ذلك أنه كان قد تعاطى مادة مخدرة قبل التسجيل مباشرة، وبدأ فى التلفظ بكلمات غير لائقة، وحاول أن يتهجم علىّ إلا أن فريق العمل منعه، واستطعت من السيطرة عليه حتى جاء الطبيب المعالج لينقذ الموقف. وتؤكد أسماء أنها لم تخبر أهلها بهذا الموقف حتى لا يمنعونها عن المهنة التى تحبها، ولاسيما أن المواقف الصعبة لا تنتهى، أما موضوع الاستيلاء على الكاميرات والضرب فقد حدث كثيرًا. أما أسماء برامج مذيعة ومراسلة برنامج ساحات ومحاكم فى قناة العدالة، تروى ما حدث لها خلال تغطيتها جلسة محاكمة أحد نواب مجلس الشعب السابقين فى قضية رشوة، تقول: بعد صدور الحكم على النائب حدثت احتكاكات فى قاعة المحكمة بين أنصاره ورجال الأمن، وسمعنا ألفاظًا نابية وشتائم، وتم منعنا من استكمال التصوير وتلقينا تهديدًا بالاستيلاء على الكاميرات وتحطيمها وسرعان ما تفاقم الأمر وبدأ إطلاق الرصاص علينا حتى نترك المكان دون تسجيل، وكدنا نفقد حياتنا فى هذا اليوم، لولا إرادة الله التى أرادت لنا الحياة مرة أخرى.