اعتبر عدد من خبراء القانون قرار المحكمة الإسبانية بتسليم رجل الأعمال المصرى حسين سالم إلى القاهرة خطوة بدائية من أجل حصول الشعب المصرى على حقوقه ومحاسبة مجرمى النظام السابق عما اقترفوه فى حق البلد، داعين الجهات المسئولة إلى متابعة بقية الهاربين أمثال بطرس غالى، وزير المالية الأسبق، ورشيد محمد رشيد، وزير التجارة والصناعة الأسبق الموجود فى بريطانيا. وفجر المستشار رفعت السيد الرئيس السابق لنادى قضاة أسيوط مفاجأة من العيار الثقيل عندما كشف أن الحكم الذى أصدره القضاء الإسبانى بتسليم رجل الأعمال المصرى حسين سالم هو حكم من محكمة ابتدائية ويجوز الطعن عليه بسهولة، وبالتالى فإن عملية التسليم قد لا تتم. وقال السيد ل"المصريون": "إن كل دولة تحترم القضاء لديها وتكون ملزمة به حتى لو لم تكن موقعة على اتفاقية تسليم المتهمين، فالقضاء فى الغرب ملزم للجميع، وإسبانيا ستكون ملزمة بتسليم حسين سالم ونجله خالد إلى السلطات المصرية لو تم تأييد الحكم وعدم قبول الطعن، وعلينا ألا نفرح بهذا الحكم لأنه من محكمة ابتدائية وليس نهائيًا"، ولكنه اعتبر أن الحكم فى حد ذاته أمر مبشر بالنسبة لإمكانية تسليم سالم إلى مصر. وتطرق المستشار إلى موقف بريطانيا من المتهمين المصريين المطلوب تسليمهم مثل بطرس غالى، وزير المالية السابق، قائلا: "إن بريطانيا غير موقعة على اتفاقية تسليم المتهمين الصادر ضدهم أحكام قضائية أو الموجه إليهم اتهامات، وذلك لأن السلطات البريطانية تضع شروطًا تعجيزية على أى طلب مقدم من الدولة لتسليم المتهم لديها إلى سلطات بلده لأنها تستفيد منه، بالإضافة إلى أنها تشترط أن تقدم مصر ضمانات إنسانية مع حافظة مستندات مليئة بالتهم مطالبة بأن يتمتع المتهم بكل حقوقه وهى أسباب تعجيزية". وأضاف أن "بطرس غالى وممدوح إسماعيل صاحب عبارة السلام التى غرقت ورشيد محمد رشيد وزير التجارة والصناعة السابق، وباقى المتهمين الهاربين من أحكام صادرة ضدهم فى مصر يعرفون جيدًا أن بريطانيا لن ترضى بتسليمهم". وطالب المستشار رفعت السيد المسئولين بضرورة متابعة التهم الموجهة إلى المتهمين الهاربين وتقديم حافظة مستندات بها والتقدم بها إلى الدول التى يوجد بها المتهمون. وأشار إلى أنه إذا كانت هذه الدول لم توقع على اتفاقية تسليم المتهمين فهناك اتفاقية مكافحة جرائم الفساد والمقررة من الأممالمتحدة تنص على ضرورة تسليم المتهمين الذين ثبت عليهم تهريب أموال إلى الخارج وإهدار المال العام. وقال السيد "لو اتبعنا الطرق السليمة مع بطرس غالى ومحمد رشيد سنجبر بريطانيا على تسليمهما إلينا حتى لو لم توقع على الاتفاقية". ومن جانبه، قال الدكتور شوقى السيد، الفقيه الدستورى، إن قرار القضاء الإسبانى بتسليم حسين سالم ونجله للسلطات المصرية ناتج عن قانون الدولة التى نفذت طلب الدولة صاحبة التهم الموجهة إلى المتهم الموجود فى دوله أخرى، بالإضافة إلى التوقيع على اتفاقية تبادل المتهمين. ولفت إلى أن ما حدث مع حسين سالم فى إسبانيا ليس ملزمًا لأى دولة أخرى يوجد بها متهمون مصريون مثل بريطانيا أو فرنسا فكل دولة لها قانون تسير عليه ولا يمكن لأحد بأن يملى عليه شروطه. وقال إن بريطانيا مستفيدة من وجود رشيد وغالى بصحبة ممدوح سالم وإنهم يعرفون جيدا أن بريطانيا لن تقوم بتسليمهم إلى السلطات المصرية حتى لو تم صدور مليون حكم عليهم. وأوضح السيد ل"المصريون" أن متابعة الإجراءات القضائية فى إسبانيا وراء الإسراع فى إصدار الحكم ولكن هذا عكس ما يتم مع باقى المتهمين؛ حيث لا توجد متابعة، قائلا إنه لو كانت هناك متابعة لصدر أى حكم حتى ولو ابتدائى لكن عدم اكتمال المستندات المدعمة هو وراء عدم صدور أى أحكام على المتهمين فى بريطانيا وغيرها، والحكم فى قضية حسين سالم لا يمكن تطبيقه على المتهمين الفارين، وذلك لأن القضاء البريطانى والقانون البريطانى يمنع ذلك. وأضاف أن الأمر يتطلب متابعة كثيفة لجميع المتهمين وعدم ترك الأمور تسير بطء مع تقديم حافظة مستندات كاملة حتى ضمان نزاهة القضاء لأن التقصير فى أى قضية يثير العديد من التساؤلات التى تحتاج إلى دلائل مهمة. ورأى أن إسبانيا لا تريد أن تخسر مصر لأنها الدولة الأقوى فى المنطقة العربية وتعرف جيدًا أن عدم تسليم حسين سالم إلى مصر سيؤدى إلى كثير من المشاكل. واعتبرت الدكتورة فوزية عبد الستار، أستاذة القانون الجنائى بجامعة القاهرة، أن قرار المحكمة الإسبانية بتسليم رجل الأعمال الهارب حسين سالم إلى الحكومة المصرية رائع جدا، مشيرة إلى أن ذلك القرار سيتيح الفرصة لمحاسبة من ارتكبوا جرائم فى حق الشعب المصرى ونهبوا أمواله إلى الخارج، وفرصة عظيمة لاسترداد الأموال التى نهبوها من قوت الفقراء والمساكين أبناء هذا الوطن. وأشارت عبد الستار إلى أنه لا يوجد ارتباط بين الحكم بتسليم حسين سالم والهاربين الآخرين أمثال بطرس غالى وممدوح إسماعيل ورشيد محمد رشيد المتواجدين فى لندن، حيث إن كل دولة لها خصوصيتها وحسب الاتفاقات الثنائية بينها وبين مصر فى مجال تسليم المتهمين. ووصف المستشار أحمد مكى، نائب رئيس محكمة النقض السابق، قرار المحكمة الإسبانية بالطيب والمبشر، مشيرا إلى أن رجل الأعمال الهارب حسين سالم ارتكب جرائم غسيل أموال فى إسبانيا، وبالتالى كانت لديها أدلة على اتهامه، بالإضافة إلى الأدلة التى قدمتها الحكومة المصرية، مما ساعد على صدور مثل هذا القرار. إلى ذلك قال معتز صلاح الدين رئيس "المبادرة الشعبية لاسترداد الأموال المنهوبة بالخارج" إن هناك تحركات مستمرة للضغط على الحكومة البريطانية من أجل تسليم رشيد محمد رشيد وبطرس غالى وممدوح إسماعيل إلى الحكومة المصرية واسترداد الأموال المنهوبة من قوت الشعب المصرى. وأشار إلى أن المبادرة نجحت فى إقناع أحد نواب مجلس العموم البريطانى بتقديم استجواب ضد الحكومة الإنجليزية بسبب عدم تسليم الهاربين إلى الحكومة المصرية. وتابع صلاح أن المشاركين بالمبادرة فى إسبانيا نجحوا من خلال المظاهرات الحاشدة التى قاموا بها بأن يجعلوا السلطات الإسبانية ترضخ للمطالب المصرية، لإحساسها أن هناك مطالب شعبية بذلك. وقال إن المشاركين فى المبادرة ببريطانيا مستمرون فى مطالبة الحكومة الإنجليزية وعمل مظاهرات حاشدة لتأكيد ذلك إلى حين تحقق كل الأهداف ويسلم الهاربون إلى مصر وتسترد أموال مصر المنهوبة ويعود للشعب كل حقوقه.