أفردت صحيفة الأهرام صدر صفحتها الأولى منذ أيام لخبر يقول أن وزير الداخلية أصدر توجيهاته بالتصدي بقوة وحسم لما أسمته الصحيفة بظاهرة مواكب الأفراح. ولما كانت مواكب الأفراح لم تسبب مؤخرا ولا قبل ذلك في أية كوارث فإن الخبر وإبرازه على هذا النحو يثير التساؤل. إن الصحيفة نفسها ومعها صحف رسمية أخرى كانت تتساءل وتنتقد وزارة الداخلية حتى وقت قريب بسبب التقصير في تنظيم وتأمين المرور على الطرق بين المدن مما أسفر عن ما سمى بنزيف الدم على الإسفلت كما أنصب النقد في هذا الصدد كذلك على تأمين انسياب وتدفق المرور داخل العاصمة في المواسم وغيرها. لكن عندما جاءت الاستجابة فيما يبدو فإنها لم تعالج تلك المشاكل الخطيرة وتناولت ظاهرة مواكب الأفراح التي لم يشكو منها أحد بل تناولتها بأسلوب ينم عن أن البعض ينظر إليها نظرة خطيرة للغاية بدون مبرر. فما هو السبب؟ هل تسللت الجماعة المحظورة إلى المواكب تلك لتستغلها في قلب نظام الحكم وبالتالي حل على الأفراح غضب الحكام أم أن المواكب أغضبت إسرائيل وأمريكا وغيرهما بعبارات "صلي على النبي" وأمثالها مما يثير غضب السادة في الداخل والخارج؟ الأرجح حسب ذلك الإبراز غير المبرر ولا المعقول لمواكب الإفراج وتسميتها بالظاهرة التي تحتاج إلى الحسم وبقوة هو أن المقصود شيء أخر. المقصود خلق "بند" جديد يسمى بند منع الإزعاج أو تعطيل المرور والزج تحت هذا البند بأشياء ومظاهر عديدة يراد منعها وقمعها مثل مظاهرات حركة كفاية وسائر حركات الاحتجاج التي بدأت تكسر حاجز الخوف وتخرج إلى الشارع من جانب فئات عديدة مثل المهنيين والطلاب وأهالي المعتقلين وغيرهم. وبدلا من قمع هذه الحركات بطريقة تبدو كأنها ضرب لحرية التعبير والتجمع والتظاهر على أنها من نفس "صنف" مواكب الأفراح أي أنها مجرد إزعاج وإقلاق للراحة وعدم احترام لآداب المرور مما يستحق القمع والتصدي بقوة دون أن يعرض من يقومون بهذا القمع المتعسف لتهمة خرق حقوق الإنسان في التعبير والتجمع. هذا هو حل فزورة الهجمة الحكومية على مواكب الأفراح المسكينة.