لست مندهشًا أو معترضًا على كثرة عدد مرشحى الرئاسة خاصة المتقدمين من عامة الشعب, تلك كانت إجابتى عندما سألتنى إحدى مذيعات التليفزيون المصرى وأبدت تحفظها, خاصة مع تدنى المستوى التعليمى والثقافى للمرشحين البسطاء وغالبيتهم من أصحاب الحرف اليدوية. يعلم هؤلاء البسطاء المتقدمين للترشح لانتخابات الرئاسة أنهم لن يفوزوا فى انتخابات الرئاسة وربما فى أى انتخابات قادمة, كما يعرفون أيضًا أن دورهم - أمام أنفسهم - قد انتهى بمجرد سحب أوراق الترشح والمتاحة لجميع المصريين دون استثناء, لأن الخطوة التالية فى الانتخابات هى الأصعب، والتى تشترط حصول المرشح على ثلاثين توقيعًا من نواب مجلسى الشعب والشورى أو على ثلاثين ألف توكيل من المصريين فى 15محافظة. كما ترى فإن المسألة ليست سهلة, بل ظنى أن بعض الأسماء اللامعة من المرشحين ربما لن يستطيعوا تحقيق أحد هذين الشرطين, ومن ثم فإنهم لن يكملوا السباق, لكنْ هناك فارق بين نية أصحاب الأسماء اللامعة التى لن تكمل السباق وبين بسطاء المصريين الذين سحبوا أوراق الترشح وتندرت عليهم معظم وسائل الإعلام, وسخرت منهم المنتديات الإلكترونية فى فضاء الإنترنت. الفريق الأول تقدم للترشح ويعرف أنه لن يبقى فى السباق لكنه يريد أن يظل فى المشهد الحالى لأطول فترة ممكنة, حتى يحافظ على بريق اسمه, فربما "يناله من الحب جانب", كأن يصبح وزيرًا أو عضوًا فى مجلس استشارى أو غير استشارى, فهكذا كانت توزع المناصب والغنائم طوال فترة حكم مبارك. ويعرف هذا الفريق - مثلما نعرف أيضًا - أن القوى السياسية التى تتصدى للمشهد السياسى الآن قد تغيرت مما يستلزم معه تغيير الوجوه, وبحكم قانون الثورات فإن كل الوجوه القديمة فى جميع المجالات سوف تتغير, ليست السياسة فقط بل فى الإعلام والاقتصاد والفن والرياضة, لكنها مسألة وقت, لكنها الفرصة الأخيرة للوجوه القديمة، والتى تحاول التشبث بأى مكان داخل الكادر. عندما تابعت أخبار وصور البسطاء الذين تقدموا لسحب أوراق الترشيح لرئاسة الجمهورية فقد وجدت غالبيتهم من المعدومين والمطحونين, يدل على ذلك هيئتهم ومظهرهم وملابسهم البسيطة, كما أن بعضهم من أصحاب الحالات الخاصة ومتحدى الإعاقة, ورغم قناعتهم بانعدام فرص ترشحهم وليس نجاحهم لكن ذهابهم إلى مقر اللجنة الرئاسية وسحب الأوراق, يعنى رغبتهم فى أن يبعثوا برسائل إلى مَن بيدهم الأمر, وكانت على النحو التالى: 1-الرسالة الأولى للإعلام: نحن لا نظهر فى وسائل الإعلام مطلقًا للتعبير عن همومنا ومشاكلنا وقضايانا, ولم يفكر مذيع مشهور من أصحاب البرامج الليلية فى الاستماع إلينا, فدائما الضيف من النوعية الثابتة التى تتحدث كثيرًا باسمنا لكنهم ليست منا ولا يعرفونا, لذا انتهزنا فرصة وجود وسائل الإعلام أمام مقر لجنة الترشيح لنقل صوتنا وما نريده, لكن للأسف الإعلام بدلاً من اهتمامه بتلك الرسالة فإنه مارس دوره فى السخرية. 2-الرسالة الثانية لمرشحى الرئاسة أصحاب الفرص فى الفوز: لا تنسوا هؤلاء المواطنين البسطاء, فنحن الشعب أصحاب البلد الحقيقيين ولسنا من أصحاب الياقات الزرقاء ومشاكلنا كبيرة جدًا وتحتاج حلولاً فنرجوكم اسمعونا وانزلوا إلينا. 3-الرسالة الثالثة للثورة والشهداء: لولا تلك الثورة العظيمة ودماء الشهداء ما فكرنا أو اجترأنا على مجرد قرار سحب أوراق الترشح للرئاسة وإلا كانت يد أجهزة الأمن قد طالتنا ونكلت بنا, فاليوم, المصريون بحق سواسية أمام الدستور. نرجو أن يقرأ المعنيون بالأمر رسائل بسطاء المرشحين ثم يفهمونها. [email protected]