"المصريون" تعايش المرضى فى وحدات الغسيل وتكشف أزمات وممارسات خطيرة فى المستشفيات الحكومية والجامعية مرضى ل"السيسى": "رقصنالك على خيبتنا.. المفروض تراعينا".. "الدولار" هيموتنا.. و"ذنبنا فى رقبتك" وحدات الغسيل الكلوى بالمستشفيات تنذر بالإغلاق وإفلاس بالمستلزمات.. والمرضى: مهددون بالموت المحقق حملات شعبية تطرق الأبواب بالمحافظات لإنقاذ المرضى.. والأطباء: الوزارة سبب الأزمة "الحق فى الدواء": 540 مركز غسيل مهددة فى المحافظات.. و700 مليون جنيه لسداد العجز
صوت رتيب مزعج، ممزوج بومضات أجهزة صغيرة داخل جهاز كبير قصير متصلة بوصلات منغرسة فى جسد المريض, إنه جهاز غسيل الفشل الكلوى, حيث المريض لا يملك التحرك إلى اليمين أو اليسار.. يظل ساكنًا فوق الكرسى لمدة لا تقل عن خمس ساعات، وضع مأساوى يتحمل فيه المريض آلام الحقن وسخونة انجراف تيار محلول الملح داخل جسده.. ليس أمامه خيار آخر.. فإما أن يهمل المرض أو يحارب سمومه حتى لا يطارده الموت. الآن يواجه مرضى غسيل الفشل الكلوى، أزمة تهدد حياتهم وحياة أسرهم بأكملها، تتمثل فى نقص مستلزمات العلاج من فلاتر تنقية الدم ومحاليل الملح والأدوية مرتفعة الأسعار إن وجدت، نظرًا لموجة الغلاء الجنونية، التى اجتاحت كل السلع فى مختلف القطاعات بعد القرارات الاقتصادية، التى اتخذتها الحكومة وعلى رأسها تعويم الجنيه, إلا أن معاناة واحتمالية تعرض هؤلاء للموت جعلتهم يصرخون فى وجه المسئولين للإنذار بالكارثة. شملت زيارتنا العديد من مراكز الغسيل الكلوى بالمستشفيات، مثل أحمد ماهر.. سيد جلال.. وحدة الريان والمطرية ومستشفيات أخرى، لكن الحالات المرضية كانت واحدة، والأزمة كذلك كانت واحدة كنقص الفلاتر.. الأدوية التعويضية.. المحاليل، والعديد من المطالب، التى توحدت لدى المرضى، وكان أهمها أن تكون مدة القرار بالعلاج سنوية وليست كل 6 شهور. مرضى "الريان": ننتظر الموت على الرغم من جمال شكلها الخارجى ونظام أطقمها الطبية، إلا أن الأزمة طرقت أبوابها بقوة "مستشفى الريان بالمعادى"، والتى تفاقمت بعد تداول نشطاء مواقع التواصل الاجتماعى لإعلان الإدارة عن غلق الوحدة، حيث علّقت الإدارة ورقة على الحائط مكتوب عليها: "المرضى المترددين على وحدة الغسيل الكلوى بمستشفى الريان يرجى العلم بأنه سيتم غلق وحدة الغسيل الكلوى اعتبارًا من 1/12 /2016 نظرًا لعدم وجود الفلاتر والمستلزمات اللازمة لعملية الغسيل وهذا للعلم, رئيس وحدة الغسيل الكلوى د/ أيمن عبد العزيز". ورغم محاولات طمأنة المرضى من قبل الإدارة، إلا أن الخوف ظل سيد الموقف بين المرضى، فيقول مريض الفشل الكلوى"يوسف نجيب" ل"المصريون": إن تصرفات المستشفى تشير للعكس, وأن "الريان" مستشفى شبه استثمارى يرأسه اللواء محمودحلمى ويتبع جمعية خيرية، مشيرًا إلى أنه تم فصل أطقم تمريض يشهد لهم بالكفاءة، عن العمل بدون سبب, وأنه على الرغم من دعم الحكومة لجلسة الغسيل التى تتكلف 140 جنيهًا إلا أن صاحب الوحدة عمل على زيادتها حتى وصلت إلى 200 جنيه نظرًا لزيادة أسعار المحاليل من 6جنيهان إلى 25 جنيهًا والفلتر من 70 جنيهًا إلى 140جنيهًا ويتم بيعه بالسوق السوداء . "مستشفى الريان الإسلامية" يعانى مثل كل وحدات الغسيل الكلوى، من ارتفاع أسعار المستلزمات الطبية اللازمة لإجراء عملية الغسيل, بتلك الكلمات بدأت "مى شمس" ابنة إحدى المرضى حديثها معنا, مضيفة: "الوحدة أعلنت الإغلاق بسبب ارتفاع سعر الدولار, على الرغم من أن هذه الوحدة أكبر وحدات الغسيل الكلوى فى المعادى, يعالج فيها حوالى 140 مريضًا, ولو تم غلقها المرضى مهددون بالموت المحقق", وأكدت مى، خطورة توقف الجلسات قائلة: "إذا لم يخضع المريض لجلسة واحدة وتغيب يؤدى إلى ارتفاع نسبه البولينا والكرياتنين فى الدم وده يسبب الموت, بالإضافة إلى ارتفاع نسبه المياه فى الجسم وتضغط على الرئتين فيصعب عملية التنفس". ومن جانبه قال ياسر فؤاد، "إن فشل الكلى معناه توقف عملها وهو إخراج السموم من الجسم وتنقية الدم وإخراج البول، عملية الغسيل تقوم بعمل الكلى, والآن نفسيتنا دمرت لأننا ننتظر قرار بموتنا, لكن الحل بيد الدولة بأن تمد المراكز بمستلزمات الغسيل للاستمرار فى العلاج ومن غير المعقول 7 سنوات بغسل الكلى وبعد كل هذا العذاب تحكموا على بالموت" على حد قوله. البحث عن الوحدة فى"أحمد ماهر" اختلف الوضع قليلاً فى مستشفى أحمد ماهر التعليمى, ففى الدور الأرضى توجد لافتة تبين أن وحدة غسيل الكلى فى الدور الأول بينما اكتشفنا خلال جولتنا أنها فى الرابع (وحدة غسيل كلوى دموى) تجاور جزء من المستشفى يعاد ترميمه, ووسط الهدوء التام تجد الأرضية غير نظيفة وحتى التطهير بدون مواد مطهرة, وتشمل الوحدة ثلاث غرف الأولى مكتظة بالمرضى والأهالى منتظرة فى الواجهة، والثانية بها شخصان يغسلان ولكنها أرقى نسبيىًا والثالثة فارغة تمامًا وبها أجهزة تالفة. وعلى الرغم من كبر المستشفى، إلا أن الأمن الخارجى أمام البوابة الرئيسية لا يسأل عن الدخول والخروج، ولا توجد إجراءات تفتيش للتأمين, أما الأمن الداخلى كان شديدًا ولعبنا معه لعبة القط والفأر، فعندما اعترض صعودنا إلى الدور العلوى بدون أسباب وكأن الجزء العلوى محرم إلا على أشخاص معينة, دفعنا ذلك للبحث عن بديل واكتشفنا وجود ثلاثة سلالم الأول الأمن الإدارى رفض صعودنا منه، والثانى عليه باب حديدى ويؤمنه رجل رفض صعودنا والثالث ليس عليه رقابة وكان هو السبيل. شرطان للغسيل التقينا أم أحمد، من شبرا، كانت تنتظر والدتها خلال جلسة الغسيل, وقالت إنها تجرى جلسات منذ 7 سنوات, والمستشفى لا يقبل المحولين له عن طريق مراكز أخرى واصفة ذلك بقولها: "ارجعى له تانى مش هيخدوكى" ولو اتكلمتى عن نقص المستلزمات والفلاتر هياخدوا موقف سلبى منك ومش هيوفروا لك جهاز غسيل", وأضافت أن سعر الجلسة ارتفع هذه الفترة الى220 جنيهًا بينما أصحاب القرارات ب 140 جنيهًا, وللعلاج جزء يتم تسليمه والآخر يشتريه المريض وأسعاره ارتفعت. قطط "سيد جلال" استقبلتنا القطط التى تسير فى الطرقات والمحاليل المتراكمة بشكل غير منظم فى مجمع باب الشعرية الجامعى مستشفى سيد جلال, يشمل ثلاث وحدات للغسيل الكلوى، وحدة قديمة وأخرى جديدة للأطفال، لكن الأكثر تدهورًا هى الوحدة القديمة المعروفة باسم دكتور فاهم عبد الرحيم، فحوائطها متهالكة وفى الداخل ظلام يسود المكان نهارًا وأجزاء معينة مضيئة. الفلاتر سيئة والمياه تتعكر أحيانًا قال المريض ضياء فتحى، إن نوعية الفلاتر التى تستخدم فى الغسيل سيئة وتسمى allmed وصغيرة الحجم , وأضاف:"قضينا شهرين بدون محلول ملح وقاموا بتبديلها بمحاليل سكر لكنها لا تعمل بكفاءة, والمدير المالى عزت عنانى لم يهتم بالوحدة والإدارة لا تتابع المرضى, وماكينات الغسيل تتعطل دائمًا وارتفع سعرها الآن إلى 150 ألف جنيه, ووحدة المياه تتعكر نسبيًا, التكييفات كانت معطلة فى فترة الصيف، وأنفقوا عليها كما أخبرهم طاقم التمريض من تبرعات جاءت من الإمارات حوالى 35 ألف جنيه. "قصة حب بالوحدة انتهت بالزواج" " بقالى 7 سنين بغسل، وضياء جه يغسل من سنة، اتعرفنا على بعض، حبينا بعض واتجوزنا، الحمد لله عايشين كويسين وعارفين ظروف بعض ومستحملين بعض"، قالتها داليا عبد الرحيم ، من داخل وحدة الكلى فى مستشفى سيد جلال . وأضافت داليا "مشكلتنا الأساسية فى الفلاتر اللى موجودة كفاءتها 3 ساعات بس وإحنا لازم نغسل 4 ساعات، طبعًا بنقوم من على الأجهزة وإحنا مش غسلين كويس وطبعًا مش بنستحمل وبنيجى جلسة الغسيل اللى بعدها خلصانين". وأشارت داليا، إلى أنه يتم تقسيم الجلسات إلى مجموعتين"مجموعة السبت والاثنين والأربعاء، والمجموعة الثانية الأحد والثلاثاء والخميس". وتابعت بحزن: "إحنا مهمشين، إحنا زى السرطان مرضنا مزمن، كفاية علينا اللى إحنا بنشوفه من المرض ما يجوش علينا كمان، إحنا محرومين من المصايف والخروج، إحنا محبوسين فى حياتنا، اعتبرونا من نسبة ال5 %". وأضافت: "الفلاتر والأدوية التعويضية، أهم الحاجات اللى نقصانا، كمان القرار ليه يخلوه كل 6 شهور، خلوه كل سنة علشان الدوخة اللى بندوخها، إحنا مش مستحملين تعب زيادة". "رقصنا على خيبتنا" "إحنا رقصنالك على خيبتنا المفروض تراعينا أنا لا انتخبت رئيس وزراء ولا وزير صحة"، كلمات قالها بمرارة المريض محمد، مكملاً رسالته للرئيس: "راعينا، هو إحنا مصريين ولا مرتزقة من بلاد تانية، زود المعاشات بتاعتنا هنصرف منين ولا هنعمل أيه". وأضاف محمد، فى حديثه ل"المصريون"،: "بغسل من 9 سنين، جالى من الميه والحاجات الفاشلة إللى فى حياتنا، بعنا حاجات بيتنا علشان أعرف أغسل فى الأول لغاية ما عملت القرار، عندنا تسمم فى الدم مش بنشتغل، وفروا لنا طلباتنا، المحاليل والفلاتر والأدوية". تلاعب فى المحاليل بينما قالت ريهام محمد، إن المستشفى يتلاعب لتوفير المحاليل عن طريق حفظ نصف الزجاجة نظيف للتدوير على الماكينة مرة أخرى إذا تبقت من مريض ليعاد استخدامها مع نفس المريض أو لآخر, وهذا ما أكدت عليه سامية سيد، مضيفة، إن شركة الفلاتر سينتهى عقدها مع المستشفى آخر شهر ديسمبر حسب حديث الممرضين معهم, ولم تزد فى السعر بسبب الشرط الجزائى. الأطباء غائبون وأضافت سامية، أن الأطباء لا يتابعون حالتهم الصحية,"مش بنشوفهم خالص" والوحدة تتبع جامعة الأزهر لذلك مدير المستشفى ليس له سلطة عليها, ومنذ شهرين كنا لا نجد ما نغسل به بسبب قلة الفلاتر وصغر حجمها بينما الغسيل الكلوى يجب أن يكون بفلاتر مستوردة لتنقى الجسم أكثر من السموم, فإذا توقفنا عن الغسيل نتعرض لغيبوبة ثم نموت ولذلك نطالب بأن ترعى وزارة الصحة الوحدة وتوفر محاليل الملح والسكر 5%. "اهتموا بينا زى 57357" أما على مصطفى، فقد طالب باهتمام ودعم الدولة بمرضى غسيل الفشل الكلوى، مثل الاهتمام بمستشفى 57357, وتوفير الدواء والرعاية وعمل شهرية أو معاش لمرضى الغسيل الكلوى، لكثرة مصاريف الأدوية والمواصلات خاصة للوافدين من المحافظات, وأضاف: "المرضى الذين يتعرضون لأزمات قلبية أو غيبوبة سكر أثناء الغسيل لا يجدون رعاية مركزة ويموتون على الفور وهذا حدث منذ أسبوعين مع مرافق لنا, فالرعاية المركزة محجوزة للمستشفى والدكاترة". تمريض المحسوبيات وعلقت إحدى الممرضات على شكاوى المرضى قائلة: "يشكون دائمًا من قدم الفلاتر وخشونة السنون التى يتم تركيب الوصلات بها, والمحاليل ناقصة والأدوية مثل البرفالجان, وأطقم التمريض قليلة جدًا, ومن يقوموا بتصليح الماكينات المعطلة غير فنيين بل مبتدئين لا يفهمون شيئًا, والتمريض يعامل بالمحسوبيات والوسائط لأن طلاب المستشفى يتم تثبيتهم ويصبح لهم كادر مالى مناسب أما الممرضين التابعين لجامعة الأزهر يعملون بتكليف سنتين وبدون كادر". نقص الدواء وقائمة انتظار فى المطرية ويبدو أن مصير مرضى غسيل الفشل الكلوى بالمعهد القومى للمسالك البولية والكلى فى المطرية، هو عدم الاستمرار، والوافدين لا أمل لوجود مكان لهم، فكما قال شادى أحمد من الممرضين، إن المعهد يعانى من نقص أدوية علاج أمراض الكلى عامة، خصوصًا بعد ارتفاع أسعارها كما يوجد نقص بالمحاليل الخاصة بغسيل الفشل الكلوى، مضيفًا أن قرارى تعويم الجنيه ورفع أسعار الأدوية "خرب الدنيا"، والأماكن كاملة العدد ولا يوجد مكان متاح لأى مريض جديد يعانى الفشل الكلوى وإذا توافد أحد يبقى على قائمة انتظار طويلة. التبرعات ليست للمرضى وسألنا إحدى المتواجدات داخل الوحدة، عن إمكانية تقديم تبرعات، كان رد مدام سهير مفاجئ، بأنها حذرتنا من تقديمها لإدارة المستشفى بل أعطائها للمرضى مباشرة لأنه فى الغالب يأخذها آخرون لا تعلم صفاتهم ولكن تؤكد: "المريض لا يستفيد بشىء" لأن المستشفى يأتى إليه تبرعات كثيرة من رجال أعمال ودول عربية، وأضافت أن الجلسة تكلف 220جنيهًا على المريض الذى لا يملك قرارًا على نفقة الدولة. وهم المجان عبد العزيز سيد، الرجل المسن، ويده على خده بنظرات حزن خالطتها آلام الانتظار، واشتكى قائلاً: بدون سؤاله عن أى شىء: "لى سبعة شهور انتظر لإجراء عملية جراحية فى البروستاتا لكن نظرًا لأنه معهد حكومى ويعالج جزءًا كبيرًا بوهم المجان، لازلت ألازم الفراش محجوزًا، ومنذ أسبوع عندما حددوا لى موعدًا وانتظرت منذ الخامسة فجرًا إلى الواحدة صباحًا من اليوم الثانى ثم يصدموننى بأن الوحدة اكتفت اليوم". رائحة المجارى خلال جولتنا داخل المعهد، تبين لنا أن هناك وحدتين كلاهما يستوعبا أكثر من 50 مريضًا، وأمام كل منهما تلقى الجراكن المعبأة بمحاليل الغسيل، وفى الدور الثانى يوجد ما نعتبره مخزنًا لكميات لا بأس بها من عبوات المحاليل الصغيرة والكبيرة بدون ترتيب وتخالطهما رائحة مياه المجارى. بلطجية يهاجمون المعهد نشبت مشاجرات خلال جولتنا، بين عدد من البلطجية وأمن المعهد لإجبارهم إدخال مريض يتخطوا به القائمة الطويلة المنتظرة للكشف فى الاستقبال، ونتج عنها ضرب فرد الأمن الإدارى مما ترك آثارًا على جسده لكن سرعان ما أنهى القائمون على إشراف الدور الأرضى إداريًا التشابك بين الأهالى وفرد الأمن، وأكد المرضى المتواجدون فى ساحة الانتظار أن هذه الاعتداءات يومية من قبل البلطجية المنتشرين فى المنطقة. طلبة الإسكندرية "بأجل امتحاناتى كل سنة هعمل إيه لو اتخرجت مش هعرف اغسل" بتلك الكلمات صدمنا عمرو إسماعيل 29 سنة حقوق الإسكندرية، مريض فشل كلوى يغسل منذ سنوات، لم يجد إلا التأمين الصحى الجامعى بمحافظته، ملجأ يحتمى به من المرض الذى زحف إليه دون إنذار". ويضيف عمرو فى حديثه مع "المصريون": "التأمين الصحى بتاع الجامعة أحسن الوحشين، يعنى أروح الميرى وأموت؟". وكشف عمرو، عن سبب إصابته بالفشل الكلوى وهو قنابل الغاز التى أطلقت على المتظاهرين فى الذكرى الأولى ل"محمد محمود"، والتى كانت سببًا أساسيًا فى إصابته بالمرض. واستنكر عمرو، أن تكون مصر من أكبر البلاد إصابة بالفشل الكلوى، مشيرًا إلى أنه وحسب الإحصائيات تعتبر مدينة قها بمحافظة القليوبية والذى يعيش 85% من سكانها على ضفاف فرعى رشيد ودمياط، بها أكبر عدد من الأطفال المصابين بالفشل الكلوى "من 4 سنوات وحتى 12 سنة"، لأنهم يقيمون على ضفاف النيل. "الحمد لله إن فى دكاترة فى مصر كويسين، وإلا كنت مت فى أول أيام إصابتى بالمرض، الأسترة اتركبت لى بين الرقبة والكتف و من غير بنج علشان ماعييش فلوس، الأسترة طولها 15 سم كبيرة و طخينة، واللى معاه بيدفع "6" آلاف جنيه، شهر ونصف فى مستشفى الطلبة، بجد اتعذبت بس الحمد لله كانت معنوياتى مرتفعة وأنا بواجه المرض ومكن الغسيل قديم من التسعينيات، أجهزة شغالة من 15سنة، ولما واحد زميلنا أشتكى لرئيس الجامعة قاله هعملك إيه". وعن أهم الاحتياجات التى عيانى منها مستشفى الطلبة، والتى قد تتسبب فى موت مرضى الفشل الكلوى قال عمرو:"المتبرعون بعتوا أربع ماكينات جديدة، بس مش عارفين هما فين، والفلاتر سيئة، المحاليل مش كفاية، مافيش أدوية تعويضية، صيدليات التأمين مفيش غير نوع ولا اتنين ومش مهمين، والأدوية المهمة مش موجودة، ماعييش فلوس أجيب من برة لازم حد يساعدنا إحنا لو وقفنا الغسيل 3 غسلات ورا بعض هنموت، لو غسلنا برة كل حاجة على حسابك حتى لو فى حكومة... ألحقونا". قسطرة الغسيل ب3500جنيه قال أحمد بركات صاحب شركة لبيع قسطرة غسيل الفشل الكلوى بمدينة نصر: أسعار القسطر ارتفعت جدًا وكانت ب 2000جنيه، وحاليًا ب3500 وذلك بسبب ارتفاع سعر الدولار, مما أثر على مجالى وقلت حركة البيع والشراء لعدم قدرة المرضى على ارتفاع التكاليف، وللأسف المرضى الذين يتلقون العلاج بقرار فى المستشفيات الحكومية يتم تركيب قسطرة لهم ولكن نوعها رديء جدًا . وأضاف، أن أغلب مرضى الفشل الكلوى, يعتمدون على تبرعات الجمعيات الشرعية والجمعيات الخاصة فى المناطق الشعبية وخاصة فى الخلفاوى والشرابية، كما أن الجمعيات فتحت باب التبرعات الخاصة لشراء الدواء والمستلزمات بعد ارتفاع الأسعار . وأكد بركات، أن الحل يكمن لدى وزارة الصحة، فى الضغط على الدولة بألا تخضع لارتفاع أسعار الدولار ويتم فتح باب استيراد المستلزمات. حملات "فيسبوكية" للدعم دشن صبرى سلامة، من حلوان حملة لجمع تبرعات على فيس بوك، لمرضى الفشل الكلوى لعدم توافر أدوات الغسيل وبعد أن أنذرت وحدتين بالغلق مطلع شهر ديسمبر، قال: نظرًا لنقص أدوية الفشل الكلوى والمحاليل والفلاتر ووصلات الأجهزة وارتفاع أسعار الدواء، لى أقارب ستواجه الموت لذلك أنشأت حملة لجمع الأموال من الأهالى لإنقاذ المرضى، كما أن أغلب المرضى يتبعون قرار العلاج على نفقة الدولة لأنهم موظفون . كذلك دشنت نادية الخطيب، من قليوب، حملة لمساعدة أطفال الفشل الكلوى والسرطان فى مستشفى أبو الريش على فيس بوك وقالت: "هذا تكافل حث عليه الشرع، وعندما سمعنا عن نقص المستلزمات والأدوية قمنا بزيارة لأبو الريش لست بمفردى بل يوجد متبرعون ومتطوعون من شبرا والسويس ومحافظات أخرى، وجمعنا مساعدات من الأهالى، وذهبنا فى 16 نوفمبر ورأينا مشاهد محزنة فى الدور الرابع بقسم غسيل الكلى أطفال منتظرة دورها وأمهات جالسات على الأرض بأطفالهن بعد مشقة الجلسة. وأضافت، أن الأطفال أعمارهم بين الثلاث سنوات والعشر يعانون لدرجة أن أحجامهم تغيرت من الفشل الكلوى ومن يبلغ 14عامًا تحسبه يبلغ ثمانى سنوات، وأطفال وافدة من الأقاليم أيتام وفقراء والأمهات لا يجدون مصاريف المواصلات والطعام. محافظات عاجزة بدأ أحد الفيوميين من مكان عمله بدولة الكويت، جمع الأموال للتبرع لمستشفى الغسيل الكلوى فى المحافظة عن طريق حملة على فيس بوك، وقال: "لدينا أزمة مالية لاستكمال شراء الأجهزة, والمستشفى تبنى بالجهود الذاتية والتبرعات وتم بناء المبنى، وجار الانتهاء, واشترينا بعض الأجهزة لكن لم يبدأ العمل بها حتى الآن لعدم توافر الأموال وتأثير القرارات الأخيرة الاقتصادية على رجال الأعمال. وقرر أحد الصحفيين ويدعى ياسر يوسف عطافى، من الأقصر، أن يناشد الدولة على صفحته الشخصية على فيس بوك، لإنقاذ مرضى الغسيل الكلوى وخاصة بمستشفى الأقصر الدولى، قائلاً: "الأقصر تعانى أزمة فى كامل القطاع الطبى وخاصة مرضى الغسيل الكلوى من الأطفال، يوجد عجز فى الأطباء غير أنهم لا يأخذون البدل النقدى المناسب لعملهم، وكذلك التمريض وذلك لأنها من المحافظات النائية، والآن نقصت الفلاتر والمحاليل، والأدوية أسعارها ارتفعت الخاصة بالكلى والمريض يشترى أدوية كثيرة على حسابه وأدوية ارتفاع درجة الحرارة غير متوفرة وهذا يهدد حياتهم بالموت. قرارات اقتصادية من جانبه أرجع إيهاب طاهر، أمين عام نقابة الأطباء أسباب أزمة نقص مستلزمات وأدوية مرضى غسيل الفشل الكلوى إلى إنكار وزارة الصحة للأزمة والإدلاء بتصريحات عنترية بدون دلالات علمية, وارتفاع سعر الدولار عقب قرار تعويم الجنيه أدى لارتفاع أسعار المستلزمات والأدوية وتكاليف الإنتاج والتصنيع. وأضاف طاهر، فى تصريحات خاصة ل «المصريون» أنه على الحكومة استيراد الدواء ودعمه ليظل بنفس السعر القديم نظرًا لما يعانيه المرضى من ارتفاع أسعار كل شىء, وأن تشكل وزارة الصحة لجانًا متخصصة تدرس أسعار المستلزمات والدواء وتثبت أسعار الأدوية التى مازالت تجلب المكاسب لكن الأدوية التى تخسر تقوم بتصنيعها داخل المصانع المصرية. وتابع: لابد من دعم الدولة لصناعة الدواء، بأن توفر العملة الصعبة بأسعار أقل وتشارك فى تكاليف استيراد المواد الخام أو تقلل من الضرائب التى تفرضها, أو تقدم الدعم العينى لشركات الأدوية. 63 ألف مريض وأكد محمود فؤاد، مدير المركز المصرى للحق فى الدواء, أن السبب وراء الأزمة هو ارتفاع سعر الدولار, موضحًا أن المركز حذر من الأزمة منذ 21 أغسطس الماضى لكن وزارة الصحة لم تحرك ساكنًا. وكشف فؤاد، أن بمصر حوالى 63 ألف مريض يقوم بغسيل الكلى من خلال 540 مركزًا عامًا وخاصًا على مستوى الجمهورية، لكن زيادة المرضى والتى تضاعف من عمل الفلاتر والمستلزمات أدت إلى تلف معظمها وبطء عملها ووزارة الصحة تقدم الجلسة للمريض ب140 جنيهًا و80% منهم بقرار على نفقة الدولة لكنها زادت الآن ووصلت إلى 250جنيهًا خلال الأسبوع الماضى، فقرر أصحاب المراكز مقابلة المحافظين واتفقوا معهم على غلق مراكزهم. 700 مليون لحل الأزمة وتابع مدير المركز المصرى للحق فى الدواء، أن الدولة تجرى حاليًا مناقصات لتوفير المستلزمات إلا أنه يوجد نقص فلاتر وكبسولات الصوديوم والمحاليل, فالدولة تقدم 600 مليون جنيه لمرضى الغسيل الكلوى، لكن الفترة الحالية تحتاج إلى 700 مليون جنيه, بينما الحكومة تتجنب الآن المساس بالميزانية فى مقابل أنها تضحى بالمريض الذى ينتظر شبح الموت, فعلى الحكومة أن تعوض الفرق فى التكلفة لجلسات الغسيل حتى لا يخسر أصحاب المراكز.