ظهر المشير طنطاوي في ميدان التحرير بشكل لم يكن متوقعاً مما أثار ردود فعل متباينة عن هذا الظهور المفاجئ , والحقيقة أنني أعرف المشير منذ أن كان نقيباً في الستينات وكان شخصية محترمة ووطنية , ويُحمد له موقفه من ثورة 25 يناير إذ قرر المجلس العسكري برئاسته أن القوات المسلحة لا يمكن أبداً أن ترفع السلاح في وجه الشعب المصري , ولا حتى تطلق الرصاص في الهواء على سبيل إخافته , كما يحمد له أيضاً أنه لما أعفاه الدكتور/ محمد مرسي من منصبه لم ينقلب عليه لكونه يقدم مصلحة الوطن ويأبى أن يُدخله في صراع واسع النطاق , وأتصور أن دلالة ظهور المشير إنما هي في كلماته التي قالها لمن سأله عن إعدام قيادات الإخوان , فلقد رد بشكل عاقل وحكيم أتمنى أن يكون النظام حاملاً لنفس التوجه , إذ أن نفي فكرة الإعدام هي طمأنة في حد ذاتها , وهي في الحقيقة الرؤية الصحيحة للتعامل مع جماعة الإخوان لكون القضايا المنظورة تحمل بعداً سياسياً وليس جنائياً , فهم لم يحرضوا بشكل مباشر على فعل جنائي ترتب عليه جريمة , ولكن ماجرى في رابعة وغيرها من تصريحات كان خطاباً حماسياً قد تفلت فيه بعض الكلمات لا تكون مقصودة في ذاتها , ورغم ذلك فإن المرشد العام الدكتور محمد بديع عفا الله عنه حينما ذهب إلى ميدان رابعة أكد على السلمية , بل قال عبارة بليغة ( سلميتنا أقوى من الرصاص ) وهو نفي قاطع لنية استخدام السلاح في الحراك السياسي والثوري , وهو التوجيه المعتمد الذي لا يُنظر بعده إلى أي تصرفات فردية إلا على أنها خارج السياق . إن فكرة إعدام الخصوم السياسيين هي بالتأكيد فكرة خاطئة لأنها تصنع رموزاً تُحتذى في مواجهة النظام الذي أعدمهم ويصبحون شهداء يطالب الناس بدمائهم , بل ويتحرك البعض للثأر لهم خاصة عندما يكون الصراع مع جماعات أو كيانات أو قبائل لها جذور في المجتمع , وهناك شاهد واضح على ذلك حينما تم اغتيال الدكتور/علاء محيي الدين المتحدث الإعلامي باسم الجماعة الإسلامية ثار له بعض أعضاء الجماعة وحاولوا الثأر له ثم اندلع بعدها صراع عنيف إنتهى والحمد لله الآن إذ أن الجماعة الإسلامية قد أطلقت مبادرة وقف العنف منذ التسعينات ولازالت ملتزمة حتى اللحظة بهذا الخط العام وتمارس دورها السياسي بشكل موضوعي بما يخدم مصالح الوطن والمواطن . إن مرحلة التقاضي الأخيرة لبعض قيادات الإخوان يمكن أن تلعب فيها محكمة النقض الدور الرئيس في رفع الحرج وإلغاء هذه الأحكام التي تقوم على أساس الخلاف السياسي والاتهامات الفضفاضة , ثم يأتي دور رئيس الدولة بعد ذلك في العفو العام عن جميع المحكوم عليهم في القضايا السياسية من شتى الاتجاهات . وهنا أستطيع القول بأن حالة الارتياح سوف تعم الوطن كله خاصة إذا تم إنصاف المظلومين ورد الحقوق إلى أهلها , وإعلاء كلمة الله تعالى مع إطلاق الحريات , ورفع المعاناة عن كاهل المواطن بالتركيز على المشروعات المتوسطة والصغيرة ذات العائد السريع , ودعم أصحاب الرواتب الضعيفة , والمعاشات الهزيلة , بل وكل محتاج فقير في هذا الوطن . والله المستعان