المستشار هشام البسطويسى، المرشح المحتمل، الوحيد الذى شاء أن يخوض معركة الرئاسة من "الخارج"!!. وهذه وحدها تحمل دلالة رمزية قد تعكس حدود مهاراته السياسية. المسألة هنا لا تتعلق بعدم إدراكه لحساسية سؤال "المسافات" على مقياس الحرفية السياسية.. وإنما أيضا يتعلق بتصريحاته "المدهشة"، والتى كان الصمت حيالها هو الخيار الأكثر رصانة. عرفنا البسطويسى كقاض "مناضل" واجه جبروت "عدالة" مبارك التى أحالها الرئيس السابق إلى أداة بطش لمعاقبة المعارضين السياسيين.. والقضاة "الخارجين" على طاعة "أوامر التزوير" وتسييس الأحكام القضائية وتفصيلها على "مزاج" البيت الرئاسى. لاشك فى أن مواجهة مبارك أيام جبروته.. تعتبر بطولة حقيقية، ولعل هذه المواجهات وبالتراكم هى التى أدت إلى زلزال 25 يناير 2011. يظل رصيد البسطويسى عند حدود "النضال المهنى".. صحيح أنه كان يتماس مع "السياسة" إذ كان جزءا من انتفاضة تيار الاستقلال، مدفوعًا بالبحث عن "الاستقلالية"، التى انتهكت حرمتها فى انتخابات 2005.. إلا أن البعد "المهنى" كان الحاضر الوحيد فى جملة مطالب القضاة. قد يكون البسطويسى أقرب إلى "المناضل النقابى" منه إلى "المناضل السياسي".. وهو الفارق الذى لاحظته من خلال تتبع تصريحاته منذ إعلان نيته فى الترشح على المقعد الرئاسى. يوم أمس تحدث ل"الوطن" الكويتية، عن تمويل حملته الانتخابية ولم يكن موفقًا بالمرة.. إذ نحى نحو ما يشبه "الاستجداء" وحث قوى مجتمعية داخلية على "تمويل" حملته الانتخابية، لتكفيه مئونة البحث عن "التمويل الخارجي".. لأن الأخير وكما قال سيؤدى إلى "سقوطه لا محالة"! الرفض إذن لايتعلق بالجانب الأخلاقى و"الأمنى".. وإنما يتعلق بالخوف من "السقوط" فى الانتخابات.. لم تكن تصريحات البسطويسى الخاصة بمصادر التمويل هى الوحيدة العاكسة لتضاريس وعيه كرجل سياسة.. وإنما كلامه أيضًا "العنيف" عن لجنة وضع الدستور المؤقت أو الإعلان الدستورى والتى وصفها ب"الجهلة"! كان بإمكان البسطويسى أن يستخدم "تعبيرًا قانونيًا".. وهو قاض كبير وله منزلته فى الضمير الوطنى المصري.. غير أن وصفه للجنة بأنهم "جهلاء" بالقواعد الدستورية.. شتيمة لا تليق برجل "عدالة" محترف فى مثل خبرته الكبيرة. لأن ذلك قد يغرى البعض لوصفه مثلا ب"الجاهل سياسيًا" لأنه لم يدرك معنى ومغزى تحصين أحكام اللجنة العليا لانتخابات الرئاسة.. إذ ثمة تفسير يرى أنه تحصين أساسى ومهم لأن إلغاءه يؤدى بالتبعية إلى أن يحكمنا رئيس "غير محترم" أو "هزؤ" كل من هب والدب يطعن على شرعيته أمام المحاكم.. مثل الزوج الهارب من قضايا النفقة. وإذا كان البسطويسى بحاجة إلى من ينصحه بأن يتحسس موضع قدمه قبل أن يباشر حملته الانتخابية.. وأنه كان من الأفضل له أن يباشرها من "القاهرة" وليس من "الكويت".. فإنه يحتاج أيضًا إلى أن يتحسس كلامه. [email protected]