لست أدرى لماذا وبجرأة ووقاحة شديدة ينبرى كل المحسوبين على النظام السابق فى مصر إلى صدارة مشهد الثوار، حتى لتعتقد أنهم أول من بشر بالثورة، ودافع عنها، وأرادها، فى حين أنهم كانوا يمشون بجوار الحائط فى ظل نظام مبارك، بل ويقبلون الأيادى، وربما يمسحون الأحذية .. أقول هذه المقدمة الطويلة، بعد أن قرأت ما كتبه الدكتور يوسف زيدان، مدير مركز المخطوطات بمكتبة الإسكندرية، عن فساد مدير المكتبة الدكتور إسماعيل سراج الدين .. ومع أن هذا الموضوع كنت أحاول تجنبه لأن لى صديق عزيز ومحترم يعمل فى المكتبة، إلا إننى لم أستطع، وليسامحنى .. ومع أن يوسف زيدان، برع فى نسج روايته " عزازيل "، حتى تخيلت نفسى كثيرًا محل بطلها " هيبا " الحائر دوما والباحث عن الأسئلة، إلا أن زيدان كان دومًا فاسدًا، فأنا أعرفه منذ مدة طويلة بحكم عملى فى مهنة البحث عن المتاعب فى الإسكندرية العريقة، فقد سرق رسالة الدكتوراة الخاصة به، وثبت ذلك بحكم المحكمة، عندما كان يعمل فى كلية الآداب بجامعة الإسكندرية، الأمر الأخر ليس صحيحًا أنه يتقاضى 9 ألاف جنية من المكتبة، ولكنه وحسب علمى يتقاضى 40 ألف جنية، الأمر الأهم، و هذا الكلام على مسئولية مدير أمن المكتبة تم ضبطه يمارس عملاً فاحشًا داخل مكتبه، هذا هو الدكتور زيدان، الذى جاء للعمل فى بالمكتبة، ثم بدأت شهرته بعد أن كان مغمورا، صداقته وخنوعه للدكتور سراج الدين لا ينكرها أحد، فلا ينبغى أن يزايد ويقول إنه مع ثوار المكتبة، وضد مؤتمرات الإصلاح التى تبنتها، بحجة أنها نابعة من نظام لا يعرف لغة الإصلاح .! نأتى إلى مدير المكتبة الدكتور إسماعيل سراج الدين، والذى يتم التحقيق معه حاليًا فى تهم فساد مالى وإدارى، وأقول :" كانت علاقتى بالمكتبة منذ سنوات البناء تحت إشراف الدكتور محسن زهران، وما حدث فيها من اختلاسات مالية ومخالفات، ثم سمعت عن سراج الدين، فجأة خلال ترشحه لرئاسة الأممالمتحدة خلفًا للمصرى بطرس غالى، وأنه كان مرشح هولندا، فمصر لم تكن تعرفه نظرًا لعمله فى البنك الدولى، وغربته الدائمة، ثم ترشح أمامه المرحوم الشاعر والدبلوماسى السعودى غازى القصيبى، وانتهى الأمر بفشل الاثنين وفوز اليابانى بان كى مون، بعدها تم اختيار سراج الدين ليكون أمينًا لمكتبة الإسكندرية، وليكون حاملاً لحقيبة سوزان مبارك، ومنفذًا لكل مطالب النظام من تلميع وجهه ثقافيا، وتسويقه دوليا، وذلك من خلال مؤتمرات الإصلاح الشهيرة . إن مكتبة الإسكندرية، فى الأعوام التى سبقت الثورة كانت دولة داخل محافظة الإسكندرية، عزبة خاصة لسراج الدين، واجهة لغسل الأموال، وجلبها تحت ستار الثقافة، كما وجدها سراج الدين فرصة فى البقاء تحت المجهر دوليا، خاصة أمام العالم الذى يحترم الكتاب، ووجدتها " الهانم" فرصة فى تدجين المثقفين لصالح الابن الموعود بالحكم . إن مكتبة الإسكندرية، لم تضف شيئًا للواقع المصرى، فهى مجرد مبنى خال من أى معنى، مع أن مكتبة الإسكندرية القديمة، كانت شعاعًا معرفيًا فى العالم، فما أهمية هذا المكان الذى لا يستطيع أبناء البلد دخوله إلا بعد تفتيشهم، وكأنه ثكنة عسكرية . لقد قال لى الزميل العزيز سامى خيرالله الصحفى بالأهرام، أن مدير إعلام المكتبة المدعو خالد عزب، كان يسمى نفسه بأنه وزير الإعلام الحقيقى لمصر، وأنه سيحرم، أى صحفى يكتب ضد المكتبة من دخول " fish market “ وهو مطعم أسماك على شاطئ البحر، كما سيحرمه من النوم فى four season “" وهو فندق شهير مملوك لقاتل محكوم عليه، فى السجن، نعم فهذه هى الحقيقة، حيث كانت تتم دعوة كبار الصحفيين والكتاب إلى الإسكندرية وتناول الطعام فى المطعم الشهير والنوم فى الفندق الأشهر، ولكن بشرط الكتابة عن مآثر سراج الدين والمكتبة، هذا ما فعلته المكتبة بمثقفى مصر، اشترتهم بوجبة ونومه !. لقد كان أول ما فعله سراج الدين عقب ثورة 25 يناير هو محاولة تكريم قتلة الثوار من رجال الأمن .. نصيحتى لسراج الدين، أرحل قبل أن ُترحل، فقد كنت دوما حاملاً لحقيبة " الهانم " ، فلن ينفعك اليوم كن من ملأ بطنه من "سوق السمك" أو حتى نام فى "اللوكاندة" . كاتب وصحفى مصرى مغترب [email protected]