مقرها منطقة السيوف، الحكومة توافق على إنشاء جامعة البحر المتوسط بالإسكندرية    رحيل مداح النبي، لمحات من حياة الدكتور أحمد عمر هاشم بعد وفاته (بروفايل)    أمين عام التجمع يكشف حقيقة اجتماع المكتب السياسي لسحب الثقة من رئيس الحزب    محافظ بورسعيد للطلاب: عليكم بالتمسك بالأخلاق الحميدة التي يرسخها الأزهر الشريف    بعد عامين من الدراسة.. طالب يكتشف أنه «دخل الكلية بالخطأ» في بني سويف    ارتفاع سعر الجنيه الذهب بالصاغة مساء اليوم فى مصر    انخفاض 5 أنواع، أسعار الجبن اليوم الثلاثاء في الأسواق    سعر كيلو الأرز اليوم في الأسواق 2025.10.7    سقوط نيزك كبير قبالة سواحل إندونيسيا    الأمم المتحدة تخصص 9 ملايين دولار لتأمين الوقود اللازم للخدمات الأساسية في غزة    الكشف عن أفضل لاعب في الجولة 7 بالدوري الإنجليزي    الأهلي يحيل ملف ثلاثي الفريق إلى لجنة التخطيط لحسم مصيرهم    بطل المصارعة الأولمبي محمد كيشو يعلن تمثيل منتخب أمريكا «صور»    مانشستر سيتي يحسم موقفه من بيع نجم الفريق    الحكومة توافق على مشروع قانون حماية المنافسة وإحالته لمجلس النواب    تفاصيل ضبط تشكيل عصابي متخصص في سرقة الدراجات البخارية بالدقهلية    طقس خريفي معتدل الحرارة بشمال سيناء    ضبط 16 طن دقيق مدعم بالسوق السوداء خلال 24 ساعة    وزير التعليم يهنئ الدكتور خالد العناني لفوزه بمنصب مدير عام اليونيسكو    ليلى عز العرب ضيفة شريهان أبو الحسن في "ست الستات"    «طاعة الحرب» يحصد المركز الأول في ختام الدورة الثامنة ل«القاهرة للمونودراما»    غادة عادل تكشف عن شروط خوضها تجربة عاطفية: «يكون عنده عطاء ومفيش مصالح»    الدكتور أحمد عمر هاشم يتحدث عن حب آل البيت ومكانتهم في قلوب المصريين (فيديو)    حكم الرجوع في التبرعات الموجهة للمؤسسات الخيرية.. دار الإفتاء توضح    الصحة: جولة مفاجئة بمستشفى قطور المركزي بالغربية وإعفاء مديرة إدارة الصيدلة من منصبها    ب«نص كيلو لحمة».. طريقة عمل برجر اقتصادي في البيت بنفس طعم الجاهز    انطلاق مبادرة الكشف عن الأنيميا والتقزم بين تلاميذ المدارس بسوهاج    إزالة مخالفات بناء فى حملة للتنمية المحلية على 3 محافظات.. تفاصيل    وزير العمل: الخميس إجازة مدفوعة للعاملين بالقطاع الخاص بدلاً من 6 أكتوبر    السيسي يوجه ببدء صرف حافز التدريس بقيمة 1000 جنيه.. نوفمبر المقبل    موعد عزاء الدكتور أحمد عمر هاشم فى الشرقية اليوم    معاكسة فتاة تنتهى بنشوب مشاجرة وإصابة شخصين فى أوسيم    ضبط بؤرة مخدرات فى السويس بحوزتها سموم ب180 مليون جنيه    ضبط 99 ألف مخالفة مرورية متنوعة خلال 24 ساعة    بعد قطعها ل 6 أجزاء.. حقيقة احتجاز طفل داخل ماسورة غاز بقرية ناهيا..الجيزة توضح..فيديو    اجتماع تنسيقى عربى روسى على مستوى السفراء تحضيرا للقمة المشتركة    كايسيدو نجم تشيلسى يتوج بجائزة لاعب الأسبوع فى الدوري الإنجليزي    رئيس الوزراء: السلام الحقيقى بالشرق الأوسط لن يتحقق إلا بقيام الدولة الفلسطينية    وزير الكهرباء: إقامة 27 محطة محولات في سيناء باستثمارات 15 مليار جنيه    كم شخص حصل على جائزة نوبل فى الفيزياء حتى الآن وماذا حدث فى آخر مرتين    لجنة مشتركة بين غرفتي الإسكندرية وباكستان لدراسة فرص استثمارية بين البلدين    وزير الاتصالات يفتتح مركز «فاوندإيفر» لخدمات التعهيد فى الأقصر    من عمر 6 سنوات.. فتح باب التقديم لمسابقة بورسعيد الدولية لحفظ القرآن الكريم والابتهال الديني    بورسعيد الدولية لحفظ القرآن:: الراحل أحمد عمر هاشم خدم كتاب الله وساند المسابقة    7 أخبار رياضية لا تفوتك اليوم    توافد البعثات المشاركة في بطولة العالم لرفع الأثقال البارالمبي بالعاصمة الإدارية    جلسة استماع جديدة للزمالك فى شكوى زيزو الأسبوع المقبل    ترامب يلغى الجهود الدبلوماسية مع فنزويلا.. نيويورك تايمز: تصعيد عسكرى محتمل    التضامن الاجتماعي تشارك في فعاليات معرض "إكسبو أصحاب الهمم الدولي" بدبي    الزمالك ينتظر عودة فيريرا لعقد جلسة الحسم    مفاجآت فى واقعة اختفاء لوحة أثرية من مقبرة بسقارة.. فيديو    إسرائيل دخلت «العزل»    وزير الصحة لمجدى يعقوب :الحالات مرضية كانت تُرسل سابقًا للعلاج بالخارج واليوم تُعالج بمركز أسوان للقلب    وزير الصحة يوافق على شغل أعضاء هيئة التمريض العالى المؤهلين تخصصيًا لوظائف إشرافية    مواقيت الصلاة بأسوان الثلاثاء 7 أكتوبر 2025    هل يمكن ل غادة عادل الدخول في قصة حب جديدة؟.. الفنانة ترد    اشتباكات عنيفة بين قوات «قسد» والجيش السوري في حلب    تعرف على فعاليات اليوم الرابع لمهرجان نقابة المهن التمثيلية في دورته الثامنة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فاشلون.. ويائسون
نشر في المصريون يوم 15 - 02 - 2012

كنتُ قاطعاً فيما كتبته قبل موعد العصيان المدنى بيومين من أنه سيفشل فشلاً ذريعاً، حيث لم تتوفر مقومات، أو أسباب، أو مبررات مقنعة للاستجابة له، فلا نحن أمام محتل أجنبى نريد الضغط عليه للرحيل، ولا نحن أمام حاكم وطنى ديكتاتور نريد إسقاطه، بل نحن أسقطناه بالفعل، ونحن بصدد بناء دولة جديدة عنوانها الحرية، والديمقراطية، والعدالة الاجتماعية، والعسكر المستهدفون بالعصيان سلطة مؤقتة، وسيعودون بعد أسابيع إلى الثكنات.
قلت - قبل بدء العصيان - إنها دعوة يائسة، من يائسين، بلا جمهور يسندهم فى الشارع.. وهم أضروا أنفسهم ضرراً بليغاً، وزادوا فى تعرية أنفسهم بأنهم بلا غطاء شعبى يحميهم، أو يتجاوب معهم، وليتهم ما كانوا ورطوا أنفسهم فى دعوة محكوم عليها بالفشل مسبقاً، وهذا إخفاق آخر لهم.
المزاج الشعبى العام متململ من حالة الفوضى، ومن تردى الأمن، ومن سوء الأوضاع الاقتصادية، والمعيشية، وتزايد البطالة، وغلاء الأسعار، وتراجع مستوى الخدمات، وفى ظل وضع كهذا، هل هناك عاقل يمكن أن يتورط فى دعوة المصريين للعصيان عن العمل؟، أين هو العمل أصلاً حتى تتم دعوتهم لتركه؟، المصريون فى حالة عصيان قسرى عن أشياء ضرورية تخص حياتهم ومعيشتهم منذ ما قبل الثورة وبعدها، حيث لا يشعر المواطن بأن هناك تحسناً يطرأ على حياته.
لا يقل لى أحد إن هناك مكسباً اسمه الحرية الآن.. صحيح انتزعنا الحرية الكاملة، لكنها لمن ؟.هى لى، ولك، نحن الذين ندعى المعرفة، وفهم السياسة، واحتراف التنظير، أما الناس فى شوارع المحروسة فهم يريدون تأمين ثلاث وجبات عادية يومياً، ومصاريف الدروس الخصوصية، وأغطية وملابس تقى الأولاد برد الشتاء القارس، وثمن الكشف عند الطبيب فى عيادته الخاصة، وتكون أزمة لو تطلب الأمر دخول مستشفى خاص، فلا توجد مستشفيات عامة تصلح لعلاج الآدمين فى مصر، الصحة هى الملف الأخطر من التعليم، فهى فى الحضيض، والمواطن إذا لم يكن معه مال يعالج به نفسه، فالله أعلم بمصيره.
نعم الحرية ستؤسس لنظام سياسى شفاف، بلا فساد، أو فاسدين، يدير موارد البلاد بطريقة مثلى، ويوزع الناتج القومى بعدالة، ومن هنا ستتحسن الأوضاع، ويرتفع دخل الفرد، لكن يصعب إقناع الناس الذين يحتاجون الغوث بتلك الأفكار فى اللحظة الراهنة.
ما لا يدركه الداعون والمروجون للعصيان الفاشل، أنهم يمكن أن يقوموا بالتصعيد داخل التحرير، بإقامة مظاهرات، واعتصامات، ومسيرات تنطلق إلى هنا وهناك،ومنصات للكلام، والغناء، فهذا صار أمراً اعتيادياً مقصوراً عليهم وبنفس عددهم، ومنطق المصريين الآن يقول: اتركوهم فى الميدان يفعلوا ما يشاءون مع البلطجية، والباعة الجائلين، أما عندما يتطور التصعيد إلى دعوة الناس لمشاركتهم فى إضراب أو عصيان، فإن الرد لا يكون اتركوهم فقط، إنما سنقف ضدهم، لتكون دعوة كهذه مثل حفرة عميقة لهم يسقطون فيها، وهو ما حصل السبت الماضى.
هؤلاء لا يفهمون مزاج الشعب المصرى، رغم أنه مر عام كامل من النشاط الثورى، ويفترض أنهم وقفوا على اتجاهات هذا الشعب، وما يريده، وما لا يريده، وهم لن يحققوا أى نجاح بدون أن يجذبوا الشعب إليهم، ويضمنوا تفهمه لمطالبهم، وللعلم، فالمصريون العاديون تجاوبوا مع الثورة بعد أن وجدوا مبارك يقدم تنازلات لمن فى التحرير، فبدأوا يثقون فى صحة وعدالة قضية من هم بالميدان، ثم كان انجذابهم أكثر للتحرير لأن قضية العدالة الاجتماعية كانت من ضمن شعاراته، وهى القضية التى تعنيهم أكثر من قضية الحرية والديمقراطية، ولما لم يجدوا بعد عام من الثورة عدالة اجتماعية أو عيشاً كريماً، فإنه يكون صعبًا عليهم الانضمام إلى العصيان، أو الاستماع إلى المزيد ممن يرفعون هذا المطلب.
الشعب المصرى هو الشعب القائد، والمعلم، وهو يثبت كل يوم أنه قائد ومعلم فعلاً، ففى الثورة كان هو الحشد والزخم لها، وفى الأيام الأخيرة من حياة مبارك فى الحكم قامت فئات من هذا الشعب بما يشبه الإضراب العام فى أماكن عملهم لأن إسقاط مبارك كان ضرورة ثورية ووطنية، ثم نجد نفس الشعب يرفض العصيان فى الذكرى الأولى لسقوط مبارك لأنه ليس هناك حاكم ديكتاتور يجب أن يسقط، إنما السقوط هنا سيكون من نصيب كيان الدولة، والشعب المعلم ظهر فى انتخابات مجلس الشعب أول اختبار حقيقى للقوى السياسية، ولاختبار إرادة الشعب على الاختيار، والشعب مارس حقه على أكمل وجه، وبتحضر رائع، وانحاز إلى من يثق فيهم، وأشاح بوجهه عمن هو قلق منهم، أو غير واثق تماماً فى توجهاتهم ونواياهم.
فشل العصيان فى رأيى هو استفتاء مزدوج على المجلس العسكرى، والقوى التى رفضت العصيان من جهة، وعلى الداعين للعصيان من جهة أخرى، والنتيجة كانت تصويتاً شعبياً عاماً بالثقة فى "العسكرى"، ومن رفضوا العصيان، وبعدم الثقة فيمن دعوا للعصيان.. وهذه النتيجة إذا راقت للطرف الفاشل، فعليه أن يدرسها، ويستخلص النتائج منها، حتى لا يظل شارداً عن الصف الوطنى، وواضعاً نفسه فى مواجهة غالبية الشعب والقوى السياسية والوطنية، فهذا الطرف مشارك فى الثورة، ومن صناعها، لكن ليس وحده صانع الثورة كما يزعم، وليس قائدها، وليس مخولاً بالحديث المنفرد عنها، إنما يتحدث عن أفكاره وتوجهاته هو فقط.
الناس تريد أن تأكل، وتريد أن تأمن على أنفسها، وأولادها، ومصالحها، وتريد أن تتفاءل بأن الأيام القادمة أفضل.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.