اقترب البنك المركزي من اتخاذ الخطوة الأصعب نحو الحصول على قرض صندوق النقد الدولي، المقدر بقيمة 12 مليار دولار، والمتمثلة في خفض قيمة الجنيه، لتقليل الفجوة بين سعر الدولار الرسمي وسعره في السوق السوداء "الموازي" الذي اخترق حاجز ال13 جنيهًا، ويستهدف الوصول لنحو 14جنيهًا خلال الفترة المقبلة. وعلى الرغم من سعي الحكومة لتوفير الدولار عبر الاقتراض الخارجي وإصدار سندات دولارية، إلا أن اقتراب توقيت خفض الجنيه الذي من المتوقع أن يكون في أكتوبر المقبل دفع الجميع إلى التراجع عن بيع الدولار لتحقيق مكاسب كبيرة، ما جعله يرتفع في السوق الموازي لتلبية طلبات العديد من المستوردين التي ارتفعت خلال الآونة الأخيرة. أبقى البنك المركزي على سعر الصرف ثابتًا في عطائه الدولاري الثلاثاء الماضي عند 8.78 جنيه للدولار بعد أن باع للبنوك نحو 118.6 مليون دولار. وقالت وكالة "بلومبرج" الاقتصادية، إن "متوسط السعر في السوق الموازية وفقًا لاستطلاع أجرته على بعض التجار وصل إلى 12.99 جنيه لكل دولار، وهو أدنى مستوى للجنيه منذ أن بدأت بلومبرج في إجراء استطلاعها الأسبوعي في عام 2013". واستقر سعر صرف الدولار أمام الجنيه المصري في تعاملات السوق السوداء، اليوم الخميس 29 سبتمبر، عند حاجز 13.10 جنيه للبيع . وقال عز الدين حسانين الخبير الاقتصادي والمصرفي، إن سعر الدولار سيواصل الارتفاع في السوق السوداء، بسبب تراجع الاحتياطي النقدي الأجنبي الذي يتآكل بشكل مستمر مع تدني الموارد الدولارية وعدم وجود انفراجة في الأجل القريب فيما يخص السياحة والاستثمارات الأجنبية. وأضاف حسانين ل"المصريون"، أن "قيمة قروض صندوق النقد الدولي والبنك الإفريقي للتنمية والبنك الصيني والبنك الدولي تتجاوز 6مليارات دولار في العام الواحد، وهو رقم لن يمكن البنك المركزي من فرض سيطرته علي السوق وفرض سعر صرف ملائم، في ظل وجود التزامات خارجية مستحقة السداد تقدر بنحو 4مليارات دولار مستحقة السداد في نهاية هذا العام". ورأى حسانين، أن الرصيد المقبول للاحتياطي النقدي الأجنبي يجب ألا يقل عن 50 مليار دولار، على أن يكون على الأقل 30 مليار دولار من ناتج الأنشطة الاقتصادية المختلفة في مصر. وأشار إلى أن إقدام البنك المركزي علي تعويم الجنيه في ظل هذه الظروف الاقتصادية، وفي ظل رصيد من الاحتياطي الأجنبي معظمه ودائع خليجية وقروض والتزامات خارجية سيمثل كارثة اقتصادية سترتفع الأسعار بسببها، وسترتفع نسبه التضخم إلى أكثر من 20٪، وسيصل سعر الدولار في السوق السوداء إلي 18 جنيه تقريبًا، وستنهار الصناعة المصرية. وتابع: "قرار التعويم لابد وأن يكون تعويم مدار يتم التحكم فيه من قبل البنك المركزي ارتفاعًا وانخفاضًا وفق ظروف العرض والطلب علي الدولار،والتعويم الكامل يلزمه رصيد من الاحتياطي النقدي الأجنبي علي الأقل 50 مليار دولار تمثل الأنشطة الاقتصادية في مكوناته بنسبه علي الأقل 80٪ ". من جانبه، رأى محمد الدشناوي خبير أسواق المال، أن طول فترة تفاوض الحكومة مع الدول الخارجية للحصول على ودائع دولارية أثر على سعر الدولار في السوق السوداء في مصر، ما دفعه لاختراق حاجز ال 13جنيهًا في الوقت الحالي، متوقعًا أن يواصل ارتفاعه ليستقر عند 13.25جنيهًا. وأضاف خاص ل"المصريون"، أن "توترات المملكة العربية السعودية مع الولاياتالمتحدة ستؤثر بالسلب على منح مصر قروض جديدة، بجانب سوء ميزان المدفوعات مقارنه بالعام الماضي وفق لتقارير البنك الدولي التي رأت أنه أقل من المتوقع، بجانب تآمر المتربصين من الداخل والخارج على الاقتصاد المصري، كل هذا يدعم استمرار أزمة ارتفاع سعر الدولار رغم مساعي البنك المركزي لخفضه".