إعلان منصور حسن ترشحه لرئاسة الجمهورية هو نصف مفاجأة، وذلك نظرًا للحيرة التى انتابت الرأى العام تجاه موقفه من الترشح خلال الشهر الماضى، فعندما طرح اسمه للمرة الأولى بأنه مرشح يحظى بتوافق قوى سياسية عديدة وانتشر جدل حول الموضوع سارع إلى نفى خبر ترشحه حتى ظننا أنه خرج من سباق الترشح لمقعد الرئاسة، ثم ها هو يعلن بنفسه أنه قرر الترشح وفى الوقت نفسه تبادر عدة قوى سياسية على الفور إلى إعلان تأييدها له ودعمها له. لا أتصور أن قرار الوفد والمصريين الأحرار والجبهة دعمهم لمنصور حسن مرشحًا للرئاسة كان عن قرار مبيت أو اتفاق سرى سابق، كما يذهب البعض، وأكاد أجزم أن الأمر أتى على طريقة تفاحة نيوتن الشهيرة "وجدتها وجدتها"، لأن الحيرة كانت تضرب تلك الأحزاب بقوة حول اختيار مرشح للرئاسة يمكن أن يكون له حظوظ قوية فى مواجهة المرشحين الإسلاميين الذين يحظون بحضور جماهيرى واضح، ولم تكن هذه القوى تملك أى بدائل من داخلها، ولذلك اندفع الوفد قبل أسبوع إلى تأييد عمرو موسى على طريقة "أحسن من مافيش"، فلما ظهر عزم منصور حسن اتجهت بوصلة الوفد بسرعة إليه مما أحدث جدلا داخل "بيت الأمة". منصور حسن تتمثل فرصته الأساسية فى إمكانية دعم الإخوان المسلمين له، لأن اسمه من تلك الأسماء التى طرحت وكانت الجماعة تميل إليها، وأتصور أن الرجل لم يقدم على ترشحه إلا بعد أن حصل على "وعد ما" من قوة إسلامية كبيرة بدعمه، لأنه بدون هذا الدعم تتضاءل فرص فوزه، والجماعة هى الأخرى تبحث عن مخرج من "خارج إطارها" لأنها ألزمت نفسها من قبل بألا يترشح أحد أعضائها لذلك المنصب الآن، كما أنها لأسباب تاريخية لن تدعم أى مرشح إسلامى من تيار آخر، وبالتالى فمن القطعى أنها ستفاضل بين "الغرباء" على طريقة "أخف الضررين"، أى الأقل خطرًا على وجودها وعلى نفوذها وعلى مسار الديمقراطية الوليدة فى مصر. منصور حسن مرشح أقرب إلى أن يكون "توافقيا"، لأنه يحظى بقبول أو "عدم ممانعة" من الجميع تقريبًا، ولكنه بعد أن كانت له مشكلة واحدة، ورط نفسه فى أن تكون مشكلته "مزدوجة"، فمنصور حسن رغم احترامنا لشخصه، هو جزء من النظام السابق، ولا أعنى نظام مبارك، ولكن بنية النظام شبه العسكرى الممتد من 1952 حتى قيام ثورة يناير، والمزاج المصرى الآن يميل إلى قطيعة تامة مع ذلك النظام وكل ما يمثله أو ينتمى إليه أو سبق وشارك فيه، المزاج المصرى العام يتشوق لشخصية قيادية من خارج ذلك النظام كلية، ليضمن أنها "لن تلعب" مع أى مؤسسة من المؤسسات التى تشكلت هياكلها على مدار تلك السنين الطويلة وتراكمت لديها خبرات وتصورات يصعب تعديلها فى سنة أو اثنتين، وبشكل خاص المؤسسة العسكرية والمؤسسة الأمنية، وأما نقطة الضعف الثانية فهى إعلانه "المجانى" والمقلق جدا باختياره اللواء "سيف اليزل" نائبا لرئيس الجمهورية، وسيف اليزل بخلفيته العسكرية ليس هو الشخصية التى ترجح مرشحًا لرئاسة الجمهورية فى تلك الأجواء الثورية، كما أن طرحه بتلك الطريقة الفجة والمتعجلة أعطى انطباعا لدى الرأى العام أنه جزء من "صفقة"، وأى حديث أو شبهة حول "صفقات" فى تلك اللحظة سيكون كافيًا لقتل أى فرص للمرشحين، أيا كانت مواصفاتهم، ورغم أن "منصور حسن" سارع بعد أيام بإعلان تخليه عن "سيف اليزل" وأنه لم يكن يرشحه نائبًا وإنما منسق لحملته الانتخابية، إلا أنها سجلت عليه بالفعل، وستظل شبهتها تلاحقه طوال مسيرته الانتخابية . [email protected]