غادر الرئيس عبدالفتاح السيسي، القاهرة، اليوم الخميس، متوجهًا إلى الإمارات، في زيارة يبحث العلاقات الثنائية والمشاركة في فعاليات العيد الوطني، في وقت ألمح فيه البعض إلى أنها قد تشهد لقاءً نادرًا بينه وبين الفريق أحمد شفيق، المرشح الرئاسي الأسبق، المقيم في الإمارة الخليجية منذ أكثر من 4سنوات. وتأتي الزيارة التي تمتد يومين، بعد أن صرح الدكتور سعد الدين إبراهيم، رئيس مجلس أمناء مركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية، في أواخر الشهر الماضي، أن شفيق الذي شغل منصب رئيس الوزراء في آخر حكومة في عهد الرئيس الأسبق حسني مبارك قد يقبل بالمنصب مجددًا إذا طلب منه ذلك. وعلى الرغم من أنه لم يصدر تأكيد رسمي من قبل شفيق أو أحد من المقربين منه حول الأمر، إلا أن الحكم القضائي الصادر برفع اسمه من قوائم الترقب والوصول أثار تكهنات واسعة حول دور سياسي محتمل له في مصر، وخاصة مع تأزم الوضع على الصعيد الداخلي. وقال إبراهيم في تصريحات صحفية إن "إبراهيم يمكن أن يقدم الاستشارات السياسية والأمنية حال الاستعانة به، إذ إن بعض دول الخليج كانت تستشيره خلال الفترة التي مكث بها في الخارج، كما أن علاقاته وخبراته تجعله مركزًا للقوة يمكن الاستفادة منه بشكل كبير في ظل الأزمات الراهنة". وكشفت مصادر بحزب الحركة "الوطنية"، التي أسسه شفيق، أن هناك جهودًا مكثفة لتقريب وجهات النظر بين المرشح الرئاسي الأسبق والرئيس عبدالفتاح السيسي، الذي يزور الإمارات حاليًا. وقال المصدر، الذي فضل عدم نشر اسمه ل "المصريون"، إن "جهود التقارب يقودها مسؤولون كبار داخل دولة الإمارات من أجل إنهاء جميع الخلافات بين الرئيس السيسي والفريق شفيق"، مشيرًا إلى أن "الجهات العليا في الإمارات تسعى لعقد لقاء بين الطرفين يعود على إثرها شفيق لمصر بعد غياب دام سنوات". وأضاف المصدر، أنه ليس لديه أي معلومات تؤكد عقد لقاء بين الفريق والرئيس خلال الزيارة، لأن "الأمر سري ولا يتم إطلاع أحد عليه"، مؤكدًا أن شفيق لديه رغبة شديدة للعودة لمصر خلال الفترة المقبلة ولن يحدث ذلك إلا بعد تقديم تطمينات كافية. غير إن المستشار يحي قدري، الرئيس التنفيذي لحزب "الحركة الوطنية" سابقًا، ومحامى شفيق، استبعد عقد لقاء بين السيسي وشفيق بالإمارات، خلال زيارة الرئيس الحالية للإمارات، مشيرًا إلى أنه لا يوجد لديه أي معلومات جدية حول ذلك. وأضاف قدري ل" المصريون": "الفريق سيعود في أقرب وقت إلي أرض الوطن، لأنه لا توجد جريمة منسوبة له في الوقت الحالي وليست هناك أي مخالفة قانونية ضده". وعقب خسارته في الجولة الثانية من انتخابات الرئاسة أمام الرئيس الأسبق محمد مرسي في 2012، مباشرة، اتجه لدولة الإمارات وما زال يقيم بها حتى الآن. وأوضح قدري أن شفيق كان قد قرر عدم العودة لمصر إلا بعد انتهاء أثار كافة البلاغات الكيدية، وبالتالي فإن عودته للقاهرة مسألة وقت فقط. ولفت إلى أن علاقته بشفيق في حدود العمل القانوني بالنسبة القضايا المرفوعة ضده، "لكن بالنسبة للأمور السياسية، تركتها نهائيًا بعد خروجي من الحزب في أواخر العام الماضي". وفي 29 أغسطس 2012، أمر مستشار التحقيق المنتدب من وزير العدل بإدراج اسم شفيق على قوائم ترقب الوصول والممنوعين من السفر، إثر التحقيقات في البلاغات المقدمة ضده. وفي منتصف نوفمبر الماضي قضت محكمة جنايات القاهرة برفع اسمه من قوائم الترقب والوصول. فيما رأى الدكتور مصطفى الفقي المفكر السياسي، المقرب من السلطة في تصريح سابق، أن "مشكلة الفريق أحمد شفيق في مصر سياسية وليست قضائية"، ملمحًا بذلك إلى موقف النظام الحالي منه. وفي الوقت الذي وصف فيه قضية شفيق بأنها "قضية سياسية يستخدمها النظام لتحريك مصالحه"، لم يستبعد الدكتور عبد الله الأشعل، مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن تتطرق زيارة السيسي إلى عودة شفيق لمصر، في ظل ما أثير حول نيته للترشح للرئاسة، ودعم الإمارات له. وأوضح، أن هناك احتمالين في الصيغة الجديد التي تقدمت بها الإمارات، الأول أن "يكون هناك تعاون مشترك بين النظام الحاكم وبين الفريق الشفيق في إدارة الدولة المصرية خلال المرحلة القادمة، والثاني أن يكون شفيق هو رئيس مصر القادم". ورأى الأشعل أن "الاحتمال الثاني، هو أقرب للمشهد الحالي، لأن الإمارات والسعودية ترى أن السيسي يواجه أزمة كبيرة على صعيد شعبيته بين المصريين، وبالتالي يجب استبداله بالفريق الذي يتمتع برصيد شعبي قوي". وقال إن "شفيق محسوب على نظام مبارك، الذي شرع في استرجاع شعبيته من جديد من خلال ظهور جمال مبارك، كما أن هناك توافقًا داخل جماعة الإخوان حول فيق، إضافة إلى أن الفريق يتمتع بخلفية العسكرية، وبذلك سيكون مرضيًا لجميع الأطراف السياسية". إلى ذلك، تحدثت تقارير إعلامية عن مساعٍ تقودها الإمارات لطي خلاف طرأ أخيرًا على العلاقات المصرية السعودية، بعد أن نشبت أزمة بينهما عقب تصويت القاهرة في مجلس الأمن منتصف أكتوبر إلى جانب مشروع قرار روسي، لم يتم تمريره متعلق بمدينة حلب السورية، كانت تعارضه دول الخليج والسعودية بشدة. وقال الأشعل إن زيارة السيسي للإمارات لها أهداف كثيرة، أهما حل الخلاف بين السعودية ومصر خلال القمة الثلاثية بين الملك سلمان، وولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد. وأضاف: "الزيارة أظهرت وجود دور إماراتي قوى في الشأن السياسي المصري"، واصفًا إياها بأنها "الجندي المجهول في التغيرات المناخية للنظام الحالي".