امتدح ياريف أوفنهايمر, عضو حركة "السلام الآن" الإسرائيلية, القرار الأممي الأخير الذي يدين الاستيطان, واعتبر أنه خطوة جيدة لمنع حكومة بنيامين نتنياهو من دفن حل الدولتين. ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية في تقرير لها في 26 ديسمبر عن أوفنهايمر, قوله إن التصويت في الأممالمتحدة محاولة أخيرة لإنقاذ الإسرائيليين من أنفسهم، وإبقاء نافذة من الأمل للانفصال عن الفلسطينيين وتحقيق السلام معهم، وفي حال نجح القرار الأممي بوقف البناء الاستيطاني, فسيظهر الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته باراك أوباما قائدا تاريخيا ومنقذا لإسرائيل, حسب تعبيره. وتابع " القرار الأممي حال دون دفن حل الدولتين، والانفصال عن الفلسطينيين، وأثبت أوباما في فترتيه الرئاسيتين أنه مخلص لليهود، فقد عمل على تفكيك القنبلة النووية لإيران، دون أن يطلق رصاصة واحدة، ومول منظومة القبة الحديدية، ومنح إسرائيل الضوء الأخضر للدفاع عن نفسها، والعمل في قطاع غزة وأماكن أخرى، وقام بالمصادقة على صفقة المساعدات العسكرية الأكبر في تاريخ إسرائيل". ووجه عضو حركة "السلام الآن" الشكر إلى أوباما، الذي اتخذ ما سماها خطوة قيادية دراماتيكية، قبيل بدء عهد الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترمب, الذي لا يبشر بخير, حسب تعبيره. وكان زعيم حزب "هناك مستقبل" الإسرائيلي يائير لابيد, قال إن القرار الأممي الذي يدين الاستيطان, جاء بسبب فشل حكومة بنيامين نتنياهو على صعيد السياسة الخارجية. ونقل موقع "نيوز وان" الإخباري العبري عن لابيد, انتقاده سياسة نتنياهو, واتهامه بالتسبب بانهيار منظومة العلاقات الخارجية لإسرائيل، مطالبا بالمسارعة إلى تعيين وزير خارجية إسرائيلي لمواجهة مثل هذه القرارات المعادية لإسرائيل, حسب تعبيره. وتابع " نتنياهو حاول الترويج خلال العامين الأخيرين لوجود تفهم عالمي للسياسة الإسرائيلية، لكن صدور القرار الأممي أثبت خطأ مزاعمه، لأن القرار شكل انتكاسة سياسية إسرائيلية ليس فقط أمام الولاياتالمتحدة التي امتنعت عن استخدام الفيتو، وإنما كارثة سياسية دبلوماسية بصورة شاملة، ما يتطلب تعيينا سريعا لوزير خارجية جديد" . وكان وزير المواصلات والاستخبارات الإسرائيلية يسرائيل كاتس, انتقد أيضا إدارة أوباما, بعد تمرير مشروع القرار في مجلس الأمن الدولي الذي يدين الاستيطان. ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية في تقرير لها في 24 ديسمبر عن كاتس, قوله إن تمرير القرار في هذا التوقيت يعبّر عن ضعف مكانة الولاياتالمتحدة في العالم . وأعرب كاتس عن أسفه لأن أوباما يغادر منصبه تاركا في إرثه السياسي "قرارا مناهضا لإسرائيل وقاسيا عليها إلى هذا الحد، ويمنح الفلسطينيين في الوقت ذاته غطاء مستقبليا إذا ما توجهوا إلى طريق العنف, حسب ادعائه. وأضاف أن القرار الأممي يؤكد تراجع دور أمريكا في الشرق الأوسط والعالم، فهي لا تدعم أصدقاءها، حيث أدارت ظهرها لإسرائيل "حليفتها الاستراتيجية". وكان زعيم المعارضة الإسرائيلية ورئيس حزب "المعسكر الصهيوني" يتسحاق هرتسوغ أعلن أيضا رفضه الواضح للقرار الأممي، الذي يدين الاستيطان في الأراضي الفلسطينية. ونقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" العبرية في تقرير لها في 24 ديسمبر عن هرتسوغ, قوله إن ما حصل في مجلس الأمن الدولي هو تعبير علني عن فشل استراتيجي لإسرائيل. وأضاف أنه كان بإمكان الولاياتالمتحدة منع صدور مثل هذا القرار، موضحا أن إسرائيل لم تعش مثل هذه الأجواء السياسية المريرة منذ عقود طويلة. ووجه هرتسوغ سهام انتقاداته لرئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو, قائلا :" إن سياساته تسببت في وضع إسرائيل في موقع لا تحسد عليه، وحرمها من توظيف قدراتها الاستراتيجية لمنع صدور القرار". وكانت صحيفة "هآرتس" العبرية, زعمت أن مصر تراجعت عن مشروع أعدته في مجلس الأمن الدولي بشأن إدانة الاستيطان, وذلك استجابة لضغوط إسرائيلية مكثفة. وأضافت الصحيفة في تقرير لها في 23 ديسمبر, أن التحول المفاجئ في موقف مصر، التي تمثل المجموعة العربية في مجلس الأمن، جاء بعد أن مارس رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ضغوطا مكثفة على القاهرة. وتابعت " نتنياهو أجرى اتصالات مكثفة مع القاهرة منذ طرح مشروع القرار المصري الأربعاء الموافق 21 ديسمبر, وضغط على المسئولين المصريين لتأجيل التصويت عليه, وبالتالي القضاء على أول تحرك يدين إسرائيل في مجلس الأمن منذ عقود, خاصة بعد التسريبات حول أن إدارة الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته لن تستخدم الفيتو ضده". واستطرت "مصر هي من قدمت مشروع القرار وحددت موعد التصويت عليه, إلا أنها سرعان ما طلبت تأجيل التصويت عليه لأجل غير مسمى, بحجة إجراء المزيد من المشاورات حوله, إلا أن الحقيقة أنها رضخت لضغوط نتنياهو", حسب زعمها. وكانت مصر وزعت مسودة قرار في مجلس الأمن الدولي يطالب بوقف الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة مساء الأربعاء 21 ديسمبر, وكان من المقرر أن يصوت المجلس المؤلف من 15 دولة عليه مساء الخميس 22 ديسمبر, حيث كان يحتاج لتمريره تسعة أصوات مؤيدة وعدم استخدام أي من الأعضاء الخمسة الدائمين -وهم الولاياتالمتحدة وفرنسا وروسيا وبريطانيا والصين- حق الفيتو, إلا أنه سرعان ما تواترت الأنباء حول طلب مصر تأجيل التصويت عليه. وبعد ذلك, أعلنت السنغال وفنزويلا وماليزيا ونيوزيلندا أنها ستطرح مشروع قرار مماثل حول إدانة الاستيطان, بعد أن سحبت مصر مشروع قرارها, ولم يكن هناك فرقا - حسب "الجزيرة"- بين مشروع القرار الذي صاغته مصر بالتعاون مع المندوب الفلسطيني لدى الأممالمتحدة رياض منصور والمشروع المقدم من الدول الأربع. ومساء الجمعة الموافق 23 ديسمبر, أقر مجلس الأمن الدولي بأغلبية ساحقة مشروع القرار, الذي قدمته السنغال وفنزويلا وماليزيا ونيوزيلندا, لوقف الاستيطان الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وذلك بعد سحب مصر لمشروع قرارها تحت ضغط من إسرائيل ومن الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب, حسب مزاعم صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية. ولأول مرة منذ 36 عاما، وافق 14 عضوا بمجلس الأمن على القرار، بينما امتنعت الولاياتالمتحدة وحدها عن التصويت. ويؤكد القرار عدم شرعية إنشاء إسرائيل للمستوطنات في الأرض المحتلة منذ عام 1967 بما فيها القدسالشرقية، ويعد إنشاء المستوطنات انتهاكا صارخا للقانون الدولي وعقبة كبرى أمام تحقيق حل الدولتين وإحلال السلام العادل. كما يطالب القرار بوقف فوري لكل الأنشطة الاستيطانية في الأراضي المحتلة، معتبرا أن أي تغييرات على حدود عام 1967 لن يعترف بها إلا بتوافق الطرفين، ومطالبا دول المجلس بالتمييز في معاملاتها بين إقليم دولة إسرائيل والأراضي المحتلة عام 1967. ومن رام الله, قال مدير مركز القدس لدراسات الشأن الإسرائيلي الفلسطيني علاء الريماوي ل "الجزيرة" إن القرار تم تمريره بسبب "الإرباك" القائم في الساحة الأمريكية، ولأن بعض الدول الأوروبية ترغب بالتحرك لوضع ميزان للقضية قبل أن "يختل" في ظل إدارة ترمب. وقبل التصويت، قال مسئول إسرائيلي كبير رفض كشف هويته لوكالة الصحافة الفرنسية إن الرئيس الأميركي باراك أوباما ووزير الخارجية جون كيري "دبرا سرا مع الفلسطينيين ومن خلف ظهر إسرائيل قرارا متطرفا معاديا لها، سيفيد الإرهاب وحركة المقاطعة وسيكون له أثر فاعل على جعل الحائط الغربي (حائط البراق) جزءا من الأراضي الفلسطينية", حسب زعمه. وبدورها, قالت القناة الثانية الإسرائيلية إن كيري رفض في اتصال مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الالتزام باستخدام حق النقض (الفيتو) ضد المشروع, كما كشف موقع "والا" الإخباري العبري أن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري أبلغ السلطة الفلسطينية عزم واشنطن عدم استخدام "الفيتو" ضد القرار. وفيما دعا زعيم الديمقراطيين المقبل في مجلس الشيوخ الأمريكي تشارلز شومر إدارة أوباما لاستخدام الفيتو، بينما قال مسئولان غربيان ل "رويترز" إن واشنطن كانت تنوي الامتناع عن التصويت في خطوة نادرة. وبدوره, قال مصدر دبلوماسي غربي لصحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية إن القاهرة خضعت لضغوط تل أبيب، وسحبت مشروع قرارها من مجلس الأمن . وأضاف المصدر ذاته, أن القاهرة أجلت التصويت تحت ضغط إسرائيلي، كما جاء التأجيل بعد تلقي الرئيس المصري اتصالا هاتفيا من ترامب, وكان الأخير قد تلقى بدوره اتصالا من نتنياهو، ما دفع ترامب إلى حث إدارة أوباما على استخدام الفيتو. ومن جهتها, نقلت وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية عن مصدر دبلوماسي قوله إن مصر بحكم قربها وتعاملها المباشر مع كل جوانب القضية الفلسطينية منذ عقود تدرك أن التسوية الشاملة والعادلة للقضية الفلسطينية لن تتم إلا من خلال مفاوضات مباشرة بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي تحت رعاية الأطراف الدولية والإقليمية. وأضاف المصدر أن مجلس الأمن صدر عنه على مدار ستة عقود عشرات من القرارات الأقوى في صياغتها والأكثر حماية للحقوق الفلسطينية من المشروع الحالي، وأن ذلك لم يمنع إسرائيل من انتهاكها على مرأى ومسمع من القوى الدولية. واعتبر المصدر ذاته أن الإدارة الأمريكية المنتهية ولايتها ترغب في تبني "موقف انتقامي من الإدارة الجديدة القادمة" من خلال تقييد حرية حركة وقدرة ترامب في اتخاذ قرارات حاسمة تجاه التسوية الشاملة، لينتهي إلى القول إن قرار مصر بعدم التعجل بطلب التصويت يعكس "رؤية أكثر عمقا وشمولية لكل تلك المعطيات". ويريد الفلسطينيون دولة مستقلة في الضفة الغربيةوغزةوالقدسالشرقية, وترى معظم الدول والأممالمتحدة أن مستوطنات إسرائيل في الضفة الغربية غير مشروعة وعقبة أمام السلام.