من المعتاد أن أقلب كل صباح فى الصحف القومية وبعص الصحف الحزبية والخاصة، كبروتوكول مهنى بحت يوميًا، وبينما أنا أقلب فى صحيفتى الأهرام والأخبار أمس الأول وجدت نفسى أضحك بصوت عال فجأة وبشكل لا إرادى، وأما السبب فكان أن وجدت الصفحة الأولى من الأخبار لا تختلف كثيرا عن صحيفة حزب الحرية والعدالة، المعبر عن جماعة الإخوان المسلمين، فالمانشيت الرئيسى أعلى الصحيفة تصريحات قيادى إخوانى كبير والمانشيت الرئيسى الثانى أسفل لوجو الصحيفة عن تصريحات قيادى آخر من الإخوان المسلمين بنفس طريقة إبراز ومغازلة تصريحات رموز النظام السابق، بخلاف مجموعة أخبار كلها من لون "الغزل غير العفيف"، وأما فى الأهرام فوجدت اسم الدكتور محمد بديع "منور" فى صفحات الرأى مكان مقالة شيخ الأزهر مرفقا به الصورة وكل ذلك مصاحب لمقال طويل على ثلث صفحة كاملة موضحًا تحت الاسم عبارة: المرشد العام لجماعة الإخوان المسلمين، هذا فضلا عن الأخبار "الدافئة" عن الجماعة والحزب المتناثرة داخل الصحيفة. الله اجعله خير، طبعا هذا الانعطاف والغزل مرتبط بإعلان الدكتور أحمد فهمى، رئيس مجلس الشورى، والقيادى بالإخوان المسلمين عن تغييرات شاملة فى رؤساء تحرير الصحف القومية يوم 17 مارس المقبل، وهو ما يعنى فى المحصلة أن قرار تعيين رؤساء تحرير الصحف القومية فى المرحلة المقبلة سيصدر من مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين، وبالتالى انتقلت عمليات تقبيل الأيادى، وربما الأحذية، من حذاء صفوت الشريف سابقا إلى حذاء الدكتور فهمى أو الدكتور بديع الآن ومستقبلا، وسبحان مغير الأحوال ومقلب الدول والنفوس والقلوب والعقول. طبعا لا لوم على الإخوان فى ذلك، فلم يطلب أحد منهم أن يقبل رؤساء تحرير الصحف الحكومية أياديهم أو أحذيتهم، كما أن المنطق الديمقراطى والقانونى الحالى يمنحهم الحق عمليا فى عزل قيادات صحفية ووضع آخرين على الكراسى، بحكم أنهم المسيطرون على مجلس الشورى المالك الافتراضى للصحف القومية، وأتصور أن الأيام المقبلة ستشهد المزيد من مشاهد "النفاق" الصحفى للإخوان المسلمين، غير أن الأهم فى دلالات هذا المشهد أنه يدفعنا إلى إعادة التأكيد على ما قلته مرارًا من قبل من أهمية إعادة النظر فى استقلالية أربعة مراكز خطيرة للغاية وطريقة إدارتها فى المستقبل، وهى: وزارة الإعلام، والصحافة القومية، ووزارة الثقافة، ووزارة الأوقاف، وإلا تحولت إلى أدوات للبطش السياسى وتصفية الحسابات بين الأحزاب والقوى السياسية التى تتنازع أو تتداول السلطة فى السنوات المقبلة. نسيت أن أقول إننى فى غمرة ضحكى المفاجئ من مطالعة الصحف القومية تذكرت ورددت أغنية الشيخ إمام الشهيرة التى كتبها فؤاد نجم: الثورى النورى الكلمنجى، هلاب الدين الشفطنجى، قاعد فى الصف الأكلنجى، شكلاطه وكراميلا، يتمسلم بعض الأيام، يتمركس بعض الأيام، ويصاحب كل الحكام، وبستاشر ملة، حلوالله يا حلوالله، يا خسارة يا حول الله!! الله يرحمك يا شيخ إمام. [email protected]