يعلم الجميع قدر ومكانة الإمامين د. يوسف القرضاوى ود. أحمد الطيب شيخ الأزهر, كلاهما عالم جليل، له آلاف التلاميذ وملايين المحبين فى العالم العربى والإسلامى, كلاهما إمام للأمة يستطيع أن يوحدها على هدف واحد, قد يختلف رأى وقول وفعل كل منهما فى حدث أو موقف كما حدث خلال ثورة يناير، ولكن لا يعنى هذا الاختلاف أن أحدهما أقل ثورية ووطنية وصدقًا من الآخر, فلكل منهما أسبابه ومنطقه، وليس من الإنصاف التشكيك فيه . حين يجتمع الشيخان نشعر بالقوة والوحدة والفخر, شعرنا بذلك حين التقيا فى مؤتمر التقريب بين أهل السنة وحين زار الشيخ القرضاوى شيخ الأزهر مؤكدًا حرصَه على التواصل مع الأزهر وثقته بأن د. الطيب يحمل راية الإصلاح والتجديد وأن مسيرته الإصلاحية ستنعكس آثارها فى الأمة الإسلامية ووحدة المسلمين, وأكد د. الطيب أن العلاقة بينه وبين د. القرضاوى تمتد منذ سنوات طويلة وأن المرحلة الحالية ستشهد تعاونًا لإصلاح الأزهر . لقد شعرنا بالقوة؛ لأن لدينا عالمين بهذا الحجم، يحرصان على لَمّ الشمل ووحدة الصف وسط المحنة التى يعيشها الوطن, وأنهما لو اتفقا على شىء ودَعَوَانا إلى الالتفاف حوله سنلبى جميعًا النداء. وفجأة ووسط كل الإحباطات والأزمات التى نعيشها يأتينا إحباط جديد بسبب بوادر الخلاف التى حدثت خلال الأيام الماضية بين الشيخين فى وقت نحن أحوج ما نكون إلى اتحادهما. بدأ الخلاف بما نُسب للدكتور القرضاوى فى حواره مع جريدة "الشروق" والذى أشار فيه إلى ضعف الأزهر وعلمائه، منتقدًا موقفَ د. الطيب من اعتقال طلاب الإخوان، حين كان رئيسًا لجامعة الأزهر وموقفه من الثورة . وأثار هذا الحوار غضبَ عدد من علماء الأزهر، كما أثار الخلاف بين محبى الشيخين, فأصدر د. حسن الشافعى مدير المكتب الفنى لشيخ الأزهر بيانًا شديد اللهجة، يرد فيه على د.القرضاوى، مشيرًا إلى موقف د. الطيب، حين هدد بالاستقالة عندما أراد جهاز أمن الدولة استجواب د. القرضاوى وإلى موقف علماء الأزهر وشيخه من الثورة، إلى غير ذلك من ردود أثارت بدورها غضب محبى د. القرضاوى, فكتب الشيخ عصام تليمة المدير السابق لمكتب د.القرضاوى مقالاً نشرته صحيفة "الشروق"، يحمل الكثير من العبارات القاسية فى حق د. الطيب، والتى وصلت إلى حد التشكيك فى مكانته العلمية على غير المعتاد، والمتوقع من الشيخ تليمة الذى جانبه الصواب فى رأى الكثيرين فى هذا الموقف، المتوقع غير ذلك؛ خاصة مع فارق السن والعلم بينه وبين كل من د. أحمد الطيب ود. حسن الشافعى . تحدثت مع د.أحمد الطيب شيخ الأزهر الذى أكد أنه لا يوجد خلاف بينه وببن د. القرضاوى، وأنه لا يحمل فى نفسه شيئًا تجاهه, ويُشهد الله أننى أجريت معه أكثر من حوار من قبل، ولم يذكر فى أى منها الشيخ القرضاوى إلا بكل خير, وسعدت حين كنت أُجرى حوارًا مع د.حسن الشافعى منذ أيام، فإذا بالدكتور القرضاوى يتصل به معاتبًا ومهنئًا بمنصِبه الجديد كرئيس للمجمع اللغوى. يا أيها الشيخان الجليلان لا وقت للخلاف؛ فخلافكما وتفرُّقكما يزيدان هموم أمتنا, وغضب أحبائكما يُشعل الفُرقة والانقسام، ونثق بأنكما لا ترضيان بذلك, ونحبكما فى الله معًا، ونحتاجكما معًا يدًا واحدة، تجمع ولا تفرق، فأمتنا تستغيث بكما؛ لتجمعا الشمل، وتوحدا الصف، وأنتما قادران بإذن الله على ذلك. زينب عبد اللاه [email protected]