ربما تجذبك صيغة «تاء التأنيث» فى عنوان هذا الكتاب.. وقد يشى، على غير الحقيقة، بعوالم روائية حالمة.. لكن ومع بدء تصفحه تجد أنك تجوب أراضا برائحة المولوتوف ترتدى فيها النساء الخوذات على رءوسهن وربما القمصان الواقية من الرصاص وهن عزل بلا سلاح فى مواجهة الكاميرا يبثن رسائلهن الإخبارية إلى العالم.. حتى وإن كن تحت تهديد الموت فى كل لحظة.. No Woman's Land - On the Frontlines with Female Reporters
«ليست أرض امرأة مراسلات على خطوط المواجهة» هو عنوان الكتاب الجديد الذى أصدرته مؤسسة السلامة الإخبارية الدولية بالتعاون مع برنامج الأممالمتحدة لشئون المرأة، ويقوم بعرض وتقديم قصص عدد من المراسلات والصحفيات اللاتى تعرضن للخطر أثناء تأدية عملهن فى البلاد التى تمر بظروف صعبة.
«أمن الصحفيات» هو باختصار التيمة الرئيسية التى يعرض لها الكتاب حسب المذيعة والصحفية المصرية شهيرة أمين التى ساهمت بفصل فى هذا الكتاب متحدثة عن ظروف العمل الصحفى فى مصر أثناء الثورة المصرية «ساهمت كل صحفية فى الكتاب بتجربتها كنوع من التبادل وعرض التجارب للمساهة فى إلقاء الضوء على المشكلة المتعلقة بتوفير ظروف أكثر أمنا للصحفيات أثناء تغطيتهن الإخبارية».
تم تدشين الكتاب بالتزامن مع الاحتفال العالمى بيوم المرأة، واستضافت مؤسسة «طومسون رويترز» فى لندن قبل أيام لقاء جمع بين المساهمات فى الكتاب لطرح وجهات النظر المختلفة إزاء هم عالمى واحد يشكل قضية مهنية شائكة «طالبنا خلال اللقاء بأن يكون هناك شبكة للتواصل بين المراسلات الحربيات والصحفيات اللاتى يعملن فى ظروف خطرة لتبادل تجاربهن وأن يتم تقديم برامج تدريبية لهن لتأمين ظروف عملهن» تقول أمين التى أضافت أنه تم اقتراح تقديم استشارات نفسية لهن للتعرف على العلامات التى قد تفيد تعرضهن لأزمات نفسية بعد التعرض المتكرر لمشاهد ومواقف قاسية تستلزم إعادة تأهيل نفسى.
الفصل الذى ساهمت به شهيرة أمين تعرضت فيه لظروف العمل فى الإعلام الرسمى فى بداية الثورة المصرية، التى استقالت على إثره من قناة النيل الدولية وتحديدا بعد موقعة الجمل بعد أن حذفت هذه الموقعة عمدا من نشرة الأخبار التى كانت تقرأها، «كتبت عن القيود على التغطية الإعلامية التى واجهتها فى بداية الثورة حيث لم يكن مسموحا لى بالحصول على كاميرا لتغطية أحداث ميدان التحرير آنذاك ومرورا بالتعتيم على تغطية موقعة الجمل فى نشرة التليفزيون الرسمى» تقول ل«الشروق» وتضيف أنها تعرضت بعد ذلك لتجربتها، التى حققت صدى عالميا، بسبب مقالها الذى نشرته على موقع C.N.N الإخبارى حول كشوف العذرية بعد حصولها على تصريحات تفيد قيام الجيش بهذه العملية كإجراء احترازى، على حد تعبيرها، «كان هذا أول اعتراف من قيادات بالجيش عن القيام بهذا الإجراء»، وأشارت إلى تجربتها كصحفية حرة عبر موقع معنى بحرية التعبير على الانترنت الذى نشرته من خلاله عدد من التغطيات الإخبارية إبان تنحى مبارك وتسلم الجيش السلطة.
اللافت أن من كتبت مقدمة الكتاب هى مراسلة شبكة CBS الإخبارية العالمية لارا لوجان التى تعرضت للاعتداء فى ميدان التحرير، وتعبر شهيرة أمين عن «المخاوف» التى يعبر عنه الصحفيون فى الخارج من حال الصحافة فى مصر بعد الثورة، ومن بين ذلك التضييق الذى يتعرض له عدد من الصحفيين المصريين وتحويل البعض للمساءلة العسكرية ودللت بذلك على الإعلامية ريم ماجد، وأشار الكتاب، وفقا لتقرير مراسلين بلا حدود هذا العام، أن مصر تراجعت بعد الثورة 19 درجة فى حرية الصحافة واحتلت المرتبة ال166 من بين 173 دولة.
يذكر أن شهيرة أمين عادت مرة أخرى للعمل فى قناة النيل الدولية قبل عدة أشهر، وستتوجه إلى إسبانيا الشهر المقبل لتسلم جائزة (خوليو أجوينتو) وهو الصحفى الإسبانى الشهير الذى لاقى حتفه عام 2003 أثناء تغطيته الإخبارية فى العراق، وخصصت منذ ذلك التاريخ هذه الجائزة باسمه للتغطية الصحفية المتميزة.