هناك حساب على الفيسبوك يحمل هذا الاسم: "افكادوا دوبرمان - דף הביתד ף הבית". والصورة الشخصية الخاصة بصاحب الحساب، وصورة البروفايل هما لوزير الحرب الإسرائيلي "أفيجدور ليبرمان". تلك الصفحة راجت بشكل واسع منذ إعلان نبأ وفاة العالم الدكتور أحمد زويل، ومن يفعلون ذلك هدفهم تأكيد علاقته بإسرائيل التي تعزي فيه عبر وزير حربها، وأيضا تأكيد مشاركته في تطوير منظومة الصواريخ المزعومة - حتى الآن - لديها. هناك من أرسل لي الصفحة للتدليل على أن زويل لا يستحق الثناء، علاوة على مواد أخرى تعكس آراء شخصية لأصحابها يقدمها لي من يجتهد في تشويهه بعد وفاته باعتبارها الحق الذي لا يأتيه الباطل بشأن عمالته للكيان الصهيوني. لفتت انتباهي تلك الصفحة، وقد تشككت في أمرها بعد أن قرأت نص العزاء، وتوقفت أمام اللغة المكتوب بها، كما توقفت أمام لغة منشورات الصفحة، وقلت إنها مشبوهة، بل غالبا كاذبة، ولم أقطع فورا بأنها كاذبة رغم يقيني في ذلك، وقلت سأبحث وراءها. أحدث منشور على هذه الصفحة هو العزاء الحميم جدا للدكتور زويل، وهو منسوب للوزير الإسرائيلي المتطرف ليبرمان، ومن يقرأه سيتضايق بالطبع، وكان كالتالي: " #شكرا_زويل نيابة عن الحكومة الإسرائيلية أقدم خالص التعازي للشعب المصرى الشقيق في وفاة عالم نوبل "أحمد زويل" والفائز بجائزة وولف الإسرائيلية WOLF Prize في الكيمياء عام 1993. نحن لا نقل فخراً مثلكم بعالم جليل مثل زويل، ونعتبره أخ شقيق لنا حيث ساعد علماءنا في تطوير منظومة القبة الدفاعية الإسرائيلية من خلال بعض الخدمات التى قدمها عبر منصبه العلمي بالولايات المتحدةالأمريكية، وقد كرمه الرئيس الإسرائيلي السابق بنفسه عام 1993 بشكل رفيع المستوى بمقر الكنيست الإسرائيلي أثناء حضوره حفل تسليمه جائزة وولف فونديشن الإسرائيلية في الكيمياء بحضور السيد وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق عزرا وايزمان، وهى أعلى جائزة علمية في إسرائيل وقدرها 100 ألف دولار معفاة من الضرائب. زويل فخر للبشرية كلها والشعب الإسرائيلي يعتز به كثيراً. #شكرا_زويل" هذا نص العزاء، ومرفق معه صورتان، واحدة وهو يصافح شخص ما، والثانية وهو يتحدث، وهناك أشخاص إلى جواره، وأعلام إسرائيلية، لكن ليس واضحا أين هذا المكان بالضبط ؟. هناك عدة ملاحظات ضرورية نسجلها عن الصفحة والعزاء: الأولى : "افكادوا دوبرمان - דף הביתד ף הבית "، اسم الصفحة، وبالبحث وجدت أن الكلمة المكتوبة باللغة العبرية معناها "الصفحة الرئيسية"، أما العبارة المكتوبة باللغة العربية، فهى ليست اسم "أفيجدور ليبرمان" وزير الحرب ورئيس حزب "إسرائيل بيتنا" المتطرف، الاسم المكتوب مختلف تماما عن اسمه، وبالتالي هذا اسم مختلق حتى لو كانت صورة البروفايل والصورة الشخصية للحساب هما ل ليبرمان، ومن زيف الصفحة لم يكن مهنيا وذكيا، على الأقل كان يجب أن يكتب الاسم الحقيقي "أفيجدور ليبرمان"، وليس "افكادوا دوبرمان". الثانية: لزيادة التأكيد كتبت اسم "أفيجدور ليبرمان" بالعربية في الترجمة على "جوجل" فأعطاني الاسم بالعبرية، ولم تكن أحرفه مثل أحرف اسم "افكادوا دوبرمان"، وهذا يؤكد أن الاسم الموجود على الحساب مزيف. ثالثا: دخلت على جوجل للبحث عن "افكادوا دوبرمان"، فربما يكون له صلة ما باسم الوزير الإسرائيلي، فوجدت مواد منشورة في صحف ومواقع مصرية في 18 يونيو الماضي تؤكد أن الصفحة التي تحمل هذا الاسم مزيفة، أي أن هناك من تشكك في الأمر قبلي، وبحث، ووصل لنفس النتيجة. رابعا: بالبحث في معنى "افكادوا دوبرمان"، سواء كان اسما أو كلمة، فلم أجد لها معنى واضحا ، وقد وجدت أن "افكادوا" منفردة أعطت معنى فاكهة "الأفكادو"، و "دوبرمان" منفردة أعطت معنى نوع من أنواع الكلاب الأليفة، وللتأكيد أكثر حولت الاسم الذي بلا معنى إلى أحرف بالعبرية، وذهبت إلى جوجل للبحث عن مواد تتعلق به فلم يجد أي معنى للاسم أو الكلمة. خامسا: عندما وجدت ترويجا للصفحة لدى من ينهشون لحم زويل ميتا، ويقدمونها كدليل على علاقته بإسرائيل التي تعزي فيه، طالعت عددا من منشوراتها، واستنتجت وأنا مطمئن أنها مزيفة لأسباب عديدة منها اللغة المستخدمة، فهى لا يمكن أن تكون ترجمة عن العبرية، إنما لغة شخص يتقن العربية ويكتب بطريقة متعمدة لتشويه من يتحدث عنهم في منشوراته سواء شخصيات أو حكومات أو جهات حيث يبرز مدى حميمية العلاقة بين من يستهدفهم وبين إسرائيل، وليس من ذكاء الساسة في إسرائيل أن يحرقوا من يتعاملون معهم بهذه الطريقة الفجة. سادسا: الأنكى أنني وجدت عليها منشورات خلال زيارة سامح شكري وزير خارجية مصر لإسرائيل تتابع وقائعها جيدا، وكأن ليبرمان يحل محل رئيس الحكومة نتنياهو، ويتفرغ ليسجل تفاصيل الزيارة، هل يُعقل أن يتدخل وزير في شأن يخص رئيس الحكومة ويظل يكتب ويشرح ويصف رغم أنه لم يكن طرفا في اللقاءات؟. سابعا: "خالص التعازي للشعب المصرى الشقيق"، "نحن لا نقل فخراً مثلكم بعالم جليل مثل زويل، ونعتبره أخ شقيق لنا" .. هاتان عبارتان وردتا في نص العزاء المفبرك، وهى ليست لغة الإسرائيليين في التحدث عن سواهم، شقيق، أخ شقيق، هذه لغة من يريد أن يبث رسالة بأن زويل له علاقة وثيقة بإسرائيل إلى درجة وصفه بأخ شقيق، حتى من كتب ذلك لا يدري أن أخ شقيق لا تستقيم هكذا. ثامنا: وحتى ينكشف التزييف، فإن العزاء يشير إلى أن زويل تسلم الجائزة من رئيس إسرائيل "بحضور السيد وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق عزرا وايزمان" ، وعيزرا وايزمان أو فايتسمان حيث تُكتب وتُقرأ على أي من الوجهين، كان هو رئيس إسرائيل آنذاك، ولم يكن وزيرا للدفاع، والمفترض أنه هو من سلمه الجائزة. تاسعا: يرد في نص العزاء المفبرك أن "زويل ساعد علماءنا في تطوير منظومة القبة الدفاعية الإسرائيلية"، وتقديري أن مصطلح "القبة الدفاعية" حديث عهد في إسرائيل، فقد ظهر بعد نجاح حماس في تطوير وإطلاق الصواريخ عليها ردا على اعتداءاتها على غزة، ولذلك نشأت فكرة إنشاء القبة الدفاعية أو القبة الصاروخية لحماية الغلاف، أي حماية المناطق المتاخمة لغزة وإسقاط الصواريخ قبل أن تصل لأماكن أبعد. عاشرا: بكل بساطة يسقط المروجون - وهم عناصر من الإخوان والإسلاميين للأسف - في فخ التزييف والترويج للأكاذيب والتضليل، وهم سعداء طالما أن ذلك سيخدم هدفهم، وهو الإمعان في التشويه غير المبرر للرجل بعد رحيله عن دنيانا. حادي عشر: روج هؤلاء أيضا فيديو من برنامج لإعلامية تُدعى مريم ذكي تتحدث في نفس القضية، وهى زيارة زويل لإسرائيل، وحصوله على جائزة منها، وتطويره المزعوم - حتى الآن وإلى أن يكون هناك تأكيد قاطع - لمنظومة الصواريخ الإسرائيلية، وكانوا سعداء بهذا الفيديو، رغم أن الإعلامية نفسها تصف في الفيديو جماعة الإخوان بالإرهابية، وتذكر مرسي باسم مرسي العياط، وتهين الإخوان بشكل لافت، وتستنكر أن يكون أخر قرار لهشام قنديل رئيس الوزراء في عهد مرسي عن تشكيل مجلس إدارة مدينة وجامعة زويل للتكنولوجيا يوم 3 يوليو 2013. إذن وحتى اللحظة الأخيرة قبل العزل كان مرسي يتعامل مع زويل، ومع مشروعه، ولم يضع في اعتباره ما يدعيه إخوانه اليوم، وهنا لماذا لا ينتقدون مرسي على هذا القرار، وعلى استقباله وترحيبه بزويل في الرئاسة، وعلى فتح كل الأبواب أمامه، ولماذا لا يلومون إعلامهم الذي كان يحتفي به خلال وجودهم في الحكم، وإشادة قادتهم به وبعلمه وبمشروعاته المنتظرة لمصر طالما صار اليوم عميلا صهيونيا قاتلا للفلسطينيين بالصواريخ التي طورها!.