ما بين الفرح والحزن امتزجت مشاعر المصريين في أقصى محافظات الصعيد؛ حيث احتفل أهالي حلايب جنوبالبحر الأحمر بسقوط أمطار خفيفة على مختلف أنحاء المدينة صحبها انخفاض في درجات الحرارة، وظهور كميات كبيرة من السحب فنحروا الذبائح فرحًا بالأمطار، وعلى بعد عدة كيلومترات هناك في شمال البحر الأحمر كانت كارثة السيول التي اجتاحت عدة مدن كان أبرزها مدينة رأس غارب، والتي اختلف حال أهلها عن جيرانهم في الجنوب فاكتست وجوههم بالدموع والأحزان حزنًا على دمار بيوتهم وفقد ذويهم. فرح وذبائح أهالي حلايب، جنوب محافظة البحر الأحمر، استقبلوا الأمطار بالأفراح، معربين عن سعادتهم لسقوطها، مؤكدين أنها لا تتسبب في أي أضرار أو خسائر لوجود آبار ومناطق معينة تتجمع بها المياه، ويستخدمونها في حياتهم اليومية وشراب الإبل والأغنام. وشهدت مناطق حلايب وشلاتين وأبو رماد وقرى السرسر والجرف وحمرا ومناطق أخرى، أمطارًا غزيرة اعتبرها الأهالي باب الرزق لهم لاعتمادهم على الرعي واكتساء الصحراء باللون الأخضر خلال الأيام المقبلة ما يزيد رقعة المراعي وامتلاء الآبار والأودية بالمياه. مآتم وضحايا وفي ذات المشهد ولكن على بعد عدة كيلومترات إلى الشمال، شهدت منطقة رأس غارب والمناطق المحيطة بها سيولًا جارفة أغرقت المدينة بالكامل وانقطع التيار الكهربائي فيما توفى نحو 22 وأصيب 72 آخرون جراء هذه السيول التي ضربت محافظات الصعيد بحسب آخر تصريحات لمتحدث وزارة الصحة الدكتور خالد مجاهد، والتي لفت فيها إلى احتمالية ارتفاع أعداد الضحايا عن المسجل لدى الوزارة لقيام بعض الأهالي بدفن ذويهم دون تسجيلهم كضحايا للسيول. وخرجت الاستغاثات من مدينة رأس غارب مطالبة بتحرك الحكومة للسيطرة على الوضع وإزالة آثار السيول، وهو ما دفع القوات المسلحة والدفاع المدني للدفع بسيارات ومعدات شفط مياه بالمناطق المتضررة من الكارثة؛ حيث تسببت السيول في تصدع وانهيار بعض المنازل في هذه المدينة الساحلية وغمرت المياه الشوارع وجرفت السيارات التي تكدست على جوانب الطرق والمناطق المنحدرة. واشتكى أهالي رأس غارب من انتشار الزواحف الصحراوية بالمدينة والتي جرفتها مياه السيول، مطالبين وزارة الصحة برفع درجة الاستعداد وتوفير الأمصال المضادة للسموم لسرعة إسعاف أية مصابين من لدغات الأفاعي والعقارب بالمدينة. وأعلنت وزارات الكهرباء والطاقة والتعليم والصحة والشباب حالة الطوارئ في المناطق المنكوبة وإرسال لجان فنية لمتابعة أوضاع المنشآت الحكومية والمرافق الحيوية، إلا أن وقوع الكارثة دون أخذ التدابير الاحترازية من قبل الجهات الحكومية، دفع العديد من النواب لتقديم طلبات إحاطة للمهندس شريف إسماعيل، رئيس الحكومة، وطالب نواب آخرون بإقالة الحكومة. بدوره، تفقد رئيس الوزراء شريف إسماعيل، مدينة رأس غارب رافقه وزير الصحة لمتابعة عمليات مساعدة المتضررين وعودة الخدمات والمرافق الأساسية لطبيعتها معلنًا تخصيص مبلغ 50 مليون جنيه لتعويض المتضررين إلى جانب 50 مليون جنيه لاستعادة كفاءة البنية الأساسية بالمناطق المتضررة من السيول. وفي كلمته أمام البرلمان قبل قليل، قال رئيس الوزراء معلقًا على كارثة السيول: "إن مصر تتعرض لظاهرة تغير المناخ مثل باقي دول العالم، وهو ما نتج عنه بعض الحوادث كسيول رأس غارب، والحكومة أخذت استعدادها في سفاجا ومناطق أخرى، دون رأس غارب لعدم تعرضها من قبل لمثل تلك السيول". وأضاف رئيس الحكومة: "نحن معرضون لمثل هذه الأحداث مثل باقي دول العالم، ونسعى لإنشاء سدود لمواجهتها واتخاذ الإجراءات الاحترازية".