أزعج مصطلح "التكويش داخل الإخوان" - فى مقالى السابق - البعض من أبناء الصف الإسلامى، رافعين شعار الثقة العمياء، وليست الثقة المبصرة، التى تُقوّم مَن ترى فيه اعوجاجًا، وتوقف أى شطط داخل قيادات الصف. تناسى البعض أن "المغارم" كانت ابتلاءات واعتقالات ومحاكمات عسكرية ومصادرة للأموال فى عهد النظام السابق، لكن مع تبدّل الحال، صارت المغانم مقبلة، ما بين مواقع حزبية، وكراسى فى البرلمان، وحقائب وزارية، الأمر الذى يفتح بقوة ملف "التكويش"، ويضع الكثير من علامات الاستفهام أمام محاولات تخليق قيادات تجمع بين أكثر من منصب وموقع، وكأن الجماعة لم تنجب مثلهم، أو أن مصر عقمت أن تُنجب غيرهم. على غرار مصطلح "الأخ الفلوطة" الذى أطلقه البرلمانى الإخوانى صبحى صالح واصفًا مَن تزوج من خارج أخوات الجماعة، و"أنا منهم"، يظهر خلال هذه الأيام داخل الصف الإسلامى بشكل عام، والإخوانى على وجه التحديد، الأخ "الطرزان" و"السوبرمان"، الذى يترشح على أكثر من موقع، ويجمع بين العديد من الملفات، ويحظى بمجموعة من الألقاب، دون إدراك حقيقى لطبيعة المهام وجسامتها، أو خوف من تقصير فى قضاء حوائج الناس. المنزعجون من مصطلح "التكويش" تناسوا أن هناك مواقع يتقاضى عنها المسئول أجرًا، وهناك مهام يحصل فى حال تولّيها على مقابل مادى من الدولة مثل نائب البرلمان، ولذلك فمن حق المواطن عليه أن يتفرغ لأداء مهمته التى انتخبه من أجلها.. لا أن يُثقل نفسه بمناصب وألقاب ومواقع وكأنه "سوبرمان"، ثم تكون النتيجة صفراً أو هزيمة مدوية، أو أداءً باهتاً كما حدث فى انتخابات المحامين والصحفيين، ويحدث الآن فى البرلمان بمجلسيه الشعب والشورى. لماذا ترشح الجماعة الدكتور حازم فاروق نائب البرلمان عن دائرة الساحل، وأمين سر لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب، على منصب "نقيب أطباء الأسنان"، وهل قدرات "فاروق" تسمح له بالجمع بين ثلاثة مواقع تدخل فى صلب العمل العام، وهل يستطيع الوفاء بمتطلبات كل موقع على حدة؟! يبدو إذن أن الأمر فى طور التحول ل"ظاهرة"، ففى السابق كان المهندس سعد الحسينى نائبًا فى البرلمان وعضوًا بمكتب الإرشاد، قبل أن يستقيل من الأخير، وهناك نائب آخر كان فى الوقت ذاته مسئولاً للمكتب الإدارى بمحافظته، ونموذجَا "محمد طوسون" و"صبحى صالح " شاهدان، والأمثلة كثيرة دون الحاجة لذكر أسماء حتى لا نُتَّهم بأننا فلول، أو أننا نطعن الجماعة فى ظهرها، وهى التهمة الجاهزة لكن مَن يُوجه النصح أو النقد لها. الملفت أننا لم نَرَ زهداً من أحد، أو إحجاماً من آخر عن تولى مسئولية ما.. أليس منكم مَن يريد الدنيا ومنكم مَن يريد الآخرة؟، أليس من الحكمة توظيف الطاقات والكفاءات المتوافرة داخل الصف وما أكثرها؟، أليس من صالح مصر والإخوان وقف ظاهرة "الطرزان" و"السوبرمان"؟!