بعث الطالب أيمن موسى بكلية الهندسة الجامعة البريطانية، برسالة مؤثرة ومبكية من داخل محبسه؛ بعد أن تم حبسه لما يزيد على 3 سنوات، وتم الحكم عليه بتهمة التظاهر بدون تصريح؛ بالسجن 15 عامًا، بعنوان "صيفي الآن"، ويروي فيها تفاصيل قضائه لساعات الانتظار داخل "سيارة الترحيلات"، مقارنة لما كان يقوم به في الماضي خلال قضائه عطلة الصيف مع أهله. ونصت الرسالة على "صَيفي الآن" الصَيف.. أُغمض عينيّ وأسترجع ذكريات الصيف.. شعوري عند خروجي من بين أمواج البحر.. انعكاس ضوءِ الشمس على جسدي المبلل.. رياح الشاطئ تصطدم بجسدي فتُذهِب المياه من عليه شيئًا فشيئًا.. وتتبقى بعض القطرات، تتساقط من أنفي و تدخل فمي.. أشعر بملوحة المياه.. لون البحر الأزرق يحاوطني.. ويتلاشى من أمامي شيئًا فشيئاً.. وتابع موسي في رسالته: "-الآن- قطرة مياه تسقط من أعلى أنفي.. جسدي غارق في مياه مالحة لكنها لا تجف، بل تزداد! اللون الأزرق يحاوطني من كل جانب، ولا يوجد شعاع شمس حولي، ولا يوجد شعاع أمل بداخلي! أتابع القطرة تلو الأخرى وهي تسقط من أعلى أنفي و من ذقني.. تكاد أن تلمس الكلبش المتدلي من يدٍ واحدة - بلا فائدة - وتكمل القطرة طريقها حتى تقع على أرضٍ متسخة مليئة بأعقاب السجائر.. وأضاف "أتابع القطرات وهي تزداد!أُخرِج زفيرًا قويًا فتنتشر أمامي المياه في الهواء.. أفك أصابعي المتشابكة و أضعها على فخذي. أرفع رأسي المنحني و أقف..كادت رأسي تصطدم بسقف عربة الترحيلات! آخذ خطوة نحو الشباك أمامي.. ما زالت العربة تقف أمام إحدى السجون الأخرى، تنتظر أن تلتهم بشرًا أُخَر. وأوضح "تمنيت ألا يكون مُدَخنًا، فلا يوجد أكسجين هنا أريح كفي على الحديد الأزرق و أنتزعها سريعًا.. كادت أن تحترق! آخذ شهيقًا عميقًا من أمام الشباك كي أجبر جزيئات الهواء على دخول العربة.. هذه العربة التي أسير بها بين الناس ولا يشعر بي أحد.. ذاهبٌ إلى سجنٍ آخر كي أمتحن ما لا أطيق! يوشك الصيف على الانتهاء ويوشك حلمي على الانتهاء معه.. حلمي بأن أكون مهندسًا.. ألا يكفي تحطيم حلمي الآخر؟! أن أُسعد أبي بهذه الشهادة.. ألا يكفي موته حزنًا عليّ؟ تنزلق دمعة من عيني وتندمج مع قطرات عرقي المالح.. أستدير كي أعود إلى بحري الخاص منذ أكثر من ألف يوم، وأجبر روحي على الغرق فيه!.