سلط دومينيك دودلي، محلل الشئون الاقتصادية للشرق الأوسط في المجلة الأمريكية، الضوء على الأسباب التي ستقود مصر على الأرجح للتحرك بشكل أسرع للتعامل مع مشكلة العملة المتفاقمة والتي تولدت عن أخطاء وقع فيها البلد العربي منذ ثورة ال 25 من يناير 2011. وفي تقرير على مجلة "فوربس" بعنوان "مصر على وشك خفض العملة لإحياء اقتصادها المأزوم" أكد دودلي أن خفض العملة سيؤدي إلى ارتفاع في مستويات التضخم الذي تجاوز 12% هذا الصيف مع ارتفاع تكلفة الواردات، ما سيلحق الضرر بالمستهلكين الذين تأثروا سلبا بالفعل بخفض الدعم وقرب تطبيق ضريبة القيمة المضافة. ونسبت فوربس ل سيمون كيتشن، رئيس قطاع البحوث الاستراتيجية في بنك " إي إف جي هيرمس" المحلي أن " ثمة كثير من الشركات المصرية التي لم تضخ استثمارات بالمعدلات التي كانت ترغب فيها بسبب نقص الدولار." وقال سيمون كيتشن إن " الاستثمارات الأجنبية في الاقتصاد المصري ضعيفة، لكن الخفض الملائم لسعر العملة جنبا إلى جنب مع التدابير الرامية إلى بناء الثقة في الاقتصاد ستدعم عودة رؤوس الأموال." وأتم:" نأمل في أن يؤدي ذلك إلى ضخ الدماء في شرايين الاقتصاد، وأن تعود الاستثمارات مجددا، ولاسيما الأجنبية والاستثمارات الأجنبية المباشرة." وأوضحت أن مشكلات العملة المحلية في اتساع الفجوة بين السعر الرسمي ومثيله في السوق السوداء وقد أخفقت سلسلة من عمليات خفض سعر الجنيه ( أخرها في مارس الماضي) في سد الفجوة بين السعرين، علما بأن سعر الجنيه الرسمي يلامس الآن 8.88 مقابل الدولار، في حين يبلغ 12.70 تقريبا في السوق السوداء. وأكدت أن وزير المالية عمرو الجارحي قال إن بلاده بحاجة إلى الإسراع في مواجهة مشكلات العملة، ما يفتح الباب أمام إمكانية الخفض الكبير والسريع لسعر الجنيه. وصرح الجارحي أثناء تواجده في العاصمة البريطانية لندن أمس الخميس أنه ومنذ ثورة ال 25 من يناير 2011، يرى مصر " تؤلف كتابا للأخطاء". فتباطؤ النمو الاقتصادي يجيء مقترنا بالزيادات السريعة في فاتورة أجور القطاع العام وارتفاع الإنفاق على الدعم، مما قاد إلى قفزة كبيرة في عجز الموازنة والدين الحكومي الذي تقترب نسبته الآن من100 % من الناتج المحلي الإجمالي. وانخفض الاحتياطي النقدي لمصر أيضا، ما حدا بالسلطات إلى فرض قيود على الصرف الأجنبي، والتي ستسهم بدورها في تقويض النشاط الاقتصادي. ويكشف وزير المالية أن حكومته تباطأت جدا في التعامل مع ضعف العملة المحلية، قائلا:" تباطئنا في التعامل مع ما يحدث لاقتصادنا، وعلينا أن نتحرك فيما طرحته بشكل أسرع." وأردف:" نحتاج لسياسة نقدية فاعلة بالنسبة للاقتصاد وقادرة على إعادة البلاد إلى مسار التنافسية وإحداث توازن بين الطلب والمعروض على نحو يزيل الارتباك في السوق والتباين بين سعر العملة في السوق الحالي وسعرها الرسمي." وزاد:" كلما طالت فترة المشكلة، كلما ازدادت صعوبتها وأصبح حلها شبه مستحيلا. ولذا فإنه من الأفضل التعامل مع هذه الأزمة بأسرع وقت ممكن، لكننا بحاجة إلى مواجهتها أيضا بصورة شاملة." وتتحدد وتيرة الإصلاح التي تجيء مدفوعة من جانب صندوق النقد الدولي الذي وافق الشهر الفائت على منح مصر قرضا بقيمة 12 مليار دولار، بموافقة المجلس التنفيذي للصندوق. وتعتمد اتفاقية قرض صندوق النقد أيضا على قدرة القاهرة على جمع أموال إضافية تتراوح قيمتها من 5-6 مليارات دولار من مصادر أخرى. وأوضح الجارحي أنه يتعين تدبير هذه الأموال الإضافية " في غضون أسابيع قليلة." ومن بين الشروط التي يفرضها البرنامج التمويلي للصندوق على مصر مقابل منح الأخيرة القرض هو المضي قدما في تعويم سعر الصرف وأيضا خفض الدعم وأوجه إنفاق أخرى بهدف السيطرة على عجز الموازنة. ويظل نطاق خفض الجنيه مثار تكهنات. ومع ذلك، يشير خبراء إلى إمكانية أن يستقر السعر الرسمي للعملة بين 11.5 جنيها مصريا و 12 جنيها مصريا مقابل الدولار خلال العام المقبل، برغم أن شركة " كابيتال إيكونوميكس" التي تتخذ من لندن مقرا لها تتوقع انخفاضه إلى 13.50 بحلول نهاية 2018.