تشير استطلاعات الرأي في الولاياتالمتحدةالأمريكية، خلال الأيام الأخيرة إلى أن المرشح الجمهوري لانتخابات الرئاسة، دونالد ترامب خسر ما يصل إلى 15% من شعبيته لصالح منافسته الديمقراطية هيلاري كلينتون، كما يتأخر عنها بنسبة أكبر من 10% في استطلاعات الرأي في الولايات المتأرجحة مثل بنسلفانيا ونيوهامبشير بحسب تقرير لصحيفة "الجارديان" البريطانية. وخلال الأسبوع الماضي، أعلن عدد من رموز الحزب الجمهوري بوضوح، من بينهم ممثلون سابقون للحزب في الكونجرس بالإضافة إلى أحد كبار المانحين وعضوتين بارزتين في الحملة النسائية، عن أنهم سيصوتون لهيلاري كلينتون في انتخابات الرئاسة التي تُجرى في نوفمبر القادم. الجمعة الماضية، أعلن الرئيس الأسبق لوكالة الاستخبارات المركزية، مايكل موريل، عن تأييده لكلينتون في مقال رأي نشرته صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، قال فيه "ترامب ليس فقط غير مؤهل لهذا المنصب، بل هو يمثل خطراً على الأمن القومي لبلادنا". ارتباك في صفوف الجمهوريين ارتبك الجمهوريون بشدة نتيجة لعثرات الأسبوع الماضي، كما يشعرون بالقلق حيال كيفية احتواء الأضرار والتراجع الذي سيؤثر على أصوات الناخبين في نوفمبر القادم في انتخابات الرئاسة، خاصة مع اشتداد السباق على مقاعد الكونجرس، إذ يتسابق الكثير من الجمهوريين لإعلان عدم تأييدهم لمرشح حزبهم، مثل مايك كوفمان، عضو الكونجرس عن ولاية كولورادو لأربع دورات متتالية، والذي يُعلِن صراحة ويتعهد بأنه سيقف في وجه ترامب. وكان الهجوم الذي شنه ترامب على عائلة خان، وهما والدا أحد الجنود الأميركان المسلمين الذين ماتوا في حرب العراق، الأكثر ضرراً عليه، إذ أشار أحد الجمهوريين المقربين من حملة ترامب أن هذه المرة تختلف تماماً عن تصريحات ترامب السابقة المثيرة للجدل والتي لم تؤثر عليه أمام مؤيديه، إذ قال عضو الحزب الجمهوري "لا يمكنك أن تغضب عائلات العسكريين، وهو أغضبهم تماماً بما قاله". ذكر المصدر الجمهوري أيضاً أن حملة ترامب يبدو وكأنها تسير بلا توجيه حقيقي، وأن مدير الحملة بول مانافورت، لا يبذل كل ما لديه في الحملة، في المقابل، يبدو أن مانافورت قد بدأ بالفعل في إلقاء اللوم على مرشحه علناً، إذ قال في تصريح لشبكة فوكس الاخبارية "حسناً، قبل كل شيء، فالمرشح هو من يدير حملته. أنا أفعل ما يريدني أن أفعله في الحملة". عندما هاجم ترامب عائلة خان، لم يتحرك أحد من داخل معسكره بالسرعة الكافية لحل ذلك الجدل. وفي الوقت الذي يسافر فيه ترامب عبر البلاد، في حين يظل الجزء الأكبر من حملته في برجه بنيويورك، لم يكن أحدهم بجانب ترامب لحثه على تهدئة خطابه. وأشار المصدر الجمهوري إلى أن مشكلة ترامب تكمن أنه "في مرحلة ما لن يجد ما يكفي من الناس لسبهم ومهاجمتهم وبالتالي مواصلة نجاحه". انشغل عن كلينتون ولم تدمر المشكلة الأخيرة مع عائلة خان ترامب شخصياً فقط، بل كانت أيضاً تعني تفويته لفرص متكررة لانتقاد هيلاري كلينتون، والتي زعمت الأحد الماضي أن مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي جيمس كومي برّأها من قضية استخدام بريدها الإلكتروني الخاص لتبادل مراسلات رسمية أثناء عملها كوزيرة للخارجية. وكان ترامب قد تناول الأمر أكثر من مرة في مؤتمراته الانتخابية، إلا أنه لم يظهر على السطح بسبب خروجه عن السياق وحديثه في أمور أخرى. ربما لا يكون التصريح الأكثر ضرراً لترامب في الأيام الأخيرة هو هجومه على عائلة خان، بل إن رفضه لتأييد بول رايان، فتح الباب أمام خلاف دائم بينه وبين قواعد الحزب وهو ما حاول تداركه اليوم السبت ليعلن تأييده لبول رايان. ولا يعد رايان أعلى الجمهوريين انتخاباً في البلاد فحسب، بل هو أيضاً صديق مقرب من رينس بريبوس، رئيس اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري. وكانت اللجنة الوطنية للحزب الجمهوري قد عملت لتأكيد عدم وجود محاولات أخيرة لإقصاء ترامب من الانتخابات، وعملوا بجد لتقديم أوراق اعتماده كمرشح ذي مصداقية. ونتيجة للضجة التي نجمت عن عدم تأييد ترامب لبول رايان، قرر حاكم ولاية إنديانا الجمهوري مايك بينس عدم تأييد مرشح حزبه، ليزيد من حالة النبذ السياسي التي يواجهها ترامب. ويواجه ريان مرشحاً يمينياً الأسبوع القادم على مقعد ولاية ويسكونسن في الجولة الأولى، ومن المتوقع أن يفوز بسهولة أمام خصمه الذي ردد خطاب ترامب الداعي لترحيل جميع المسلمين من الولاياتالمتحدة، إلا أن تلك المنافسة ستشغل الصراع داخل العائلة الجمهورية. عمّق خلاف الحزب وعمّق ترامب من الخلاف الداخلي في الحزب بسبب لقاء أجراه مع صحيفة واشنطن بوست الأميركية رفض فيه تأييد جون ماكين، سيناتور ولاية أريزونا، والذي يعد من أبطال الحرب ومرشح الحزب الجمهوري لعام 2008. هاجم ترامب أيضاً كيلي أيوت، سيناتور ولاية نيوهامبشاير، والتي تعد بمثابة النجمة الجمهورية الصاعدة التي تستعد لإعادة انتخابها، لأنها لم تدعمه، كما وصفها ب"الضعيفة". في نهاية المطاف، في جمع حاشد بجرين باي بولاية ويسكونسين الجمعة الماضية، أيد ترامب هؤلاء المرشحين الثلاثة في بيان متكلف قرأه من ورقة مطبوعة، ذكر فيه أنه يؤيد ويدعم المرشحين الجمهوريين الثلاثة بشكل كامل، على الرغم من أنه أشار إلى أنه "ربما يختلف مع رايان في بعض الأشياء". وغيّر ترامب من تصريحاته السابقة وقال بأن ماكين "يحظى ببالغ التقدير من جانبه"، بعدما قال خلال العام الماضي أن سيناتور أريزونا، الذي خضع لتعذيب متكرر أثناء حرب فيتنام، ليس "بطل حرب" لمجرد أنه وقع في الأسر. نزاعات داخلية ومع تزايد النزاعات الداخلية، يرى بعض الجمهوريين ميزة –وأملاً- في ذلك لإبعاد أنفسهم عن ترامب. وكان بول رايان قد أرسل بريداً إلكترونياً بالفعل لجمع التمويل، حذّر فيه من وصول كلينتون للرئاسة دون دعم الأغلبية الجمهورية في الكونغرس لرئاستها. علاوة على ذلك، بسؤال أحد الجمهوريين البارزين في نيوهامبشاير عن تصريحات ترامب الأخيرة بشأن كيلي أيوت، رأى الجمهوري في ذلك الهجوم ميزة قد تسمح لها بأن تنأى بنفسها عن ترامب في سعيها للحصول على أصوات المستقلين والنساء في ضواحي الولاية. ويبقى السؤال القائم هو: هل هناك ما يساعد ترامب ليتعافي من ذلك الأسبوع المروع؟ يقول أحد المساعدين البارزين الذين عملوا في حملة أحد منافسي ترامب الجمهوريين في الانتخابات التمهيدية "أظن أن الأمر واضحٌ الآن، هناك اثنان من المرشحين المعيبين بشكل كبير، ومن يتحدث أقل خلال ال90 يوماً القادمة من المرجح أن يفوز، إذا كنت ضمن فريق ترامب، كنت لأحاول أن أرسله ليلعب الجولف في إسكتلندا لفترة من الوقت".