الطمع أو الجشع من الصفات الدنيئة التي تنفر منها الطباع، والطمع سلوك بذيء، لأن صاحبه يذل نفسه، ويحطها للحصول على مثل ما عنده بغير حق ليكثره، أو فعل ذلك ليحصل على ما لا يستحقه، والطمع أو الجشع من أخطر السلوكيات التي قد يبتلى بها الإنسان ؟ وقبل الحدوث عن أسباب تفشي الطمع بين الناس وما تأثيراتها على الفرد والمجتمع، وما العلاج الناجع له، والوقاية منه أريد أن اقص عليكم هذة القصة التى سمعتها منذ فترة وهى كالتالى ة . ذهب صديقان يصطادان الأسماك فاصطاد أحدهما سمكة كبيرة فوضعها في حقيبته ونهض لينصرف .. فسأله الآخر : إلى أين تذهب ؟! .. فأجابه الصديق : إلى البيت لقد اصطدت سمكة كبيرة جدا تكفيني .. فرد الرجل : انتظر لتصطاد المزيد من الأسماك الكبيرة مثلي .. فسأله صديقه: ولماذا أفعل ذلك ؟! .. فرد الرجل .. عندما تصطاد أكثر من سمكة يمكنك أن تبيعها.. فسأله صديقه: ولماذا أفعل هذا ؟ .. قال له كي تحصل علي المزيد من المال .. فسأله صديقه: ولماذا أفعل ذلك ؟ .. فرد الرجل : يمكنك أن تدخره وتزيد من رصيدك في البنك .. فسأله: ولماذا أفعل ذلك ؟ .. فرد الرجل : لكي تصبح ثريا .. فسأله الصديق: وماذا سأفعل بالثراء؟! .. فرد الرجل تستطيع في يوم من الأيام عندما تكبر أن تستمتع بوقتك مع أولادك وزوجتك فقال له الصديق العاقل: هذا هو بالضبط ما أفعله الآن ولا أريد تأجيله حتى أكبر ويضيع العمر .يتضح لنا عزيزي القارئ إن الجشع والطمع صفتان من الصفات الغير حميدة والتي يجب على كل إنسان بأن لا يقع في مثل هذا المطب المظلم والذي لا يجلب لصاحبه غير الندم والحسافة، فهناك من يريد الوصول إلى الفضاء من أجل تحقيق كل أمانيه، وهذا الأمر مقبول متى ما كان يسعى لتحقيق ذلك بالطرق المشروعة والمتاحة ، ولكن الحاصل اليوم في مجتمعنا المصرى بأن السواد الأعظم أصبح فيه الكل ينهش الأخر مع أخذ إجازة طويلة عن الكرامة وعزت النفس، اليوم البعض يريد الوصول حتى لو كلفه ذلك الصعود على أكتاف الآخرين، متناسين بأن القناعة كنز لا يفنى، أما الجشع والطمع ليس لهم نهاية غير السقوط في الهاوية، فاليستمتع الجميع بالقناعة والرضا بما كتبه الله ولا يضيع وقته كما فعل الصديق الأول عندما قرر الاستمتاع مع عائلته بالسمكة الكبيرة الواحدة، أما الصديق الأخر والذي يريد الحصول على الأسماك الأكثر ويصبح بذلك ثرياً ومن أصحاب الأرصدة البنكية الكبيرة من الأجل الاستمتاع مع عائلته ،، هذه السطور .. لا تستهدف الدعوة إلى التقليل من شأن المال والتكاسل عن تحصيله ، والعمل على جمعه .. وإنما الهدف التوجه إلى توظيف المال فيما شرعه الله له من تعمير للمجتمع وإحياء للنفوس وتحقيق التكافل الاجتماعي بين أبناء الوطن الواحد ولأمة الواحدة ، وفي المجتمع الإنساني بأسره . بحيث يتحول المال إلى أداة للحب والتسامح والخير والسعادة للأفراد والجماعات وليس أداة للقهر والاحتكار والاستعلاء والهيمنة على الآخرين . ويكاد المصلحون على اختلاف هوياتهم وعقائدهم يجمعون على أن عواطف الإنسان إذا اعتدلت أحس بوجود الآخرين من حوله وبحقوقهم عليه ، فإذا ما غاب هذا الإحساس وغلبت على الإنسان روح الفردية فإنه حتما سوف يسقط في هاوية الأنانية التي تعزله عن ناسه ومجتمعة وتبتعد بة كثير أو قليلاً عن منهج الله ، والقراَن الكريم يحارب هذه الفردية المهيمنة التي تصل بصاحبها إلى الأثرة وإهمال حقوق الآخرين لذلك نرى الإسلام يدعو الناس إلى الإحساس بالمجتمع الذي يعشون فيه والتفاعل الإيجابي مع مشكلاته .. ولأن المال من أهم العوامل التي تقذف بالإنسان إلى هذه الدائرة ألضيقه ، دائرة الفردية والأنانية فقد عالج القراَن ذلك في آيات كثيرة تحث على الإنفاق والبذل وإشعال عاطفة الخير وإحيائها في الإنسان وعدم التفاني في حب المال اذا السؤال الكبير الذى ينبغى أننسئل أنفسنا هذا السؤال وهو كيف يمكن لنا أن نحقق النفور النفسي لدى الناس من صفة الطمع، وما هي النوافذ التي يمكن من خلالها الولوج إلى نفسية أصحاب الطمع لمعرفة طرائق تفكيرهم، ونوازعهم الداخلية، ليمكن معالجتها؟ للأجابة على هذا السؤال لابد القول لقد جاء الإسلام ليخلص البشرية من أدران الجاهلية وأمراضها، ويقوم السلوك الإنساني ضد أي اعوجاج أو انحراف عن الفطرة السوية، ويقدم العلاج الشافي لأمراض الإنسان في كل العصور القديم منها والحديث، مما حملته العصور الحديثة بتقنياتها ومستجداتها، وهو علاج تقبله كل نفس سوية، ولا ترفضه إلا نفوس معاندة مكابرة، جاهلة، أضلها هوى، أو متعة زائلة. وقد استوعبت الشريعة الغراء كل ما قد يقترفه الإنسان من ذنوب، أو محرمات في كل عصر، سواء كانت أقوالاً أو أفعالاً، أو حتى ما يعتمل في الصدور من مشاعر وانفعالات، وأبانت أسباب تحريمها جُملة وتفصيلاً في القرآن الكريم والسنة المطهرة، إلا ان الكثيرين مازالوا يسقطون في دائرة المحرمات هذه، إما جهلاً، أو استكباراً، أو استصغاراً لها، أو بحثاً عن منفعة دنيوية رخيصة واستجابة لشهوة لحظية، بل إن بعض هؤلاء يحاولون الالتفاف على حكم الإسلام الرافض لهذه السلوكيات، بدعاوى وأقاويل هشة لا تصمد أمام وضوح وإعجاز الإسلام في رفضه لهذه الموبقات التي تضر ليس مرتكبها فحسب، بل تهدد المجتمع بأسره. الآفة الدنيئة!!!!، فلابد أن نلاحظ الرشوة والرشوة مرض اجتماع دافعه الجشع وحب المال ولو كان على حساب الأخلاق والقيم وتعاليم ديننا الحنيف، إذ يستغل المرتشي حاجة الناس ورغبتهم في الوصول إلى مرادهم فيمتنع عن تحقيقها لهم إلا بدفع أموال له من غير وجه شرعي ومن هنا جاء القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة محذرين من هذه الآفة الدنيئة، ومتوعدين من يقع فيها بالعذاب الشديد في الدينا والآخرة، فالله سبحانه وتعالى يقول: (وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ وَتُدْلُوا بِهَا إِلَى الْحُكَّامِ لِتَأْكُلُوا فَرِيقًا مِنْ أَمْوَالِ النَّاسِ بِالْإِثْمِ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ). ويقول سبحانه:(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ وَلَا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا (29) وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ عُدْوَانًا وَظُلْمًا فَسَوْفَ نُصْلِيهِ نَارًا وَكَانَ ذلك عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا) وقد بين الرسول صلى عليه وسلم أن أموال المسلم محرمة كحرمة عرضه ودمه، فكما لا يجوز الاعتداء عليه بالقتل أو انتهاك العرض لا يجوز الاعتداء على ماله بوجه غير شرعي،فقد روى مسلم عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:(لَا تَحَاسَدُوا وَلَا تَنَاجَشُوا وَلَا تَبَاغَضُوا وَلَا تَدَابَرُوا وَلَا يَبِعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا الْمُسْلِمُ أَخُو الْمُسْلِمِ لَا يَظْلِمُهُ وَلَا يَخْذُلُهُ وَلَا يَحْقِرُهُ التَّقْوَى هَاهُنَا وَيُشِيرُ إِلَى صَدْرِهِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ بِحَسْبِ امْرِئٍ مِنْ الشَّرِّ أَنْ يَحْقِرَ أَخَاهُ الْمُسْلِمَ كُلُّ الْمُسْلِمِ عَلَى الْمُسْلِمِ حَرَامٌ دَمُهُ وَمَالُهُ وَعِرْضُهُ فلينظر الانسان إلى تشديد الإسلام في أخذ أموال الناس، فإن من أخذ شيئا منها ولو كان زهيد الثمن بغير وجه شرعي فإنه يستحق الوعيد الشديد فكيف بمن تسول له نفسه ابتزاز الناس والامتناع عن إنجاز الأعمال الموكلة إليه أو يقدم أناسا على آخرين مقابل حصوله على مبلغ مالي، فلا شك أن هذا أولى وأحق بهذا الوعيد الشديد وهنا اريد ان اتوقف عما اوردتة السينما المصرية فى فيلم أثار ضجة كبيرة فى ذلك الوقت وكان هذا فى الأربعينات وهو فيلم "السوق السوداء "الذى يناقش (أخطر المشاكل التي كانت مثارة في تلك الفترة، وهي مشكلة تجّار السوق السوداء أو أغنياء الحرب.. وإستطاع أن يشرح من خلال قضية بسيطة كيف تنشأ السوق السوداء، وكيف أنه تناول الدلالات الإجتماعية والسياسية لوجودها.. هذا إضافة الى تناوله للصراع الدائر بين مَنْ يملكون ومَنْ لا يملكون، وتأكيد دور الجهل في طمس كل الحقائق. كل هذه الأمور قدمها الفيلم على نحو الفيلم من إخراج: كامل التلمساني تأليف: بيرم التونسي (الحوار) ) طاقم العمل: عقيلة راتب عماد حمدي زكي رستم عبدالفتاح القصري محمد كمال المصري (شرفنطح) محمد توفيق لقد كتب "كامل التلمساني" سيناريو فيلم (السوق السوداء)، إضافة الى الإخراج، خلال فترة الحرب العالمية الثانية، ومن ثم قدمه مباشرة الى مدير الإنتاج في إستوديو مصر في ذلك الوقت "أندريه فينو" الفرنسي الأصل، والذي أعجب بمصرية الفيلم وجدِّيته. ويعتبر فيلم (السوق السوداء) إستمراراً لمدرسة "كمال سليم" الواقعية في فيلمه (العزيمة 1939)، إلا أن فيلم التلمساني إمتاز بابتعاده عن الفكر التوفيقي للبرجوازية، والذي طرحه "كمال سليم" في (العزيمة).. فقد تناول التلمساني في فيلمه جعل منه فيلماً رائداً بحق. ثم لا ننسى أن نشير الى أن التلمساني في فيلمه هذا لم يشأ أن يقسِّم شخصياته الى تلك التقسيمة الأخلاقية التقليدية، شخصيات خيِّرة أو شريرة، والتي تناولتها الأفلام المصرية مراراً.. ولم يقف موقف التملق السلبي والخطير من شخصياته المقهورة، لمجرد إعادة الإعتبار لها . فقط، إنه في هذا الفيلم لا يتملق ولا يدين، بل يترك شخصياته تعبر عن نفسها وتعيش واقعها الإجتماعي الطبيعي.. إنه يهتم بالبناء الداخلي لهذه الشخصيات ويحاول إستخراج ما تحمله من مشاعر وأخلاقيات وأحلام.. كما أنه إهتم بنقل وضعها الإجتماعي الى المتفرج وتجسيد ردود أفعالها وتفاعلاتها ما بين عالمها الداخلي وعالمها الخارجي.. من هنا تبدو شخصيات (السوق السوداء) بالغة الصدق والثراء، تتدفق بالحيوية وتتطور مع تطور وبالرغم من المستوى الجيد للفيلم، إلا أنه لم يحقق نجاحاً جماهيرياً طيباً، وفشل لأسباب، حددها الناقد والمؤرخ السينمائي "أحمد كامل مرسي"، في أن الفيلم: (... كان سابقاً لأوانه من ناحية، ولأن الرقابة عبثت به من ناحية أخرى...). إن هذا الفشل الذي صاحب فيلم (السوق السوداء)، قد جعل كامل التلمساني يصاب بصدمة شديدة زلزلت كيانه وأفقدته الثقة بنفسه، وهو الذي كان يعوِّل كثيراً على تجاوب الجماهير لفنه، لذلك أقلع عن الإستمرار في هذا الطريق المبتكر، وإختفى من الوسط السينمائي لفترة، لكنه عاد إليه ليخرج أفلاماً تجارية ضعيفة، بعد إقتناعه بأن الظروف لم تكن تسمح آنذاك بإخراج أفلام واقعية أو أفلام تعالج مشاكل الجماهير الحقيقية. وعندما سُئل كامل التلمساني (في عام 1945) عن المخرج الذي تأثر به في حياته الفنية، أجاب بقوله: (... لا أعتقد أني قد تأثرت بمخرج معيَّن في أسلوبه التعبيري، وإن كنت أميل دائماً الى دراسة مخرج أفضله على غيره من أئمة الإخراج السينمائي، وهو "جون فورد".. ذلك في إعتقادي إن السرد الفيلمي يعتمد على تتابع الصور وتكوينها التصويري، أكثر مما يعتمد على الحبكة الدرامية أو التعبير الحواري أو غيره من عناصر المسرح.. وفي أسلوب "جون فورد" من شاعرية الصمت ما هو كفيل بأن يعبر خير تعبير عن كلمات المسرح، وإني لا أعتقد بعظم قيمتها في الفيلم...). خلاصة الكلام . : "لما تسمع إن الدولار يزيد لكن أسعار السلع لن تزيد، لازم تقول إزاي؟ ولما تسمع إننا سنسيطر على الأسعار خلال شهرين، لازم تقول سمعت الكلام ده كام مرة قبل كده؟ إذا لم نقدر خطورة مسألة الأسعار المنفلتة حق قدرها، فقد لا تحمد العواقب". أن لعنة الفقر والمرض مازالت تطارد أبناء الشعب أينما ولّوا وجوههم، فلا مأوى لهم سوى الشوارع وأرصفتها، ومن هم أحسن حالًا يسكنون في بيوت أشبه بالمقابر -إن لم تكن هي المقابر- وهم يحملون أرواحهم على كفوفهم، لأن الموت محتوم في حادث مروع أو إهمال طبي أو ظلم أمين شرطة وربما موت من الجوع.