يوم أمس الأول، اتهم المرشح الرئاسى حازم صلاح أبو إسماعيل، قوى "خارجية" و"داخلية" بالحيلولة دون تأييد الإسلاميين! الاتهام يعطى ل"الخارج" سلطة أبوية على "الناخب" المصرى فى الداخل.. فيما يتجاهل وجود قطاع ليس بالقليل من الإسلاميين لا يرغبون فى "التكويش" على مفاصل الدولة، وطرد الآخرين ب"كتف قانونى" خارج المشاركة فى حكم البلاد بعد الثورة. الناخبون المصريون صوتوا للإسلاميين فى الانتخابات البرلمانية.. وصوتوا أيضًا لصالح قوى ليبرالية ومدنية ويسارية وإن كان بنسبة أقل.. وفى أجواء شهدت أدوات للتأثير على اتجاهات الناخبين، لم تكن من "الخارج"، كما ذهب أبو إسماعيل، وإنما من المرشحين والجماعات المؤيدة لهم. مصر تغيرت على الأرض.. غير أن البعض لا يريد أن يكون جزءًا من هذا التغيير الكبير.. بلغت على سبيل المثال حد عدم التصديق بأن بإمكان القاهرة، أن تكون فى مثل هذه "الخشونة" والصلابة مع واشنطن فى ملف التمويل.. ويعتقد بأنها "تمثيلية" أو محاولة للهروب من الواقع "المأزوم" بلفت انتباه الرأى العام بعيدا عنه! القوى الداخلية كما يسميها أبو إسماعيل بدأت تستسلم للنتائج التى أفرزتها الانتخابات التشريعية، وأشرت يوم أمس إلى اصطفاف القوى العلمانية على اتساعها وراء المرشح الإسلامى د. عبد المنعم أبو الفتوح.. فيما يتخندق ضده الإخوان المسلمون لأنه لا يزال محسوبًا على الجماعة، فيما تتخذ الأخيرة موقفًا متشددًا إزاء مستقل المقعد الرئاسى، والذى ترى أنه من غير المناسب وفق حسابات اللحظة التاريخية أن يكون بحوزة الإسلاميين عامة والإخوان خاصة. فليس ثمة موقف من الداخل العلمانى من تأييد الإسلاميين.. بل إن ثمة تحولا "مثيرا" داخل الكنيسة المصرية، لم نعهده قبل الثورة ولا فى الشهور الأولى التى تلتها.. إذ تتعالى الآن أصوات من داخل التيار الدينى المحسوب على "صقور" الكنيسة، ترحب بحكم الإسلاميين.. وترى بأنه "الضمانة" الآمنة لحقوق الأقلية الدينية.. وهو تحول لا يأتى نزولا عند نتائج صناديق الاقتراع احترامًا لعدالته.. وإنما استقاء من التجربة السياسية الإسلامية عبر تاريخها الطويل. "الداخل" فى مصر إذن كلمته من "رأسه" وليس من "الخارج"، كما قال أبو إسماعيل.. وهى ظاهرة جديرة بالتأمل، ولعلها تكون مشجعة للتيارات الوطنية، إذ يظل الرأى العام المعتد بذاته وينزع نحو الاستقلالية، دافعًا للمرشحين على مخاطبته ووضع الخطط والأجندات التى يرى بأنها تحقق أحلامه وأشواقه.. وتُبقى على الخطاب السياسى داخل السلطة أو خارجها محتفظًا بروحه ونفسه الوطني.. ويظل الشعب المصري.. هو "قبلة" التواقين إلى المقعد الرئاسى.. بدلا من كسب ود السفارات الأجنبية، كما حدث من البعض مؤخرًا. [email protected]