تمر بلاد المسلمين عموما و مصر خصوصا بأزمات اقتصادية شديدة،أثرت على البلاد و العباد فضاقت الأرض بما رحبت،و توجس الكثير من المسلمين خيفة من المستقبل،حيث ضعفت الأسباب المادية للرزق ، و مع انشغال معظمنا بالبحث عن لقمة العيش و تشاغل المسلمين -لا من رحم ربي -عن كتاب ربنا و سنة نبينا نسى الكثيرون منا الأسباب الشرعية و التي لا تقل أهمية عن الاسباب المادية في حصول الرزق ، و على المسلم الأخذ بتلكم الأسباب الدنيوية و الشرعية،وعدم الاتكال علي أي منهما فالله هو الرزاق ذو القوة المتين و تلكم مجرد أسباب لا تغني عنا من الله شيئا،لكن الأخذ بها من السنن الربانية التي جعلها المولى جل و علا في هذه الدنيا و هذه أسباب عشر جالبة للرزق لكل منها دليل من الكتاب العزيز أو السنة المطهرة :
1- الإيمان و التقوى: يقول جل و علا }وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ وَلَكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُون){الأعراف:96) قال الإمام ابن كثير-رحمه الله-:" ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا أي آمنت قلوبهم بما جاء به الرسل وصدقت به واتبعوه، واتقوا بفعل الطاعات وترك المحرمات لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض أي قطر السماء ونبات الأرض " (تفسير ابن كثير 3/404) قال الزجاج: المعنى: أتاهم الغيث من السماء، والنبات من الأرض، وجعل ذلك زاكياً كثيرا.(زاد المسير 2/140) و قال تعالى }وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ{ 2-الاستغفار: قال تعالى }فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا. يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا. وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارً.{(نوح 10-12) قال الإمام ابن كثير –رحمه الله- "وقوله تعالى :مدرارا: قال ابن عباس وغيره: يتبع بعضه بعضا. وقوله تعالى: ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا أي إذا تبتم إلى الله واستغفرتموه وأطعتموه كثر الرزق عليكم أسقاكم من بركات السماء، وأنبت لكم من بركات الأرض وأنبت لكم الزرع، وأدر لكم الضرع وأمدكم بأموال وبنين أي أعطاكم الأموال والأولاد وجعل لكم جنات فيها أنواع الثمار وخللها بالأنهار الجارية بينها" (تفسير ابن كثير 8/246 بتصرف يسير) 3-الدعاء: قال تعالى :} وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ{ ،قال الإمام ابن القيم -رحمه الله-:" وكذلك الدعاء ، فإنه من أقوى الأسباب في دفع المكروه ، وحصول المطلوب ، ولكن قد يتخلف أثره عنه ، إما لضعفه في نفسه - بأن يكون دعاء لا يحبه الله ، لما فيه من العدوان - وإما لضعف القلب وعدم إقباله على الله وجمعيته عليه وقت الدعاء ، فيكون بمنزلة القوس الرخو جدا ، فإن السهم يخرج منه خروجا ضعيفا ، وإما لحصول المانع من الإجابة : من أكل الحرام ، والظلم ، ورين الذنوب على القلوب ، واستيلاء الغفلة والشهوة واللهو ، وغلبتها عليها . كما في مستدرك الحاكم من حديث أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة . "انتهى(الجواب الكافي 1/9)
4-الزكاة و الصدقة: "ومن ذلك أيضاً البر والإنفاق؛ صدقةً وزكاةً، قال الله تعالى: (وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ) (الروم: من الآية39)، وقال: (يَمْحَقُ اللَّهُ الرِّبا وَيُرْبِي الصَّدَقَاتِ) (البقرة: من الآية276)، وقال: (وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) (سبأ: من الآية39)، وقد ثبت في الحديث القدسي عند مسلم قول الله تعالى: "يا ابن آدم أنفق، أنفق عليك"، واتفق الشيخان على حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان فيقول أحدهما: اللهم أعط منفقاً خلفاً، ويقول الآخر: اللهم أعط ممسكاً تلفاً " نقلا عن موقع المسلم للشيخ ناصر العمر-حفظه الله- و الرابط: http://www.almoslim.net/node/81530 5-الحج و العمرة: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :" تابعوا بين الحج و العمرة ؛ فإنهما ينفيان الفقر و الذنوب ، كما ينفي الكير خبث الحديد و الذهب و الفضة ، وليس للحجة المبرورة ثواب إلا الجنة" صححه الألباني في صحيح الجامع رقم 2901 6- صلة الرحم: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أحب أن يُنسأ له في أجله ويبسط له في رزقه فليصل رحمه) (رواه مسلم) قال الإمام النووي -رحمه الله -:" ينسأ مهموز أي يؤخر والأثر الأجل لأنه تابع للحياة في أثرها وبسط الرزق توسيعه وكثرته وقيل البركة فيه"(شرح النووي على مسلم 16/114) 7- الزواج: "جاءت النصوص الشرعية وأقوال الصحابة تؤكد أن النكاح من أسباب حصول الرزق والغنى . قال الله تعالى : (وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) النور/32 . وقال السعدي رحمه الله : "قوله تعالى : (إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ) أي : الأزواج والمتزوجين . (يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) فلا يمنعكم ما تتوهمون من أنه إذا تزوج افتقر بسبب كثرة العائلة ونحوه . وفيه حث على التزوج ، ووعد للمتزوج بالغنى بعد الفقر . (وَاللَّهُ وَاسِعٌ) كثير الخير ، عظيم الفضل . (عَلِيمٌ) بمن يستحق فضله الديني والدنيوي أو أحدهما ممن لا يستحق ، فيعطي كلا ما علمه واقتضاه حكمه " انتهى . "تيسير الكريم الرحمن" (ص/567" (.(موقع الإسلام سؤال و جواب إشراف اللشيخ المنجد -حفظه الله- و الرابط : https://islamqa.info/ar/136885)
8-التوكل على الله: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم :(لو توكلون على الله حق توكله لرزقكم الله كما يرزق الطير تغدو خماصا وتعود بطانا)(السلسلة الصحيحة للألباني 310)"قال الإمام أحمد رحمه الله تعالى: " وليس في هذا الحديث دلالة على القعود عن الكسب، بل فيه ما يدل على طلب الرزق؛ لأن الطير إذا غدت فإنما تغدو لطلب الرزق وإنما أراد - والله تعالى أعلم - لو توكلوا على الله تعالى في ذهابهم ومجيئهم وتصرفهم ورأوا أن الخير بيده ومن عنده لم ينصرفوا إلا سالمين غانمين كالطير تغدو خماصا، وتروح بطانا، لكنهم يعتمدون على قوتهم وجلدهم ويغشون ويكذبون، ولا ينصحون وهذا خلاف التوكل "(شعب الإيمان 2/405) 9-إقام الصلاة: قال تعالى }وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى { (طه:132) قال الإمام الطبري –رحمه الله-:" {لا نسألك رزقا} [طه: 132] يقول: لا نسألك مالا، بل نكلفك عملا ببدنك، نؤتيك عليه أجرا عظيما وثوابا جزيلا {نحن نرزقك} [طه: 132] . يقول: نحن نعطيك المال ونكسبكه، ولا نسألكه"(جامع البيان 16/217) 10-إنجاب الذرية: قال تعالى : }وَلا تَقْتُلُوا أَوْلادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئاً كَبِيراً { (الإسراء/31) قال الإمام القاسمي –رحمه الله-:"ولا تقتلوا أولادكم خشية إملاق نحن نرزقهم وإياكم نهي لهم عما كانوا يفعلونه في الجاهلية من قتلهم أولادهم. وهو وأدهم بناتهم. أي دفنهن في الحياة. كانوا يئدونهن خشية الفاقة وهي الإملاق والفقر، بالإنفاق عليهم إذا كبروا. فنهاهم الله وضمن لهم أرزاقهم بقوله: نحن نرزقهم أي نحن المختصون بإعطاء رزقهم في الصغر والكبر، وقوله تعالى: وإياكم أي الآن بإغنائكم وقوله تعالى: إن قتلهم أي للإملاق الحاضر والخشية في المستقبل كان خطأ كبيرا أي لإفضائه إلى تخريب العالم. وأي خطء أكبر من ذلك."(محاسن التأويل 6/458) هذا ما تيسر جمعه و الحمد لله رب العالمين كتبه/م.هيثم مجدي الحداد عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.