هل يكون منصور حسن هو المرشح التوافقى الذى صدَّعوا رءوسنا بالحديث عنه, وهل اتفق المجلس العسكرى والقوى الرئيسية بالبرلمان على شخص رئيس المجلس الاستشارى؛ ليكون الرئيس القادم, وهل اتفاق العسكرى والإخوان والسلفيين على تأييد مرشح ما للرئاسة سيضمن نجاحه؟! من الصعب الجزم بإجابات قاطعة على الأسئلة السابقة, فأن يكون حسن هو المرشح التوافقى المطلوب عسكريًّا وإخوانيًّا, فإن الشواهد تدعم هذه المقولة, منها مثلاً: التأييد الفورى والسريع من الهيئة العليا بحزب الوفد لمنصور حسن فور إعلان ترشُّحه وسحب التأييد السابق للمرشح الرئاسى عمرو موسى, نتيجة ضغط قوى بعينها (تحدث عنها عمرو موسى ولم يسمّها)، كما أن السياسة تقتضى ألا يكون الإخون هم أول الداعمين لأى مرشح توافقى، بل يكونوا فى الترتيب الثانى أو الثالث, كما أن اختيار اللواء سامح سيف اليزل- ذى الخلفية العسكرية- نائبًا لحسن يدعم من فكرة تأييد العسكرى له. دعْك من الاستقالة التى قدمها سيف اليزل أمس الأول لمنصور حسن طالبًا عدم استمراره فى الحملة, فالمؤكد أن المياه ستعود لمجاريها سريعًا, فربما كانت تصريحات "حسن" الصحفية عن سيف اليزل غير موفقة, عندما سماه بالمساعد وليس النائب, كما أن حزب النور وبعض الجماعات السلفية رهنت تأييدها لمنصور حسن بتخلّيه عن نائبه سيف اليزل لخلفيته العسكرية. لا تستطيع أن تتحفظ على فكرة ترشيح حسن للرئاسة فمثله كأى مصرى يحق له الترشح للرئاسة طالما انطبقت الشروط عليه, لكن السؤال: هل انطباق الشروط المنظمة للترشح على أى شخص هى الأهم للترشح, أم أن الملاءمة السياسية تصبح شرطًا جوهريًّا يفوق فى أهميته شروط الترشح ذاتها, ثم ما معنى أن يترشح منصور حسن الآن, ولماذا لم يعلن ترشحه منذ فترة معقولة مثل بقية المرشحين الذين اتسموا بالوضوح مثل عمرو موسى وعبد المنعم أبو الفتوح وحازم أبو إسماعيل وأحمد شفيق؟. نظرية المرشح الذى يظهر فى آخر (الفيلم)؛ ليكون هو البطل ويتزوج البطلة, تصبح موضة قديمة لا تليق بدولة قدَّم شعبها ثورة تاريخية شهد لها العالم, وظنى أن الوضوح والمباشرة فى مسألة الترشح للرئاسة هى مطلب ضرورى للناخبين؛ لأن تأخير المرشح فى ظهوره يعنى مباشرة لدى الناخب الذكى- وما أكثره- أن وراءه اتفاقات وترتيبات مع (أولى الأمر) فى الساحة الآن, مما قد يسحب من هذا المرشح لدى الناخبين أو أن ينطبق عليه وصف (مبارك بشَرْطة) الذى أطلقه د. عبد المنعم أبو الفتوح على مرشحى اللحظة الأخيرة. مارس منصور حسن السياسة طوال فترة حكم الرئيس السادات ولمع اسمه خلال السنوات الأخيرة من سبعينيات القرن الماضى، لكنه اعتزل السياسة رغم صغر سنه، (لم يتجاوز الخمسين من عمره) فور تولى مبارك الرئاسة, ورغم حالة الحراك السياسى الضخمة التى شهدتها مصر طوال العقد الأخير من حكم مبارك إلا أننا لم نضبط منصور حسن متلبّسًا بموقف نضالى فى الشارع مثل الراحل د.عبد الوهاب المسيرى أو متصدّرًا لمسيرة. لا يعنى ما سبق عدم أحقية الرجل فى الترشح أو ملاءمته السياسية، بل ربما أراه أفضل من بعض مدعى السياسة، لكن لماذا لم يحتفظ منصور حسن بصورته الجيدة فى أذهاننا كسياسى مخضرم بعيدًا عن معترك الرئاسة ودهاليزها وأن يقتصر دوره فى بناء مصر الجديدة بالرأى والخبرة والمشورة. قد يغضب السياسى منصور حسن من هذا الرأى، رغم ما بيننا من تواصُل وتعليقات أحيانًا من جانبه على ما أكتبه، لكن الاختلاف فى الرأى لن يفسد ما بيننا من مودة. [email protected]